محسن السكرى قبل 48 ساعة من حكم الإعدام أرسل محسن السكرى المتهم الأول فى قضية سوزان تميم خطاب استغاثة للمفتى، قال فيه: أحمد الله رب العالمين حمدا كثيرا مباركاً فيه، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فتح الله به قلوبا غلفا وآذانا صما وأعين وأشهد أن الله واحد حق وأن الحساب حق وأن الجنة حق وأن النار حق، أكتب لك كتابى هذا من محبسى الذى أنا فيه بعد أن أعلنت محكمتى وأفصحت عن نواياها فى إدانتى فى فعل لم أقترفه فعلا، لا عمدا ولا خطأ ولا قصدا ولا ترصدا كما قيل، وكيف لا أكتب لك وأخاطبك وأنت من أولى أهل الإيمان بالفقه والولاية فى الدين والقضاء فى هذا البلد، والأمر لك فيه رأى وحكم، فإن العدالة أولى الناس بها هم أهل العلم بالله وبأحكامه وأوامره ونواهيه. سيدى وشيخى إنى أعترف وأنا بين يديك لتبدى رأيك فى أمرى أنى عصيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمره أن أتقى الشبهات فقد وضعت نفسى فى موقف شبهة، وفى مكان شبهة، غير أنى والله الذى لا إله إلا هو لم أسبب أذى لأحد وما رغبت وما أردت إلا الخير، لكن الخير انقلب على نقمة واتهاما باطلا بالقتل لا دليل عليه ولا بينة ولكن شبهات وشكوكا لا ترقى إلى مستوى البينة، واستحالت إلى تهمة وجهتها النيابة وأصرت عليها إصرارا وأقنعت بها قضاة أسأل الله العظيم لهم ولغيرهم الهداية إلى الحق والصواب وأن يحكموا بالذى يرضى الله ورسوله. أعلم علم اليقين أن الرأى الشرعى فى هذه القضية وفى أى قضية لا يجب أن يختلف أبدا أو يتعارض مع الرأى القانونى لأن المقصد من الشرع والقانون فى النهاية والهدف منه هو تحقيق العدالة فى الأرض بحكم الله وليس بالأهواء أو التوجهات أو مقتضيات المصلحة العامة أو السياسة «وما أعظمها من كلمة» أو الرأى العام أو الترقب من ردود الأفعال، فإن الله لا يرضى ولا رسوله أبدا أن يظلم إنسان وأن تثلغ رأسه لغرض أو توجه أو مصلحة دون أن يكون ذلك إلا بالحق وبالشروط التى تستوجب ذلك فقد قال الله فى كتابه الكريم «ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق»، والحق هنا فى قضيتنا هذه هو البينة. نعم، البينة كما علمنا رسول الله صلى الله عليه فى حديثه الصحيح بالبخارى رقم 5004 وغيره فى رواية المتلاعنين قال عليه الصلاة والسلام: «انظروا إليه يعنى الولد الذى ستأتى به - فإن جاءت به أكحل العينين، خدلج الساقين، أسبغ الإليتين، فهو للذى رميت به»، يعنى: أنها زانية - فجاءت به على الصفة التى ذكرها عليه الصلاة والسلام - والعياذ بالله - فقال عليه الصلاة والسلام: «لو كنت راجما أحدا من غير بينة لرجمتها به»، فقوله عليه الصلاة والسلام يا سيدى الفاضل يا مفتى هذا البلد «وأنت أعلم بذلك منى ومنهم»، «لو كنت راجما أحدا من غير بينة لرجمتها به»، يدل على دقة وسمو منهج القضاء الإسلامى الذى جعل الأحكام الدقيقة راجعة إلى أصول ثابتة لا تتغير، فالذى يدعى شيئا لابد له من البينة، والقاضى ينبغى أن يكون حياديا، فدل الحديث على أن القاضى لا يقضى بعلمه، لأنه تبين بالدليل الواضح أنها زانية، والوحى نزل على النبى عليه الصلاة والسلام بأنها إن جاءت به على صفة كذا وكذا فهو للذى اتهمت به، فثبت بالقرينة القوية أنها زانية، خاصة أنها تلكأت، فيوجد قرائن قوية تدل على أنها زانية، فقال عليه الصلاة والسلام: «لو كنت راجما أحدا من غير بينة» فدل على أن القرينة لا تعد بينة، وأن القرائن لا يحكم بها فى الأصول التى ثبتت فيها البينات الشرعية، وهذا يدل على أن فتح باب القرائن ووسائل الإثبات بالقرائن يعد مخالفا للسنة، وحكم الله. فإذا طبقنا هذه الفائدة على قضيتى - وأنا حتى لست كتلك المرأة، بل إنما أنا رجل برىء مأخوذ بشبهة ظنية - تجد والله الذى لا إله غيره، أن الأمر لا يعدو عن قرائن جمعت بكيد وزيف ونقلت بجهل بدون تمحيص وطوعت لتعزز اتهامى ومن معى لأمر قد سولته لهم أنفسهم، ثم وضعت أمام عدالة عمياء تريد الإدانة، وقد التبس عليها الأمر وهذه القرائن لا ترقى إلى مرتبة البينة أبدا ويحتمل غيرها احتمالا ليس ببعيد، وهى قرائن ظرفية إن شئت أقمتها على ثلث من يقيمون فى مدينة دبى فعلت ولا لوم. فأنا لم أعترف بالجرم أبدا ولم أضبط متلبسا مثلا، وليس من شاهد، وهناك آخرون مشبوهون ومحتجزون على ذمة القضية فى دبى، وليس لى بصمات سوى على هديتى التى سلمتها لها يوم 7/24 وهى فى صحبة آخرين سمعتهم بأذنى وأنا على الباب، ولا أثر سوى وحيد مفند أشد التفنيد ومتنازع عليه وضع بكيد وسوء قصد من شرطة دبى لتعزيز الاتهام ضدى، وهناك بصمات لمجهول آخر غيرى ولم أذهب إلى محل إقامتها يوم الغدر بها، وقد أخفيت صورى عن عمد التى تبرئنى وتظهرنى فى غير ذات محل الجريمة ساعة وقوعها المزعوم ونسبت إلى ملابس ليست لى ولم يثبت أنها لى ولم أرتدها، وكنت على متن الطائرة حين غدر بها طبقا لإجماع أهل الطب الشرعى وليست لى مصلحة ولا أعرفها، ولا تعرفنى فإنى تفتح لى الباب! وهى وحيدة وخائفة مترقبة لا تفتح الباب لغريب بشهادة أقرب الناس إليها، وقد قدمت وأسهبت فى أدلة تبرئنى ولم يلتفت إليها، وقدمت دفوعا ودفاعا وطلبا عديدا يحقق براءتى فأنكر على النيابة والقضاء طلبى فى الدعوى، والتفتوا حتى عن تحقيق دفاعى خوفا من أن يقود ذلك إلى براءتى، والتى يتبعها براءة المتهم الثانى من الذين يتربصون به حسدا وكرها وكيدا. سيدى مفتى هذا البلد. لا أخفى عليك يا سيدى أننى أصبحت أخاف على نفسى وعلى أهل هذا البلد، وأظن أن محكمتى قد تأثرت بالرأى العام المصاحب لهذه القضية الممتلئة بالشبهات، وهم ليسوا إلا بشرا يصيب ويخطئ، وخافت من أن تتهم بالتواطؤ وبرأت نفسها بأن أدانتنى بالشبهات والأدلة الظنية الظرفية الباطلة «التى لا ترقى إلى مقام البينة»، والملفقة الظاهر تلفيقها لكل ذى عينين بقرار لا يرضى الله ورسوله حكما وعدلا. وإنى أناشد فضيلتكم بأن تقرأ ومستشاروك جميع ما قدمه الدفاع عن المتهمين من مذكرات دفاعية ودفوع شكلية وموضوعية، وكذا محاضر الجلسات السبع والعشرين حتى يتبين لكم مدى هذا القرار الظالم لتنصروا القضاة الذين قرروا هذا القرار بأن تردوهم عنه متى اقتنعتم وأيقنتم أنى برىء من هذا الجرم بحكم الله ورسوله، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. فواغوثاه.. واغوثاه.. واغوثاه! «ولكن الله ربى لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم». «اللهم اغفر لى ولمن ظلمونى واعف عمن أنصفنى وأنصف الحق الذى جاء به رسول الهداية، إنك على كل شىء قدير وبالإجابة جدير أنت البصير العالم بكل شىء». «إن ربى لطيف لما يشاء» صدق الله العظيم. مقدمه لفضيلتكم: «محسن منير على حمدى السكرى» المتهم بقتل المغدورة سوزان تميم.