في هذه الأيام المباركة لا يسع للشخص منا الأ أن يكتب عن مدى شوقه ورغبته في زيارة الأراضي المقدسة فى زيارة بيت الله الحرام ولا أخفى عليكم سرا أنى لم أكن مشتاقا من قبل لزيارة بيت الله الحرام مثل هذه السنة وعندما رأيت بيت الله الحرام على شاشات التليفزيون دمعت عينى دون قصد منى وكان قلبى يخفق كأنه لأول مرة يرى ويسمع هذا المشهد المهيب مشهد لأفواجا بيضاء تهتز لها الأرض تطوف بأعظم الأماكن على وجه الكون وتقول "لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك أن الحم والنعمة والمللك لك لا شريك لك" وعند قرأتى عن الحج توقفت عند حج أنبياء الله لبيت الله الحرام ، فقد كان البيت معلوماً لآدم عليه السلام، وقيل أنه هو الذي وضع قواعده، ثم جاء إبراهيم عليه السلام فرفعها مع ابنه إسماعيل عليه السلام، فبنياه كما هو في القرآن، أما حج الأنبياء كلهم للبيت منذ آدم عليه السلام فقد ورد في عدد من الأحاديث والآثار، فمن ذلك ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان موضع البيت في زمن آدم عليه السلام شبراً أو أكثر علماً فكانت الملائكة تحج إليه قبل آدم، ثم حج آدم فأستقبلته الملائكة فقالوا: يا آدم من أين جئت؟ قال: حججت البيت، فقالوا: لقد حجته الملائكة من قبلك. أما حج نوح عليه السلام فقد جاء منصوصاً عليه في أثر عروة بن الزبير رضي الله عنهما، أنه قال: ما من نبي إلا وقد حج البيت، إلا ما كان من هود وصالح، ولقد حجه نوح فلما كان من الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض، وكان البيت ربوة حمراء، فبعث الله هوداً عليه السلام فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه، فلم يحجه حتى مات، فلما بوأه الله لإبراهيم عليه السلام حجه، ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه. أخرجه البيهقي في السنن. وروى الأزرقي ، وابن الجوزي عن ابن إسحاق قال : " لم يبعث اللَّه نبياً بعد إبراهيم إلا وقد حج ذكر حج موسى عليه السلام ، إلى البيت العتيق وصفته قال الإمام أحمد : حدثنا هشيم ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مر بوادي الأزرق ، فقال : أي واد هذا؟ قالوا : وادي الأزرق . قال : كأني أنظر إلى موسى ، وهو هابط من الثنية ، وله جؤار إلى الله ، عز وجل ، بالتلبية حتى أتى على ثنية هرشاء فقال : أي ثنية هذه؟ قالوا : هذه ثنية هرشاء . قال : كأني أنظر إلى يونس بن متى ، على ناقة حمراء ، عليه جبة من صوف ، خطام ناقته خلبة ، - قال هشيم : يعني ليفا - وهو يلبي وأخرجه مسلم من حديث داود بن أبي هند به (حديث مرفوع) حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَرَّ بِوَادِي عُسْفَانَ ، فَقَالَ : " يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَيُّ وَادٍ هَذَا ؟ " ، فَقَالَ : وَادِي عُسْفَانَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ مَرَّ بِهِ هُودٌ ، وَصَالِحٌ ، وَنُوحٌ عَلَى بَكَرَاتٍ حُمْرٍ ، خُطُمُهَا اللِّيفُ ، أُزُرُهُمُ الْعَبَاءُ ، وَأَرْدِيَتُهُمُ النِّمَارُ ، يُلَبُّونَ ، وَيَحُجُّونَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ " . وأورد المؤرخون أن سليمان عليه السلام حجَّ إلى بيت الله الحرام بمكة، في ركبٍ مَلَكيٍ كبيرٍ وفّى فيه نذره، وقدم في حجته ذبائح وقرابين كثيرةً، وأنه بعد حجه عليه السلام سافر بركبه إلى اليمن، ودخل أرض صنعاء. والله أعلم. وجاء أنّ عيسى عليه السلام سوف يحجّ آخر الزمان. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده ليُهلنّ ابن مريم بفجِّ الرّوحاء حاجًّا أو معتمرًا، أو ليثنينهما)) رواه مسلم. وتوقفت أيضا عند حجة الوداع للنبى "محمد صلى الله عليه وسلم " ووجد فيها الكثير والكثير من العبر ووجدت نفسى وكأنى أحج الى بيت الله الحرام مع نبينا الكريم ففى يوم الثامن من ذي الحجة توجه النبى الكريم من مكةالمكرمة إلى منى ملبياً وأمر أصحابه رضي الله عنهم أن يهلّوا بالحج من منازلهم ويتوجهوا إلى منى ولم يأمر بطواف الوداع وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً دون جمع فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجه وأصحابه رضي الله عنهم إلى عرفات منهم من يلبي ومنهم من يكبر. فلما وصل عرفات نزل بقبة من شعر ضربت له بنمرة غربي عرفة، واستظل بها عليه الصلاة والسلام، فلما زالت الشمس ركب دابته عليه الصلاة والسلام وخطب الناس وذكرهم وعلمهم مناسك حجهم وحذرهم من الربا وأعمال الجاهلية وأخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام وأمرهم بالإعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبرهم أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين بكتاب الله وسنة رسوله . وفى هذه الأثناء أحسست أنى كنت موجودا مع حبيبى "رسول الله" وكلى أمل أن ينظر الى نظرة واحدة وأن أقبل يده الشريفة أو أن يضع يده الشريفة على كتفى ووقتها وقتها فقط سأبكى على قدميه والقى همى بالدنيا الفانية وما فيها وسأنسى هذا العالم بكل ما فيه من صراعات على لاشئ وكنت سأترك هذا العالم بكل ما فيه وأجلس بجواره كل ما أرجوه أن يتقبلنى خادما له على الأقل سأبقى بجواره وبجوار مكه فاللهم أكتبها لنا وأمنحنا رؤية كعبتك ورؤية قبر أشرف الخلق محمد (صلى الله عليه وسلم ) وأحسن خواتيم أعمالنا ولا تعلق قلوبنا إلا بما يرضيك يارب العالمين.