لم نكد نخرج من تلك الضجة العارمة التي اشتعلت في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي إثر ظهور مسلسل "يوسف الصديق" عليه السلام، حتي اشتعلت الأزمة من جديد مع إعلان فضائيات مصرية وعربية عن عرض المسلسل - الإيراني - "الحسن الحسين" مدبلجاً باللغة العربية في شهر رمضان الكريم، مما أثار حفيظة علماء وشيوخ الأزهر الشريف الذي رفع قضية تطالب بمنع عرض المسلسل لمخالفته للشريعة الإسلامية - من وجهة نظر الأزهر- إذ لا يجوز تجسيد الصحابة وآل البيت في عمل فني، إلا أن الجدل الأكبر الذي ينتظره العالم الإسلامي لم يأت بعد، وفي الطريق إلينا قريباً، بعد أن قررت إيران إنتاج فيلم سيظهر فيه النبي محمد " [" لأول مرة - علي شاشة السينما! حياة النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) من وجهة نظر صناع الفيلم أكبر من اختزالها في فيلم واحد، لذا قرر المنتج "مهدي هيدريان"، والسينارست الشهير "كامبوزيا باتروفي"، والمخرج "ماجد مجيدي"، عمل ثلاثية سينمائية ترصد حياة الرسول منذ ولادته وحتي وفاته، يتناول الجزء الأول سيرة طفولته حتي بلوغ السن الثانية عشرة، واستغرقت فترة كتابته حوالي ثلاث سنوات، وتمت ترجمة الوثائق التاريخية للأحداث بمساعدة فريق آخر شارك فيه عدد من رجال الدين من دول عدة مثل إيران والمغرب وتونس ولبنان والعراق والجزائر، والسيناريو نفسه ينتظر إقراره من قِبل فريق من المؤرخين والباحثين في السنة النبوية الشريفة، ويقول المخرج ماجد مجيدي عنه: "لسوء الحظ لا توجد مصادر شاملة كاملة حول طفولة الرسول صلي الله عليه وسلم، فيما المصادر المتاحة تحوي بعض البيانات المتكررة والمزيفة" وهو التصريح الذي يثير المزيد من الشكوك بعد أن تعمد المخرج "الإيراني" أن يؤكد علي زيف وتكرار المصادر الإسلامية المتاحة، وربما يقصد بذلك مصادر أهل السنة، حتي يضع بالفيلم ما يناسب رؤيته الشيعية، ويضيف مجيدي: "يحاول الفيلم أن يظهر الضروريات والأسباب التي أدت إلي ظهور النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) في تلك الحقبة، مع إظهار طبيعة المجتمع العربي آنذاك، خلال مرحلة الطفولة من عمر النبي " قبل أن يضيف قائلا: "الإيمان، والأخلاق، والقيم الروحية، هي شغلي الشاغل في السينما، وهذه القيم تظهر في أفلامي بطرق مختلفة، وسيظهر النبي في الفيلم باعتباره رمزاً للأخلاق والقيم الروحية الحميدة" وتابع مجيدي: " سأبذل قصاري جهدي لتقديم فيلم يتجاهل أي أغراض دعائية أو قضايا سياسية، وفي حال تنفيذ الفيلم سيترجم إلي اللغات العربية والفارسية والإنجليزية بآلية لم يعلن عنها بعد"، إلا أن الجدل الأكبر حقاً سيكون في الجزء الثاني الذي سيظهر فيه الرسول الأكرم لأول مرة علي الشاشة بعد أن امتنع صناع الفن في العالم العربي والإسلامي من الاقتراب من تلك المنطقة المحظورة والشائكة، نظرا لكثرة الفتاوي الإسلامية التي تحرم تماماً تجسيد الأنبياء والرسل وآل البيت علي الشاشة بشكل عام، وشخصية الرسول بشكل خاص، بينما أصر المخرج ماجد مجيدي علي تجسيد شخصية الرسول صلي الله عليه وسلم لأول مرة في التاريخ، مؤكداً أنه هو الذي سيقوم بدور الرسول، ضارباً عرض الحائط بكل قوانين حظر تجسيد النبي صلي الله عليه وسلم التي تعارف عليها السينمائيون منذ القدم، حيث زار مجيدي المغرب لاختيار أماكن التصوير في المراحل التحضيرية للفيلم التي اقتضت أن تشمل رحلة التصوير التنقل بين بلدان عدة ومنها إيران. وسيتم تصوير غالبية المشاهد في المغرب بعد أن تكررت زيارات المخرج لمواقع التصوير خلال السنوات القليلة الماضية، ورغم نفي محمد باكريم مسئول التواصل في المركز السينمائي المغربي، أن يكون المغرب قد وافق علي تصوير الفيلم علي أرضه، إلا أن المخرج الإيراني والمنتج لازالا يقومان بالمراحل النهائية للتحضير لتصوير الفيلم . المخرج الإيراني يعلم تماما خطورة الموقف وإشكاليته، وكم الهجوم المتوقع عليه، إلا أنه لديه ما يبرره إذ يري :"إنتاج فيلم عن النبي جاء بسبب قلة الأفلام التي تتحدث عن التاريخ الإسلامي المجيد وحياة الرسول الأعظم، حيث لم يتم إنتاج سوي عدد قليل من هذه الأفلام قبل أكثر من 40 عاماً، في حين تم إنتاج أكثر من 200 فيلم عن حياة النبي عيسي، وأكثر من 100 فيلم عن حياة النبي موسي، فمن الطبيعي ألا يعرف المسلم كثيرا عن حياة نبيه العظيم بسبب قلة الأفلام التي تم إنتاجها عن حياته الشريفة، كما أن إنتاج فيلم عن طفولة النبي في الوقت الحاضر الذي تشهد فيه الهوية الإنسانية أزمة خانقة للغاية، بعد سقوط بعض القيم الأخلاقية والإنسانية لدرجة جعلتنا نعيش فيما يسمي بالجاهلية الحديثة، سيجعل من الفيلم مشعلاً يضيء الدرب للجيل الراهن والمستقبل". وتابع مجيدي مؤكداً: "إن نشر كتاب (آيات شيطانية)، وإنتاج أفلام تسيء لشخصية النبي والقرآن الكريم والقيم الإسلامية، ونشر صور كاريكاتورية ضد نبي الرحمة في الدنمارك، كان الدافع لي لإنتاج مثل هذا الفيلم الكبير، لكشف غبار التضليل عن الوجه الناصع لهذا النبي الكريم