[image] وكالة البلح قبل الثورة: الحال واقف والسبب الغزو الصيني والكساد.. وكالة البلح بعد الثورة: الحال واقف والثورة لم تأتي إلا بالخراب..
أيهما نصدق، والسؤال الأحري: ماذا نصدق عندما يكون السؤال واحدا والإجابة واحدة .. ولكن الأسباب مختلفة، رغم أن المكان واحد والناس كما هم لم يتغيرو .. فقط قامت ثورة، وبالمقابل انطلقت الآلة الإعلامية الجهنمية للنظام البائد، لتقوم بأكبر عملية غسيل مخ للشعب الجاهل فى غالبيته، غير المثقف في معظم طبقاته، ولينتهي به الأمر بأن يكفر بثورته التى أراد صناعها أن ينقلو أبناء هذا الشعب من مرحلة البهيمية ... إلى حياة الحرية حتى لو كان الثمن قليلا من الجوع وافتقاد الأمن. وبمزيد من التحديد، اقترابا من عينة إنسانية من قلب مصر، اشتهرت باسم "وكالة البلح"، التى تعتبر أشهر "بوتيك" ملابس للفقراء وأبناء الطبقة الوسطى الباحثين عن بضاعة نصف فاخرة تناسب أذواقهم ومستواهم الاقتصادي. فى مثل هذه الأيام قبل نحو ثلاثة أعوام من الآن، كانت وكالة البلح تعج بالبشر، بحيث لا تستطيع أن تجد لقدميك موطئا، وسط الأمواج المتحركة من البائعين وزبائنهم من محتلف المستويات، والمعروف عن سوق وكالة البلح احتوائها علي أنواع لا حصر لها من البضائع من الابرة للصاروخ فبوكالة البلح شوارع متخصصة لبيع المفروشات المنزلية والأقمشة وشوارع أخري لبيع المستلزمات المنزلية وكل ما يمكن أن تحتاجه عروس علي مشارف الزواج تجده هناك وكذا الملابس المستعملة بأسعار تنافس الأماكن الكبري ... وفى محاولة منا لوضع أيدينا على الفرق بين الحياه الاقتصادية قبل الثورة وبعدها، قررنا البدء بالرجوع إلى أرشيف الجريدة الذي ضم تحقيقا سابقا عن "وكالة البلح" لكي يكون بمثابة نقطة انطلاق ومقارنة بين الحال فى أسواق مصر قبل وبعد الثورة. الوكالة بعد الثورة وبمجرد دخولنا إلى السوق، كان السؤال واحدا للجميع: ما هو حال البيع والشراء؟ وكانت الإجابات كما يلي: يقول "هاني جرجس" - تاجر قماش أن الحال على مدي شهور مضت وبالتحديد من بعد الثورة أصبح غير الحال وحركة البيع والشراء قلت جداً فالناس أصبحت أكثر خوفا من المخاطرة بما معها من أموال، بحيث تفضل إبقائها تحت البلاطة كما يقولون، على أن تقوم بإنفاقها إلا فى المصاريف اليومية التى لا غني عنها. ويضيف "حبيب متي" - عامل بمحل آخر أن المحلات اصبحت خالية من الزبائن بعد الثورة والديون تزداد علينا يوماً بعد يوم، مؤكدا أن الثورة لم تغير حياتنا الإ للخراب. الحاج أبو عصام: وبعد تنهيدة عميقة يقول: الآن .. أصبحت الوكالة تبحث عن زبائنها دون جدوي .. لقد تغيرت الأحوال على مدي عام ونصف من الاضطراب والفشل في إدارة البلاد، مما انعكس على أحوال معظم أسواق البلاد فى القاهرة والأقاليم على حد سواء، وما يصيب المرء بالذهول أنه وبالرغم مما يقدمه من ميزات للزبائن من أسعار مميزة وعرض كل المنتجات التي يمكن أن يتخيلها أحد. الوكالة قبل الثورة: إلى هنا انتهت جولتنا التى جعلتنا نتلفت يمينا ويسارا... أليست هذه هي ذات السوق التى شكا تجارها من الكساد وانخفاض حركة البيع والشراء قبل الثورة بعامين فقط؟ والسطور التالية تتضمن أقوال تجار الوكالة ذاتها، ولكن قبل الثورة، ومن بين السطور القادمة تتكشف الحقيقة عارية كالشمس: يقول الحاج محمود لمعي صاحب محل بالوكالة: "طوال ال 12 سنة الماضية كانت الأسواق المجاورة لنا متوقفة، وكنا في الوكالة مطمئنين إلى أن الزبائن سيأتون إلينا، وأصبحنا الآن نجلس أمام المحلات في انتظار زبون واحد، لم نصدق أنفسنا ونحن نرى هذا الكساد يمر بالوكالة، فهذا التوقيت من كل عام كان يشهد نشاطا تجاريا كبيرا طوال ال 60 عاماً الماضية". ويرجع الحاج لمعي أسباب الكساد إلى دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية للعراق، مشيرا إلى أن حالة الكساد ورطته وكثيرين من التجار في توقيع شيكات مقابل بضاعة اشتروها من أحد مصانع الإسكندرية المتخصصة في توريد ملابس رخيصة، لكن حالة الكساد دفعت عدداً كبيراً من تجار الوكالة للإفلاس. ويقول مينا متي – تاجر أقمشة: في وكالة البلح ثلاث مناطق نفوذ هي منطقة "واجهة الوكالة" القريبة من شارع 26 يوليو "فؤاد الأول سابقا" ومنطقة "سرة بولاق" ومنطقة "الأحمدين".. منطقة "الواجهة" هي الأخطر في وكالة البلح، لأنها الأكثر عرضة لهجمات شرطة المرافق البلدية المتكررة، والتى لا تتوقف إلا بعد حصولهم علي "المعلوم"...!!!! بعد فوات الأوان: الإجابات واحدة إذن.. فقط اختلفت الظروف، قامت ثورة فى البلاد ولكن أعداء الثورة استغلوا سلميتها وقاموا بثورتهم المضادة، التي كان من أهم أدواتها تعطيش السوق وإشعال النار فى المصانع ونشر بلطجية الداخلية فى الشوارع، حتى كفر الناس بالثورة وراحوا يتضرعون لرموز النظام البائد لكي يعودوا وينقذوهم من الجوع والفقر والبلطجة، رغم أن هذا النظام نفسه هو الذي أذل المصريين داخل وخارج مصر، وأفقرهم لصالح أعدائهم فى المنطقة وخارجها، وهي الحقيقة التى وحده التاريخ سوف يكشفها ولكن نرجو ألا يكون ذلك بعد فوات الأوان.