خالد محمد سعيد ، ذلك الشاب المتوارى بين أحضان الثرى ، الهادر فى دروب الصمت الأبدية ، ربما سكن الكثيرون فى قبورهم اللحدية والتفوا بحاجز من صمت أبدى مريب بعيدين عن صخب الدنيا وزحمة الشوارع متجهين إلى حياة سرمدية مختلفة حيث ينتظرون مصيرهم الباقى أينما كان ، لم تشغله تلك الهواجس والمخاوف إنما كان مطمئن البال هادئ الحال حيث عاش فى طلب سامى أحيا له كل فؤاده وجميع زوايا الجسد المثقل بمطالب الحرية ، ثم مات على مطلبه لم تنحيه عنه أى قيد من خوف ولا فتنة من طلب الحياة ، حول موته إلى جهاد ليحيى من غفل قلبه. رأيته مجاهدا بكلمة حق عند ساطان جائر فاجر فى عنفه طاغية يقول كلمة الحق ولايهاب البطش من دولة أمناء الشرطة ولا سطوة المخبرين قال كلمته بحق فقتله . رأيته مثخنا فى جراحه ملقيا على الأرض ينزف منه الدم نزفا فياضا ينزل على الأسفلت ليرسمه باللون القانى رمز الفداء وثمن الحرية المبتغاه ..... يتسائل الجمع الفازع من المشهد ....... من الشاب الملقى على الأسفلت ؟ ومن فعل فعلته الشنعاء فيه ؟ إنهم لا يعرفون أنه مات من أجلهم جميعا ، إنه مات لكى يحيا وطن بأكمله إنه خالد سعيد أيها المتسائل ، إنه رمز الفداء وثمن الحرية . ثم رأيته بعد ذلك ، يتخطى الحواجز ويدخل إلى كل واحد منا وينادى فينا ضمائرنا ، يحيى فينا شهامتنا ، إنه خالد سعيد الساكن فى جنباتنا تمتلئ به جنبات الغرف فى البيوت وأراه على الأسفلت فى كل الشواع مع كل سقطة طفل يقع وقت اللعب ، أراه فى كل شئ فى المساجد على المنابر التى خانته وفى زوايا الأركان وفى كل سجدة وكل آية تتلى ومسبحة تتنفس ذكرا وأراه فى كل دعوة فى الكنائس أراه قسيسا يترنم وطفلتا تتبخر وامرأتا تصلى فى كل شارع وكل حاره وكل طريق وكل " مقهى نت " أرى فيها خالد سعيد يفتح " الفيس بوك " يؤثر ويتأثر ويغضب ويثور ويهدأ فى النهاية كى يبقى . أراك يا خالد أمامى أراك نفسى أراك أخى أراك كل مواطن شريف يحارب ما حاربت رأيته معنا فى فى الخامس والعشرين من يناير فى طرقات مصر يهتف " عيش حرية كرامة إنسانية " ثم يهتف " الشعب يريد إسقاط النظام " ورأيته يوم الأربعاء الدامى رأيته يهتف بالشهادة فى جنبات الميدان ويلقى الحجارة على أعداء الحرية ، ثم رأيت الرصاص يخترق رأسه وقد سقط على الأسفلت للمرة الثانية ويرسم للمرة الثانية دمه الحرية المبتغاة ولكن الآن قد قربت وانفرجت وكسرت قيدها وأتت ومات خالد سعيد . إنما خالد سعيد هو كل شهدائنا ومصابينا وكل شرفاء وطننا الذين رسموا الحرية بأرواحهم ودمائهم وأصواتهم وجهودهم فتحية إلى كل خالد سعيد ، تحية إلينا جميعا . فى الذكرى الأولى لرحيل خالد سعيد