موافقة غالبية السويسريين على منع إقامة المآذن في الإستفتاء الذي جرى أول أمس أثارت ردود فعل معارضة ليس من جانب منظمات وجمعيات إسلامية فحسب ولكن في أنحاء متفرقة فى أوروبا، وكذلك من قبل الفاتيكان. يأتى هذا في الوقت الذي لم يصدر أي رد فعل رسمي في العالم الاسلامي على نتيجة هذا الاستفتاء حتى أمس الإثنين ، فى حين أعرب عدد من المسؤولين الأوروبيين عن أسفهم لنتيجة التصويت وعن خشيتهم من عواقب مثل هذا القرار، وانضم الفاتيكان إلى الصفوف المعارضة لهذا القرار منتقدا موقف الأساقفة السويسريين ومعتبرا أن حظر بناء المآذن "ضربة قاسية لحرية المعتقد". وكان الأمين العام للمؤتمر الأسقفي السويسري المونسنيور فيليكس جمور قد أعلن أن أساقفة سويسرا مستاؤون، وأضاف أن المجمع الفاتيكاني الثاني قال بوضوح أنه من المسموح لكل الديانات بناء أماكن عبادة، والمآذن هي أماكن عبادة ، وأن ما حدث ضربة قاسية لشعبية المجتمع السويسري". وفي جدة، أعرب الامين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي في بيان عن "خيبة أمله وقلقه إزاء نتيجة الاستفتاء"، وفي نفس السياق أدان المرجع الديني الشيعي اللبناني السيد محمد حسين فضل الله أمس الأثنين نتيجة الاستفتاء، وقال في بيان "أن حملة دعائية استهدفت إثارة الرأي العام السويسري بهدف تقديم صورة مشوهة ومخيفة عن الإسلام". وأضاف "ان التحريض المتواصل الهادف إلى إيجاد حالة من العنصرية في الغرب ضد المسلمين من شانه أن يعود بالضرر على غير المسلمين. وحذر المرجع الديني المسلمين من أن يندفعوا باتجاه العنف تحت وطأة ذلك، داعيا إياهم الى أن يكونوا إيجابيين مع مواطنيهم السويسريين، حتى مع الذين صوتوا لصالح قرار منع المآذن في سويسرا. ورأت جمعية نهضة الأمة الرئيسية في أندونيسيا في الاستفتاء مؤشرا على "الكراهية" و"اللاتسامح"، لكنها دعت بالمثل إلى ضبط النفس. وفي باكستان اعتبر خورشيد أحمد نائب رئيس الجماعة الإسلامية وعضو البرلمان أن الاستفتاء يعكس كراهية شديدة للاسلام . بينما رأت جماعة الدعوة التي تعتبر الجناح السياسي لمجموعة "عسكر طيبة" المسلحة المحظورة في القرار "انتهاكا لمبادىء التعايش والتسامح الديني". وأعرب الأوروبيون عموما عن أسفهم لنتيجة الاستفتاء الذي أيد فيه 57,5% من السويسريين دعوة اليمين لمنع المآذن، معربين عن خشيتهم من تبعاته لا سيما وأن التظاهرات والاضطرابات التي وقعت في عامى 2005 و2008 بسبب نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في الدنمارك لا تزال ماثلة في الأذهان. وعبر وزير الهجرة الفرنسي أريك بيسون عن الاستياء الغربي بقوله : "لا ينبغي إعطاء شعور باستبعاد ديانة بعينها، كالاسلام ". وكذلك أعربت الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي عن استغرابها لطرح الأمر أصلا على استفتاء، وقالت وزيرة الهجرة السويدية نيامكو سابومي " إن لدى سويسرا نظام استفتاء شعبيى رائع لكن يساء استخدامه أحيانا، كما في هذه الحالة بعينها". واضافت الوزيرة وهي من أصل افريقي "ما من مشكلات بين المسلمين والأوروبيين في الاتحاد الأوروبي المسلمون هم أوروبيون". لكن فولفجانج بوسباخ راى القيادي في حزب المستشارة الألمانية انجيلا ميركل (الاتحاد المسيحي الديموقراطي) قال إن التصويت يعكس الخشية من أسلمة المجتمع وينبغي "التعامل مع هذا بجدية". وكذلك أعرب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عن صدمته لما وصفه بأنه تعبير عن "عدم قبول الآخر". وفي جنيف نفسها، عبرت المقررة الخاصة لحرية المعتقد في الأممالمتحدة اسماء جهانجير عن "بالغ قلقها" أمام ما اعتبرته "تمييزا واضحا"، كما أعرب برلمان مجلس أوروبا كذلك عن قلقه. وفى المقابل لم يعلن تاييده لنتيجة الاستفتاء السويسري سوى بعض السياسيين الإيطاليين ومن بينهم وزير ومسؤول اقليمي وكذلك حركات اليمين المتطرف في فرنسا والنمسا، والنائب الهولندي اليميني المتطرف جيرت فيلدرز الذى وصف نتيجة الاستفتاء السويسري بأنها "رائعة"، وقال أن حزبه سيطالب الحكومة الهولندية بالعمل على اتاحة تنظيم استفتاء مماثل، حتى ولو كان الدستور الهولندي لا يبص على تنظيم استفتاءات من هذا النوع. وتتوالى ردود الأفعال الأوربية فى غياب مؤسف لردود الفعل المؤثر على المستوى العربى والإسلامى .