عبادة تجتمع فيها الطاعات والقربات.. اغتنم سنة الاعتكاف. محيط إيمان الخشاب ما أجمل أن يترك الإنسان الدنيا وراء ظهره بكل ما فيها من مباهج واحزان ويمضى ولو القليل من الوقت لمناجاة ربه والتقرب منه، ويجعل من عمره ساعات يقضيها بين مناجاة خالقه وطاعته وينشغل بآخرته ليقوى إيمانه ويزيد يقينه، ويعلم حقيقة هذه الدنيا وزوالها . ولأن ديننا شامل كل شىء ولا يفوت امراً فقد منحنا نعمة كبيرة وهى "الاعتكاف" عبادة يجتمع فيها الطاعات والقربات كتلاوة القرآن والصلاة والذكر والدعاء وغيرها .. ونحن نعيش أيام مباركة ونوشك ان نودع شهر كريم يأتى الاعتكاف ليكون افضل الاعمال التى يقوم بها المسلم فى العشر الآواخر من رمضان . يقول بن جبرين: إن الحكمة من الاعتكاف الانقطاع عن الدنيا، وعن الانشغال بها وبأهلها، و التفرغ للعبادة، و الاستكثار منها، وعن عبادة الاعتكاف وما يستحب فيها يحدثنا الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق ويقول : لاشك ان الاعتكاف سنة وقربة نتقرب بها إلى الله جل وعلا ، وأشار القرآن الكريم اليه في مواضع عدة من ذلك قوله تعالى "وطهر بيتي للطائفين والعاكفين" وقوله تعالى " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد" . ولذا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم حافظ على الاعتكاف وحرص عليه في رمضان، حتى إنه لما تركه سنة من السنوات، اعتكف في شوال تعويضاً له وذلك لفضله ومنزلته. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان " متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده. الشيخ نصر فريد واصل والاعتكاف ليس فقط ان تلزم المساجد بل له احكام وفروض جدير بالمسلم الحريص على الاعتكاف أن يحرص على معرفتها ليزداد بذلك بصيرة واتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم ، كأن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون، أو ان يعتكف في غير رمضان في حالة عدم استطاعته الاعتكاف في رمضان كما فعل عليه الصلاة والسلام عندما اعتكف في شوال لعدم اعتكافه في رمضان، وخلال اعتكافه عليه الإكثار من الطاعات كالصلاة وتلاوة القرآن والذكر واجتناب ما لا يعنيه من الأقوال فيجتنب الجدال والمراء والسباب ونحو ذلك. والله المستعان. ويقول الدكتور عبد المعطى بيومى العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر وعضو المجمع البحوث الإسلامية: موسم رمضان موسم عظيم لمن أراد النجاة وسعى إلى فكاك رقبته من النار ففيه تنوع العبادات وتضاعف الحسنات ومن خصائص هذا الشهر العشر الأواخر منه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها ، فعن عائشة رضي الله عنها : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهدُ في غيره )) .و قالت ايضاً : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشرُ شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله )) ومن الأعمال التي يعملها في العشر الأواخر الاعتكاف ، والمقصود به هو لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله عز وجل ، وهو من سنة ثابتة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : (( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ )) وعن عائشة رضي الله عنها : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ، ثم اعتكف أزواجه من بعده )). وقد يغفل الناس عن هذه السنة المهجورة التي يقل العمل بها قال الإمام الزهري رحمه الله : "عجباً للمسلمين ! تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل "، ففى هذه الأيام المباركة ادعو كل مسلم إلى إحياء هذه السنة العظيمة وعلى العلماء وخطباء المساجد حث الناس عليها والترغيب فيها ، ولتنفيذ ذلك ابدأ بنفسك فإن الدنيا مراحل قليلة وأيام يسيرة ، فتخلص من كل قيود الدنيا حتى لا يفوتك هذا الخير العظيم .
ويقول الدكتور مصباح منصور استاذ الدعوة بجامعة الازهر: الاعتكاف سنة مؤكدة فى أي وقت تستطيعه، فللمسلم أن يبتديء الاعتكاف متى شاء وينهيه متى شاء ، إلا أن الأفضل أن يعتكف في رمضان خاصة العشر الأواخر منه فإذا صلى فجر يوم الحادي والعشرين من رمضان داخل المعتكف وظل في المسجد حتى خروجه إلى صلاة العيد وهذا وقت انتهائه المستحب . وأرى ان الاعتكاف فرصة عظيمة وساعات قليلة يستفيد بها المسلم من هذا الانقطاع والبعد عن الناس ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلباً لفضله وثوابه وإدراك ليلة القدر، فعلى المعتكف ان يحرص على الذكر والقراءة والصلاة والعبادة وتجنب ما لا يعينك من حديث الدنيا، ويجوز أن نتحدث خلال اعتكافنا بحديث مباح مع الأهل أو غيرهم لمصلحة لحديث صفية أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً فأتيتُه أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت لأنقلب ، أي تنصرف الى منزلها ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معي .