مستنى 25 يناير وأكنه عيد ... مستنى أفرح واتزف ... ويكون إسمى شهيد ... أنا عاوز أجيلكم واشوف الفرحة فى عيونكم ... لما نحرر مصر وتتحقق آمالى وآمالكم ... سيبتونى ومشيتوا والحمل كان تقيل ... بس لاجل مصر ولاجل القاكم ماحستش إلا بفراقكم ... مش هاعتب عليكم علشان سبقتونى وارتحتم ... ما انا كمان هاجيلكم و افرح وافرًّحكم ... إخواتنا هاتعيش بكرامة وحرية ... وبلدنا سابوها الحراميه ... وبناتنا ستروها اخواتنا من إيد العسكر أبو عصايا و بندقية ... هذه كانت آخر كلمات كتبها الناشط السياسي - الشهيد "محمد جمال" - على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، قبل أيام قليلة من استشهاده وبعد شهور قليلة من مشاركته لرفاقه من شباب الثورة فى حفل لتأبين شاب آخر راح ضحية رصاص العسكر هو "مينا دانيال"، وقد شهد الحفل قسم "محمد جمال" على أنه متأكد من أنه الشهيد القادم وكأنه كان يشعر بدنو أجله.. حيث قال بالحرف – كما يظهر فى الفيديو المسجل له: "ماتعيطوش على مينا .. ده أنا الشهيد اللى جاى". محمد .. "فارس النيل" .. كما كان يصف نفسه .. "جو المصري" .. كما كان يلقبه رفاقه، وهو أيضا عضو "ائتلاف لجان الدفاع عن الثورة"، لقى مصرعه قبل أن يشهد اشتعال الثورة الثانية، على أيدى "مجهولين" ترصدوا له فى الساعات الأولى من فجر يوم الأحد 22 يناير، أثناء انتقاله من مقر اعتصام المستشارين والقضاه المعتصمين أمام مكتب النائب العام، إلى ميدان التحرير، فى طريقه لتنسيق فعاليات يوم الخامس والعشرين – موعد الثورة الثانية. ولنترك الحديث على لسان المستشار أحمد الجارحي – أحد القضاه المعتصمين - أن "جمال" تركهم بعد أن شارك فى المناقشات المستمرة بشأن فعاليات الاعتصام المستمر حتى يتم تطهير المؤسسات القضائية التى لا تزال خاضعة لفلول النظام البائد، وما هى إلا دقائق حتى فوجئ وزملاؤه بجمال يعود إلى موقع الاعتصام خلف دار القضاء، بخطوات متثاقلة ممسكا برقبته الذبيحة والدماء تنزف من أنحاء مختلفة من جسده بغزارة، وفيما كان يحاول أن يشير إلي الطريق الذى سلكه وهو فى طريق عودته، سقط على الأرض ولفظ أنفاسه الأخيرة.. وسط ذهول كل من شهد الجريمة البشعة. وفور طيران الخبر الأليم كالنار فى الهشيم فى أوساط شباب الثورة، سرت حالة من الغضب العارم، وتصاعدت الدعوات للأخذ بثأر – ليس محمد فقط – ولكن كل النشطاء الذين راحوا ضحية أعداء الثورة، وهم كثيرون سواء فى الداخل أو الخارج، ففى الداخل هناك الغالبية العظمى من قيادات وزارة الداخلية التى لاتزال تشعر بالغل من الثورة التى أسقطت عرش طغيانها الذي استمر عقودا طويلة، وما مجزرة شارع الحرية – محمد محمود سابقا – بقيادة ضابط الشرطة "قناص العيون" منا ببعيد، وهناك عدد من قيادات المجلس العسكري التى لا تزال تدين بالولاء للنظام السابق وبالتحديد لقائدها الأعلى "محمد حسنى مبارك"، الذي باتت براءته وعودته إلى سدة الحكم أقرب من أى وقت مضي، وهناك فلول الحزب الوطنى المنحل، الذى تريد الانتقام من الشباب الذين كانوا السبب فى سقوطهم الذريع لأول مرة بعد تاريخ طويل من التزوير الذي ضمن لهم مقاعدها البرلمانية ومواقعهم السلطوية التى داسوا بها على رقاب الشعب طويلا ... وبالطبع هناك الأيدى القذرة لكل من هؤلاء الأعداء، وتتمثل فى البلطجية ومن يطلق عليهم "التحريات" الخاصة بجهاز أمن الدولة والداخلية... أما على المستوى الخارجي فهناك من الأعداء ماهم أخطر، وعلى رأسهم الكيان الصهيو – أميريكي، الذي يعلم القاصي والداني أنه ليس من مصلحته قيام دولة قوية فى المنطقة غير "إسرائيل"، وهناك دول الخليج بأكملها، وكلها عارضت الثورة منذ قيامها لدرجة أن بعضها طالب باستضافة الرئيس المخلوع .. على غرار ما فعلت السعودية مع مخلوع تونس "على زين العابدين". كل هذه الهموم وغيرها مما تنوء بحملها الجبال، كان "محمد جمال" وغيره من النشطاء – الأحياء منهم و"الشهداء" – يحملونها على أكتافهم .. ولكن إذا كان شباب الثورة ورجالها لا يعرفون – أحيانا – من أين تأتيهم الضربات، إلا أنه المؤكد أنهم لن يتنازلوا عن حقوق الشهداء منهم، ومن قبل ذلك حق هذا البلد فى أن يعيش حرا قويا مستقرا، استقرارا حقيقيا وليس استقرارا زائفا كما يريد له البعض .. استقرار يحمى الثورة ويحقق أهدافها .. وليس ذلك الاستقرار الذى يكرس بقاء رموز وسياسات وفساد النظام البائد، الذى دفع محمد وغيره حياتهم ثمنا لحربهم ضده. وفيما كشف القضاه الذين استشهد "محمد" على أيديهم، أن القتل كان اغتيالا مدبرا، وليس بغرض السرقة، فإنهم وكل الثوار فى هذا البلد قد أكدوا أن الرسالة التى أرادت جهة ما توصيلها إليهم مكتوبة بدماء الشهيد، قد وصلت وأن الرد عليها قادم عبر استمرار الثورة السلمية العظيمة الوحيدة فى التاريخ، التى تواجه الحرب من داخل حدود وطنها ومن خارجه أيضا. الغريب أنه وفى سياق محاولات تصفية الثورة عبر تصفية رموزها، لقى شهيد آخر مصرعه بالغربية وهو "كريم أبو زيد" وهو عضو بائتلاف شباب الثورة، فى حادث سيارة غامض ومفاجئ بعد استشهاد "محمد جمال" بساعات. جدير بالذكر أن آخر طلبات الشهيد من زملائه قبل وفاته بأيام، أن يقام عرض لحملة "كاذبون" بالقرب من منزله بمنطقة الشرابية، لكى يعلم أهله وجيرانه الحقيقة من الأكاذيب، فيما يتعلق بالمقولة الشهيرة": "الجيش حمي الثورة"...!!!!!!!!!!!! وأخيرا فقد كشف تقرير الطب الشرعي أن سبب الوفاة يرجع إلى نتيجة تعرض "محمد جمال" لطعنة نفذت عبر القلب وأدت إلى الوفاة التى حدثت الساعة 3_30|4_30 صباحا على بعد7 أمتار من مقر اعتصام القضاه.. وقد دفن الشهيد محمد فى مسقط رأسه بالغربية، فيما قرر النشطاء تشكيل لجنة مستقلة لكشف المسئولين عن الجريمة، بينما أعلن آخرون عن مسيرة جنازية رمزية بميدان التحرير .. قلب الثورة النابض. رابط صفحة الشهيد محمد جمال – عليه رحمة الله - على الفيسبوك: https://www.facebook.com/profile.php?id=100001772956951