لم يكن من قبيل الصدفة أن يخرج آلاف المواطنين من أهالي قنا إلي الشوارع للمرة الأولي منذ سنوات طويلة ليجمعوا علي رأي واحد ، حيث اتفقوا جميعا علي رفض اللواء عماد شحاتة ميخائيل الذي عين محافظا لقنا خلفاً للواء مجدي أيوب اسكندر ، وكأن النظام السابق لم يتغير – حسبما يري القناوية – وكأن مبارك ونظامه مازالوا يديرون شئون البلاد ، فالذي تغير مجرد اسم مكان اسم آخر . ويتساءل القناوية عن الأسباب التي دفعت المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الحكومة المؤقتة الدكتور عصام شرف إلي إقالة لواء الداخلية الأسبق ومحافظ قنا السابق ( المسيحي ) مجدي أيوب ، والذي جاء بالأساس خلفا للواء عادل لبيب ( لواء شرطة مسيحي ) ليأتوا بلواء سابق بالداخلية ( مسيحي ) بدلا منه هو اللواء عماد ميخائيل ، حيث إن أهالي قنا لا يرون فارقا بين المحافظين ( الراحل ومن قبله ، والقادم ) اللهم إلا اختلاف الأسماء ، وكأن قنا باتت الوحيدة التي يتم فيها تعيين محافظ مسيحي – حسبما قال المتظاهرون. وقد تلاقت أسباب الرفض للمحافظ الجديد بين كل أطياف الشعب القناوي حيث رفضه الشباب بدعوي أنه أحد رجال وزارة الداخلية الذي لم يتعامل من قبل مع المواطنين سوي بالقوة والعنف أو علي الأقل بالتعالي وهي عموما فكرة مرفوضة ، كما رفضه الإسلاميون المكونون من جماعتي الإخوان المسلمون بالمحافظة والسلفيون لأنه مسيحي ، حيث قالوا أن قنا شهدت من قبل محافظا مسيحيا لمدة ستة سنوات لم يقدم لها شيء ، بل حدثت كل الفتن الطائفية في عهده ، بينما رفضه مسيحيو قنا أيضا لدينه بدعوي أن المحافظ السابق مجدي أيوب كان يجد حرجا في حل الخلافات بين المسلمين والمسيحيين ، وأنه كان يميل إلي الوقوف في صف المسلمون علي حساب المسيحيين حتى لا يتهم بمحاباة المسيحيين لأنه مسيحي . وبالرغم من مرور عدة أيام علي الاعتصام الذي دخل فيه أبناء قنا لمنع تولي ميخائيل المسئولة في المحافظة فإن الدولة قت تكلفت خسائر قد تتجاوز الخمسة ملايين جنية ، حيث إنه تم إلغاء ما يزيد عن مائة رحلة قطار حتى الآن سواء المتجهة من القاهرة إلي قناوالأقصر وأسوان أو العائدة منها ، وتم إرباك سفريات ما يفوق ربع مليون مواطن الذاهبين لعملهم بالوجه البحري أو العائدين لأهلهم في آخر الصعيد للزيارة والعودة مرة أخري ، وغيرها من حالات إنسانية كثيرة كتبت علي قضبان السكك الحديدية التي أفترشها معتصمو قنا . وقد بدأت المظاهرات في قنا بالاعتصام أمام مقر المحافظة بوسط المدينة ثم انتقل المعتصمون إلي شريط السكك الحديدية فقطعوا الطريق من خلال افتراش الأرض والقضبان والنوم فوقها ، ثم بدأت أعداد المتظاهرون في الازدياد حتى قاموا بقطع الطريق الزراعي المؤدي إلي القاهرة ، الأمر الذي أدي لمنع التواصل البري بين محافظات الأقصر وأسوان وقنا وبين العاصمة بشمال مصر ، وهو ما زاد اليوم ليصل إلي قطع الطريق الصحراوي أيضا ً، وهو ما ينذر بكارثة بسبب إصرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة علي عدم الاستماع لمطالب القناوية بتغيير المحافظ الجديد . الكارثة التي تلوح في الأفق هي تهديد المتظاهرون بقطع الكهرباء والمياه عن محافظة البحر الأحمر ، وذلك في حال عدم استجابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمطالبهم التي ينادون بها منذ أربعة أيام بإقالة المحافظ الجديد الذي دخل أهالي قنا في اعتصام مفتوح منذ الإعلان عن اسمه محافظا لقنا خلفا لأيوب . تأتي هذه التطورات عقب الزيارة التي قام بها كل من وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي ووزير التنمية المحلية محسن النعماني ، والذين التقوا مع رموز القبائل وأهالي قنا أمس الاثنين في محاولة لإنهاء اعتصام الأهالي الذي كلف البلاد خسائر فادحة ، لكن الاجتماع الذي كان يهدف إلى فض الاعتصام قد باء بالفشل وذلك بعد رفض أهالي قنا تكرار تعيين محافظ قبطي للمرة الثالثة علي التوالي. وقد أبلغ القناوية رفضهم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لتعين الوزير الجديد من خلال وزيري الداخلية والتنمية المحلية ، حيث قال وفد الأهالي الذي جلس مع العيسوي والنعماني أنهم يرفضون أن تكون قنا كوته للأقباط مؤكدين أن تلك هي المرة الثالثة التي يتولى فيها محافظا قبطيا بعد عادل لبيب ومجدي أيوب المحافظين السابقين لاسيما أن مجدي أيوب محافظ قنا السابق فشل في حل جميع المشكلات التي مرت بها المحافظة ، خاصة أزمة نجع حمادي الطائفية وأزمة فرشوط وبعض الخصومات الثأرية بين القبائل والتي يري الأهالي أن المحافظ السابق فشل فيها جميعا ولم يحقق أس شيء يذكر لشعب قنا.