حذرنا وسنبقى لنحذر كل الأنظمة القمعية فى العالم كله أن القوة لن تفيد مع شعوب لم يعد يهمها سوى أن تصبح حرة ولكن من الواضح ان بشار الأسد مازال يريد أن يواصل نهج سابقيه ولكن الشعب السورى يأبى أن يبقى خاضعا للقهر حيث تواصلت المظاهرات في جمعة جديدة بسوريا، تحت شعار جديد لهذا الأسبوع هو "إضراب الكرامة،" وأعلنت المعارضة سقوط ما لا يقل عن 15 قتيلاً حتى الساعة، بينما حذر "المجلس الوطني السوري" من ما قال إنها "مجزرة" يعتزم النظام ارتكابها بحمص، أما الرئيس بشار الأسد فكان في دمشق يواصل استقبال وفود داعمة له. وأشارت صفحات المعارضة السورية إلى وقوع مظاهرات في الكثير من المدن والبلدات السورية، على رأسها حمص وحماة ودير الزور وإدلب واللاذقية والحسكة وأحياء في دمشق وريفها. وقالت لجان التنسيق المحلية إن قوات الأمن أطلق النار على المظاهرات في عدة مناطق، ما أدى إلى سقوط 15 قتيلاً، بينهم سيدتان وأربعة أطفال وأربعة من الجنود المنشقين، وذلك في حمص وإدلب ودوما والصنمين ودرعا وأنخل. من جانبه أصدر المجلس الوطني السوري المعارض بياناً حذر فيه مما قالها إنها "نية النظام ارتكاب مجزرة في حمص." وقال المجلس في بيان له إن الدلائل الواردة عبر التقارير الإخبارية المتوالية والفيديوهات المصورة والمعلومات المستقاة من الناشطين على الأرض في مدينة حمص "تشير إلى أن النظام يمهد لارتكاب مجزرة جماعية بهدف إخماد جذوة الثورة في المدينة و 'تأديب' باقي المدن السورية المنتفضة من خلالها." وأضاف البيان: "يسوق النظام تبريرا لجريمته المحتملة هذه أحداث عنف طائفي عمل جاهدا على إشعال فتيلها بكافة الأساليب القذرة التي تضمنت حرق المساجد وقصفها وقتل الشباب والتنكيل بهم واختطاف النساء والأطفال. كما عمد اليوم في خطوة ذات دلالة الى حرق أنابيب النفط في حي بابا عمرو ليلصق التهمة بما يسميه 'العصابات المسلحة' في محاولة من جانبه لسحق المنتفضين السلميين بحجة الحرب على الإرهاب." واتهم البيان النظام السوري بحشد الآلاف من الجنود والكثير من الآليات العسكرية الثقيلة، محملاً دمشق وجامعة الدول العربية والنظام الدولي مسؤولية ما قد يحصل للمدنيين خلال الأيام أو الساعات القادمة و"تبعات ذلك على المنطقة ككل في المستقبل القريب." بالمقابل، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية إن خمسة من عناصر الأمن وأربعة مدنيين "أصيبوا إثر إطلاق نار عليهم من قبل مجموعة مسلحة قرب كراج الانطلاق بمدينة الصنمين،" كما أشارت إلى مقتل فتاة في طفس وجرح خمسة من عناصر الأمن بإطلاق النار عليهم. كما أبلغت الوكالة عن مجموعة من التطورات الأمنية، بينها تفجير وتفكيك عبوات في دوما وحماة، وانفجار عبوة في اللاذقية وأصبع ديناميت في البوكمال، مضيفة أن "الجهات المختصة في محافظة إدلب تمكنت من تحرير العميد عوض ابو نقطة مدير منطقة معرة النعمان بعد يوم من اختطافه على يد مجموعة إرهابية مسلحة." وفي دمشق، نقلت وكالة الأنباء السورية أيضاً أن الرئيس بشار الأسد استقبل وفداً من رجال الدين من طائفة الموحدين الدروز في لبنان، مضيفة أن الأسد "أعرب عن تقديره الكبير لأعضاء الوفد لموقفهم الوطني الكبير المنطلق من الحرص على علاقات الأخوة والتعاون بين سوريا ولبنان ورفضهم للمؤامرات ومحاولات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسورية ولبنان." واعتبر الأسد أن سوريا "قوية بشعبها وبدعم ومحبة الشعوب الشقيقة والصديقة مؤكداً أنها قادرة على تجاوز ما تمر به وأنها لن تتخلى عن مواقفها ومبادئها وسيادتها مهما كانت الضغوطات،" على حد تعبيره. تركيا لن تصمت على سوريا
من جانبه قال وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو اليوم الجمعة، إن بلاده لا تريد التدخل فى شؤون سوريا الداخلية لكنها لا تستطيع أن تقف ساكنة إذا تعرض الأمن الإقليمى للخطر. وقال داود أوغلو للصحفيين فى العاصمة التركية، إن تركيا لا تريد التدخل فى الشؤون الداخلية لسوريا لكن من واجبها أن تقول "كفى" لدمشق إذا عرضت أمن تركيا للخطر، بسبب القتال الذى تشنه سوريا على شعبها وإجبار الناس على الفرار من البلاد. وكانت تركيا صاحبة ثانى أكبر جيش فى حلف شمال الأطلسى قالت الشهر الماضى، إنها لا تريد أى تدخل عسكرى فى سوريا لكنها مستعدة "لأى سيناريو" بما فى ذلك فرض منطقة عازلة داخل سوريا. وتخشى تركيا التى زادت حدة انتقاداتها لسوريا التى كانت حليفة لها أن تمتد حرب أهلية شاملة على أساس طائفى عبر الحدود، وتثير توترات بين الشعب التركى. وقال داود أوغلو للصحفيين فى إشارة إلى سوريا: "تركيا لا تريد التدخل فى الشؤون الداخلية لأحد، لكن إذا لاح خطر على الأمن الإقليمى، حينها لن يكون بوسعنا أن نقف مكتوفى الأيدى". وأضاف: "إذا كانت حكومة ما تقاتل شعبها وتتسبب فى وجود لاجئين، فإنها لا تعرض أمنها هى فقط للخطر، ولكن أمن تركيا أيضا لذا فإننا لدينا مسؤولية وسلطة لأن نقول لهم كفى". وكانت تركيا فى السابق من أقرب حلفاء سوريا فى المنطقة، وأقام رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان علاقات وطيدة مع الرئيس السورى بشار الأسد. لكن العنف تفاقم فى سوريا وتجاهل الأسد نصيحة أنقرة بوقف قمع المحتجين، وتنفيذ إصلاحات عاجلة فتدهورت العلاقات إلى أن طالب أردوغان الأسد صراحة بالتنحى عن السلطة. وتمنح تركيا الآن حق اللجوء للمنشقين عن الجيش السورى، ويوجد فى تركيا مقر المجلس الوطنى السورى الذى يضم شخصيات فى المعارضة السورية.
أوباما يجب أن يحلل المواقف قبل التدخل العسكرى بسوريا
ومن جانبها أشارت صحيفة " كريستيان ساينس مونيتور" الامريكية فى مقال ل "مايكل سيلفرمان" الضابط المتقاعد في الجيش الأميركي، الى انه على الرئيس الأميركي "باراك أوباما" أن ينظر ويحلل جيدا ما حدث في ليبيا، قبل أن يتعهد بتدخل أميركي في سوريا. ويرى "سيلفرمان" أن التدخل الأميركي في ليبيا الذي اتسم بالأمان على المستوى السياسي بالنسبة لأوباما، وكان حذرا على المستوى العسكرى ،وبالتالي كان مردوده على أميركا محدودا، يجب ألا يتكرر في سوريا. مشيرا الى الوضع فى سوريا يختلف تماما عن ليبيا وهناك فرصة للرئيس اوباما ان يتصرف بشكل افضل عما حدث فى ليبيا. وتطرق الكاتب الى الوضع الليبي ليلخص نقاط اختلافه عن الوضع السوري، ويقول رغم أن السيطرة الحكومية الهشة في ليبيا بعد مقتل العقيد الراحل "معمر القذافي" قد غذّت تجارة السلاح التي تصب في مصلحة تنظيم القاعدة، إلا أن الخطر الأكبر المتمثل في أسلحة الدمار الشامل غير موجود في ليبيا، حيث تؤكد المعلومات أن الجزء الأعظم من مخزون ليبيا من تلك الأسلحة قد دمر قبل سقوط "القذافى"، وحتى ما بقى من اسلحة كيماوية تم تأمينه حسبما افادت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية" "فيكتوريا نولاند" فى اغسطس الماضى حيث قالت ان المجلس الانتقالى الليبى تعاون مع وكالة المخابرات الامريكية فى ذلك. ولكن الوضع مختلف في سوريا، فهذا البلد هو واحد من ست دول رفضت التوقيع على معاهدة الأسلحة الكيماوية، وطبقا لتقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في أغسطس الماضي فإن سوريا تملك مخزونا من الأسلحة الكيماوية وتمتلك الوسائل المناسبة لاستخدامه. وقال الكاتب ان هناك هواجس من تسرب الأسلحة الكيماوية السورية إلى السوق السوداء ، وهو ما يشكل كابوسا لأميركا، كما أن "الجيش السوري وأسلحته" منتشر في جميع أنحاء سوريا، وبالتالي فإن سقوط النظام وفقدان سيطرته على ترسانته من الأسلحة قد تكون له عواقب كارثية على المنطقة برمتها. واشار الكاتب الى ان الاختلاف الاخطر فى الوضع السوري عن الليبي هو تأثيره بالمنطقة المحيطة فهناك احتمالين ، الاول أن يتسبب سقوط أو ضعف النظام السوري فى إيقاظ الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة، واستئناف نشاطها في استخدام الأراضي السورية لتصدير المقاتلين والعنف إلى العراق، وبالتالي احتمال إعادة الصراع الطائفى والمذهبى هناك والذى تأجج فى الفترة من 2005- 2007 وكانت سوريا هى مصدر السلاح والرجال والاموال للحرب فى العراق ، ومن الممكن انتقاله إلى سوريا في وقت تكون القوات الأميركية قد غادرت العراق. والاحتمال الثانى هو ، كيف سيرد النظام الإيراني على سقوط أكبر حليف عربي له؟ وهل سيترك ذلك يحدث بدون مشاكل؟ ويعترف الكاتب أنه من الصعب الإجابة عن هذين السؤالين. واضاف الكاتب ان الواقع يؤكد ان إيران أصبحت لا تعير الولاياتالمتحدة اهتماما وتعتبر ان امريكا ضعيفة حاليا وغير قادرة على المواجهة ، والدليل نظرية "أوباما" في ليبيا وهى"القيادة من الصفوف الخلفية" حيث ترك الامور فى ايدى الاوروبيين. وبالتالي فى ظل هذا الوضع، لن يكون هناك ما يردع إيران من القيام بالتحرك ولو من وراء الستار لنصرة حليفها الرئيس السوري "بشار الأسد". رأى الكاتب أن انهيار الوضع في سوريا ستكون له تداعيات وخيمة على المنطقة، ومن هنا يجب على الرئيس الامريكى ان يدرس جيدا الوضع قبل أن يتخذ قرارا بتكرار نظرية ليبيا. وانتفد الكاتب تباهي الإدارة الأميركية المستمر بنهاية المهمة في ليبيا بدون سقوط ضحية أميركية واحدة، وقال إن الخوف من سقوط ضحايا لا يجب أن يكون عائقا للنزول إلى الأرض وتقديم الدعم إلى جيش سوريا الحر. مشيرا الى انه على امريكا ان تتدخل بشكل مباشر وقوى فى سوريا اذا كانت ترغب فى تواجد قوى لها هناك بعد رحيل "الاسد". ويعود الكاتب إلى خطاب "أوباما" إلى العالم الإسلامي من القاهرة عام 2009 ويقول إن "أوباما" وعد "ببداية جديدة بين الولاياتالمتحدة والمسلمين في العالم، بداية تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل" وعلاقة تعترف ب"المبادئ المشتركة للعدل والتقدم والتسامح وكرامة كافة بني البشر". الا ان ذلك لم يحدث فى الازمة الليبية وهو ما لا يجب ان يتكرر فى سوريا وتضيع الفرصة مرة اخرى . يُذكر أن "سيلفرمان" خدم فى الجيش الامريكى لمدة 25 عاما وعمل في العراق وأصدر كتابا عن تحالف الجيش الأميركي وفصائل الصحوة في العراق مما ادى إلى القضاء على تنظيم القاعدة في محافظة الأنبار العراقية، ويعمل حاليا مستشارا للجيش الأميركي وخبيرا فى شؤون مكافحة التمرد المسلح. والشعب السورى سيبقى أبيا وشامخا ونحن كما ناصرنا شعبنا الليبى الحر سنبقى مع ثورة الشعب السورى الحر حتى تزول غمته ويكتب لنفسه بداية جديدة .