التمثال قبل إزالته من قاعدته فى بورسعيد وقفت كثيرا عند الصفحة الأولى من الملف الذى يحمل اسم بورسعيد 56. يقول البيان الأول الصادر عن منظمة (هاتاشاما) هيئة تحرير شعب مصر: أيها المواطن إن الخراب والحرائق التى حلت بورسعيد هى ثمن العزة والكرامة والشرف والاستقلال لا تلقوا السلاح وحافظوا عليه ومن الآن فلنقاوم العدومقاومة سرية، ولينضم كل منكم إلى حركة المقاومة السرية ولا تتركوا مدينتكم نهبا للأعداء، حافظوا على القسم الذى اقسمتموه وإلى المعركة فلا تزال أسلحتنا قوية وحيوية ومتماسكة أحذروا الشائعات والنصر لنا ه.ن. لا يمكنك وأنت تقلب بين يديك هذه الصفحات من سطور تاريخ عظيم إلا أن تحنى رأسك لهؤلاء الذين صنعوا المجد وأزالوا من على رأس القناة بأيديهم رمز الذل والمهانة وسخرة المصريين، ولا يمكنك بالتأكيد وأنت تقلب بين يديك هذه الصفحات من تاريخ مصر العظيم إلا أن توقن أن شهداء مصر العظام لن يسامحوا من يفرط فيما قدمت أيديهم من عزة وكرامة حين أزالوا تمثال ديليسبس الذى كان يرمز لسطوة المستعمر وعنصرته البغيضة فكان حطام القاعدة عند المدخل الشمالى لقناة السويس رمزا لاستعادة مصر سيادتها وحرية قرارها. لقد جاء نبأ كنا نحسبه من كاذب بأن جمعية فرنسية تسمى (محبى فرديناند ديليسبس) عرضت 50 مليون يورو سنويا مقابل إعادة التمثال إلى قاعدته فى المدخل الشمالى للقناة، النبأ نشر فى أكثر من صحيفة بل وجاء فى بعض الأنباء أن محافظ بورسعيد اللواء مصطفى عبد اللطيف وافق على عودة التمثال وأن الاستعدادات النهائية قائمة . المهم أن هذه الأنباء تأتى بدلا من أخرى كنا نتوقعها تحتفل بالذكرى 53 لإسقاط هذا التمثال بأيدى رجال المقاومة وفى نفس الموعد الذى كان يجب أن تحتفل فيه مصر عن بكرة أبيها بذكرى رحيل آخر جندى بريطانى فى يوم الجلاء 18 يونيو. -فى هذه الأيام نحتفل لمن تذكر- بيوم جلاء آخر جندى مستعمر من جنود سيدة البحار فى 18 يونيو 1956 ولم تمر بضعة أشهر إلا وكانت مصر تتعرض لمحاولة غزو شامل باءت بالفشل استقوت فيها بريطانيا بفرنسا وإسرائيل وفى 29 أكتوبر من نفس السنة بدأت هجوما شاملا شنته إسرائيل على سيناء لتبدأ الذرائع الممهدة للحرب فأنذرت كلا من بريطانيا وفرنسا مصر وإسرائيل بوقف القتال على أن تقف قوات كل منهما على بعد أميال قليلة من قناة السويس وأدركت مصر حينها ما يحاك فى ظلمة ليل ويهدف إلى احتلال سيناء والسيطرة على القناة بعد ذلك وبالطبع رفضت الإنذار واعتمدت الخطة الفرنسية البريطانية الإسرائيلية على تطويق الجيش المصرى فى سيناء عبر هجوم شامل على بورسعيد، ولأن من بين نوايا العدوان إسقاط النظام السياسى المصرى فى ذلك الحين فقصفت طائراته مقر الإذاعة لكن كل عاصمة عربية انطلقت منها عبارة (هنا القاهرة) على موجات إذاعاتها فى تحد واضح لإدارة المستعمر ولتؤكد أن عهدا جديدا من الحرية يخرج إلى النور. على الفيس بوك نشأت مجموعة تحت اسم (ضد عودة تمثال ديليسبس) وأحد الاقتراحات للرد على محاولات طمس دماء الشهداء من مصرية طالبت بحملة اكتتاب عام لإقامة تمثال يرمز للمصرى الذى حفر القناة بدمائه بدلا من تمثال يرمز للمستعمر تذكرنا فيها بحملة المصريين للاكتتاب لإقامة تمثال نهضة مصر على أن يشارك فى وضع تصوره مجموعة عمل من الفنانين المصريين.. فهل منا من يبدأ؟