للمرة الثانية خلال ساعة.. تراجع كبير لسعر جرام الذهب عيار 21    رئيس صناعة الشيوخ يطالب بربط التنمية الزراعية باحتياجات القطاع الصناعي    صحيفة عبرية: إسرائيل تقرر خلال ساعات بشأن عملية برفح أو اتفاق مع حماس    كراسي وأحذية وسلاسل بشرية.. طرق غير تقليدية لدعم فلسطين حول العالم    إطلاق النار على فلسطيني في البلدة القديمة بحجة محاولة تنفيذ عملية طعن    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    مقتل 4 ضباط أمريكيين في مواجهات مسلحة استمرت 3 ساعات في ولاية كارولينا الشمالية    تغطي أسواق 50 دولة.. رئيس الوزراء البيلاروسي يتفقد «الدولية للصناعات» (تفاصيل)    هل يرحل عواد وزيزو عن الزمالك؟.. حسين لبيب يُجيب    الهاني سليمان يجيب.. من يحرس مرمة المنتخب في غياب الشناوي؟    شوبير: لقب الكونفدرالية ينادى الزمالك ...وجوميز فى طريقه لأول بطولاته    الأهلي يواجه الجزيرة والزمالك مع الاتحاد في دور نصف النهائي بكأس مصر لكرة السلة    ضبط 31 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    «الداخلية»: ضبط شخصين لقيامهما بالإتجار في الأسلحة النارية بالفيوم    «الداخلية» تواصل الحملات على المخابز للتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    فيلم يقفز بإيراداته إلى 58.6 مليون جنيه في 20 يوم.. تعرف على أبطاله وقصته    مفتي الجمهورية مهنئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نبني بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    رئيس جامعة بني سويف يرأس اجتماع مديري الكليات    تكريم الطلاب الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بجامعة قناة السويس    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    تراجع أرباح مصر للزيوت والصابون 70% خلال 9 أشهر    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 667.250 مليار جنيه في ثاني عطاءات السوق المفتوحة بعد التعديل    خلال 24 ساعة من ضبط 10798 مخالفة مرورية متنوعة    18 مليون جنيه حصيلة الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    شركة إير فرانس-كيه ال ام للطيران تتكبد خسائر خلال الربع الأول    بتخفيضات تصل إلى 440 ألف جنيه..«كيا» تعلن عن اسعار «سبورتاج» في مصر    الموضوع وصل القضاء.. محمد أبو بكر يرد على ميار الببلاوي: "أنا مش تيس"    معرض أبو ظبي للكتاب.. ريم بسيوني ل الشروق: سعيدة بتكريمي.. والجائزة تفرض على الكاتب مسئولية كبيرة    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    المصل واللقاح عن "استرازينيكا": لا يوجد سبب يدعو للتخوف أو التوتر    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    "صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بسبب ثوران بركان جبل روانج.. إجلاء آلاف الأشخاص وإغلاق مطار دولى بإندونيسيا    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    افتتاح المعرض السنوي لطلاب مدارس التعليم الفني بالقاهرة تحت شعار "ابدع واصنع"    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    وزير الإسكان: نعمل على الاستثمار في العامل البشري والكوادر الشبابية    تأجيل محاكمة المتهمين بخطف شاب وإجباره على توقيع وصلات أمانة    "أسترازينيكا" تعترف: آثار جانبية قد تكون مميتة للقاح فيروس كورونا    طريقة عمل السجق بالبطاطس بمكونات سهلة وطعم شهى    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    مواعيد أهم مباريات اليوم الثلاثاء 30- 4- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    أخبار 24 ساعة.. وزير التموين: توريد 900 ألف طن قمح محلى حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة عباس لغزة تجاوزتها الأحداث
نشر في مصر الجديدة يوم 05 - 06 - 2011

باحث وكاتب فلسطيني
إن الاشتباك الدبلوماسي بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين إدارة باراك أوباما الأميركية حول توجه المنظمة للحصول على عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة في أيلول / سبتمبر المقبل يكشف مجموعة من الحقائق، أولها أن واشنطن قد تحولت إلى وكيل معلن لدولة الاحتلال الإسرائيلي مما يجردها من أي مؤهلات لأي وساطة محايدة نزيهة في الصراع العربي – الإسرائيلي، وثانيها أن مفاوضات المنظمة المستمرة منذ أواخر ثمانينيات القرن العشرين الماضي مع الولايات المتحدة بالوكالة عن دولة الاحتلال قد وصلت إلى الطريق المسدود ذاته الذي وصلت إليه مفاوضات المنظمة المباشرة مع دولة الاحتلال، وثالثها أن الإطار الثنائي لمفاوضات منظمة التحرير مع دولة الاحتلال بالرعاية الأميركية خارج نطاق الشرعية الدولة المتمثلة في قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي قد استهلكت ووصلت بدورها إلى نهاية الطريق.
*وهذه الحقائق جميعها، وغيرها، هي إعلان صريح عن الفشل الذريع لكل الاستراتيجية التي جرى العمل بها طوال العقدين المنصرمين من الزمن لإدارة الصراع العربي الإسرائيلي في محوره الرئيسي الفلسطيني. وبينما من غير المنتظر أن يتخلى الراعي الأميركي لهذه الاستراتيجية عنها لأنه أرادها منذ البداية وسيلة لإدارة الصراع لا لايجاد حل عادل له، يبدو مفاوض منظمة التحرير، بافتراض حسن النية، مترددا هو نفسه في اعتراف كهذا ليظل متشبثا باستراتيجية فاشلة تشبث الغريق بثقل يجره سريعا إلى القاع وهو يظنه خشبة نجاة، مع "ان الأفق ينفتح في ذات الوقت أمام شعبنا وقضيتنا لاستعادة زمام المبادرة لتغيير أو تصويب مسار دام عشرين عاما على أمل، أو ربما وهم، بأن نرى النور في نهاية النفق، نور الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، فإذا بنا نكتشف أننا إنما دخلنا في نفق مظلم ومسدود تحرسه إدارة أميركية إثر اخرى وترعى صيانته رباعية دولية يتسلى بها (رئيس الوزراء البريطاني السابق وممثل اللجنة الرباعية الدولية) طوني بلير"، كما قال المفوض العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان د. ممدوح العكر في حفل تخريج مدرسة
ثانوية برام الله يوم الأحد الماضي.
إن توجه رئاسة المنظمة إلى إبرام اتفاق القاهرة الأخير على المصالحة الوطنية كان من المفترض أن يكون مؤشرا إلى تحول استراتيجي، غير أن كثيرا من المؤشرات تدل على استخدام مفاوض المنظمة لهذا الاتفاق استخداما تكتيكيا لخدمة
الاستراتيجية القديمة الفاشلة إياها، مما يهدد بإضافة الاتفاق الجديد إلى ركام الاتفاقات السابقة التي يعلوها الغبار. فعلى سبيل المثال، عندما تخير حكومة دولة الاحتلال رئاسة المنظمة بين "السلام" معها وبين السلام مع حماس، وعندما
يعتبر الرئيس الأميركي أوباما اتفاق المصالحة في القاهرة "عقبة ضخمة أمام السلام"، ثم يطالب الرئيس محمود عباس بأن تكون أي حكومة وحدة وطنية منبثقة عن اتفاق القاهرة ملتزمة بالشروط الإسرائيلية الثلاث المعروفة التي تبنتها اللجنة
الرباعية الدولية، وحكومة له، لا حكومة وحدة وطنية، حتى يضمن التزامها بتلك الشروط المفترض ان تكون قد سقطت بسقوط الاستراتيجية التي افرزتها إن لم يسقطها اتفاق المصالحة الوطنية ذاته، بحكم الأمر الواقع، فإن ذلك يشير إلى استنتاج واحد فقط هو استمرار تشبث منظمة التحرير ومفاوضيها بالاستراتيجية القديمة ذاتها.
ولم يعد احد يجادل بأن استراتيجية العشرين عاما الماضية قد استهلكت ذاتها، وكل الدلائل العملية والموضوعية تؤكد ذلك. وبما أن الحركة من معالم الحياة ذاتها، فإن "الانتظار" على الحد الفاصل بين الاستراتيجية القديمة المستهلكة وبين
استحقاق تبني استراتيجية جديدة ليس سياسة حكيمة على الإطلاق، فهي تضع القضية الوطنية في مهب الريح. وهذه القضية تقتضي الآن رص الصفوف الوطنية حول استراتيجية بديلة. والاستراتيجية البديلة الوحيدة المتاحة هي استراتيجية
المقاومة. واستراتيجية المقاومة ليست خيارا ناجما عن رفاهية اختيار بين العديد من الخيارات المتاحة، لكنها الخيار الوحيد الباقي الذي تمليه التطورات الموضوعية:
فالفشل الذريع للاستراتيجية التفاوضية قاد إلى انسداد مسار التفاوض الثنائي المباشر مع دولة الاحتلال، ثم قاد إلى انسداد مسار التفاوض غير المباشر مع دولة الاحتلال بالوكالة الأميركية، مما قاد إلى الاشتباك الدبلوماسي الجاري حاليا
بين مفاوض منظمة التحرير وبين الوكيل الأميركي لدولة الاحتلال، وهذا الاشتباك يتصاعد كل يوم ومن المتوقع أن يبلغ ذروته في أيلول / سبتمبر المقبل، ومن المتوقع عندها أن يتحول إلى اشتباك على الأرض.
*ونذر الاشتباك الميداني معلنة، فدولة الاحتلال وحكومتها لا تخفي استعداداتها العسكرية وغير العسكرية، فهي هددت فعلا بعدوان جديد شامل "لاجتثاث بؤر الإرهاب" في قطاع غزة، وهددت فعلا بإعادة احتلال مناطق سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني التي لم تنسحب قواتها بعد من جزء كبير منها أعادت احتلاله عام 2002، وهددت فعلا بضم الضفة الغربية بكاملها كأحد ردودها على أي اعتراف من الأمم المتحدة ب"دولة فلسطين"، إلخ.*
*وكل المؤشرات تدل على مواجهة آتية بهذا الشكل أو ذاك، ميدانيا مع الاحتلال ودولته، ودبلوماسيا وسياسيا مع وكيله الأميركي على الصعيد الدولي. ومن المؤكد أنه ليست في مصلحة الشعب الفلسطيني أن تتكرر طوعا تجربة حصار أي قيادة له كما حوصر الراحل ياسر عرفات كرها حد أن يعجز عن حضور أو حتى أن يخاطب بالهاتف مؤتمرا خطيرا للقمة العربية في بيروت كان يستعد لتقرير مصير الشعب الفلسطيني في غياب ممثله الشرعي مثلما حدث عندما تبنت تلك القمة "مبادرة السلام العربية"، مما يستدعي البحث عن "مساحة حرة" تكون ملاذا آمنا يقي أي قيادة فلسطينية** ** من
أي مخطط أميركي ل"تغيير" النظام أو مؤامرة إسرائيلية ل"تصفية" القيادة كما حدث مع عرفات وقيادته ونظامه، مما يذكر بأن إحدى الحجج التي يتذرع بها من ورطوا االشعب الفلسطيني في أوسلو واتفاقياتها كانت أن الوطن العربي الكبير ضاق على اتساعه عن مساحة حرة تتحرك منها القيادة الفلسطينية بحرية.
وفي انتظار المواجهة المتوقعة والبحث عن مساحة حرة تلوذ القيادة الفلسطينية بها يبدو الوطن العربي الكبير أكثر ضيقا بالمسؤولية القومية تجاه القضية الفلسطينية مما كان عليه قبل عقدين من الزمن، وتبدو المساحة الحرة الوحيدة التي
تمارس الإرادة الفلسطينية ذاتها بحرية موجودة اليوم فقط ، ويا للمفارقة، في قطاع غزة المحاصر، حيث توجد قيادة فلسطينية بالرغم من الاحتلال، لا بالاتفاق معه، وحيث بطاقات الفي آي بي الإسرائيلية غير معتمدة ومنتهية الصلاحية، وحيث تنفتح في رفح نافذة سيادة فلسطينية بعد أن قرر الشعب المصري أن يمارس سيادته على الجانب الآخر من الحدود، وحيث التنسيق الأمني الوحيد المعمول به هو التنسيق بين فصائل العمل الوطني مجتمعة مع الشعب في التصدي جماعة لأي اختراق إسرائيلي بينما التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال الساري في الضفة الغربية يصبح مشلولا على حدود القطاع، وحيث تدور معركة حربية قبل أن تستطيع قوات الاحتلال الوصول إلى أي قائد فلسطيني، مما يذكر بوعد عباس لأهل غزة في حفل توقيع اتفاق المصالحة بالقاهرة: "سأكون بينكم قريبا إنشاء الله"!*
*لكن الأحداث قد تجاوزت قيام عباس بمجرد زيارة لغزة فحسب، إذ حان الوقت لإنهاء استراتيجة "خيار التفاوض فقط"، و"تغيير أو تصويب مسار دام عشرين عاما" كما قال د. العكر، والتعامل مع الوحدة الوطنية تعاملا استراتيجيا لا تكتيكيا، وجميعها استحقاقات متأخرة، فقد أصبح انتقال عباس ومنظمة التحرير ولجنتها التنفيذية للإقامة الدائمة في غزة، حيث المساحة الحرة الوحيدة المتاحة، وحيث الحماية غير الأجنبية الوحيدة المتاحة، وحيث حرية الحركة والقرار والإرادة دون قيود أي اتفاقية موقعة تلتزم المنظمة بها من جانب واحد، هو المدخل إلى تفعيل واقعي لمنظمة التحرير، ومدخل إلى تجسيد على الأرض للوحدة الوطنية، وأصبح هو المحك لصدقية أي توجه نحو استراتيجية جديدة تحرر قيادة المنظمة في مساحة هي حرة بالرغم من الحصار، فكل الدلائل والمؤشرات تؤكد الحاجة الوطنية إلى الفصل بين منظمة التحرير وبين سلطة الحكم الذاتي الإداري كاستحقاق متأخر آخر، وإلى الوصل بين المنظمة وبين جماهيرها التي طال انعزالها عنها على قاعدة المقاومة التي كان لها الفضل الأول والأخير في منح المنظمة صفة الممثل الشرعي والوحيد لشعبها،
لتنتهي مرة واحدة وإلى الأبد تكتيكات الدمج بين المنظمة وبين حكومتها للحكم الذاتي في مواجهة المقاومة والفصل بين المنظمة وبين هذه الحكومة عندما توصل الإرادة الشعبية المقاومة إلى رئاستها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.