سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. محمد حامد عامر أستاذ الري وطبيعة المياه بمعهد الكفاية الإنتاجية يكشف: نصيب الفرد من المياه سوف ينخفض إلى 582 متر مكعب عام 2025.. تصرفات المواطن المصري أخطر ما يؤثر علي سياسات إدارة المياه
كشف الدكتور محمد حامد عامر، أستاذ الري وطبيعة المياه بمعهد الكفاية الإنتاجية بجامعة الزقازيق أنه من المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من المياه إلى 582 متر مكعب سنويا عام 2025. وأكد علي أن أخطر ما يؤثر علي سياسات إدارة المياه في مصر هي ثقافة الوفرة في أذهان وتصرفات المواطن المصري، حيث يتعامل مع الماء كما لو كان موردا لا ينضب. وأوضح أن الإدارة المائية في مصر تواجه العديد من التحديات تتمثل في ثبات الموارد المائية وزيادة الاحتياجات، والي نص الحوار.. * ماذا عن تخزين المياه في مصر؟ - خزان أسوان أول محاولة علمية للتخزين في مصر حيث بدأ (1898 - 1902) بسعة تخزينية لا تزيد عن مليار متر مكعب، ثم تم تعليته عام 1912 لتصل سعته التخزينية إلى 2.5 مليار متر مكعب، ثم عام 1932 بسعة تخزينية قدرها 5 مليار متر مكعب، وكان إنشاء القناطر على النيل وفروعه وسيلة من وسائل الإدارة العلمية للمياه حيث بدأ إنشاء قناطر إسنا ثم نجع حمادي ثم أسيوط ثم إعادة إنشاء قناطر الدلتا ثم قناطر زفتى وفارسكور (دمياط) على فرع دمياط وقناطر أدفينا على فرع رشيد، ثم تكللت جهود المصريين بفرض سيطرتهم الكاملة على مياه النيل بإنشاء السد العالي في الستينات من القرن الماضي وتبلغ سعة بحيرة ناصر التخزينية حوالي 160 مليار متر مكعب ومن هنا فإنها تمثل التخزين القرني أو طويل المدى، وقد استمرت السياسات المائية المتعاقبة بطريقة "القاعدة التنموية أو قاعدة التخصيص" التي يتم فيها تخصيص كل ما تحتاج إليه البلاد من مياه الشرب والصناعة ثم توجيه ما يتبقى من المياه للزراعة ويتم ذلك على أساس البدء في الأراضي الصالحة ثم التدرج في الأراضي الأقل صلاحية والأعلى من حيث المناسيب وهكذا، وكذلك تدرج الوضع بالنسبة لنوعية المياه على طريقة "اقطف الثمرة الأكثر دنواً من الأرض أولاً" بمعنى البدء بالمياه العذبة ثم التدرج إلى المياه الجوفية ثم مياه الصرف الزراعي ثم مياه الصرف الصحي المعالجة وهكذا. إلا أن الإستراتيجية التي قدمتها الدولة لتغطى الفترة من 1997 – 2017 قد أنهت هذا النوع من السياسات حيث ستنتقل البلاد بعدها إلى الاعتماد على "قاعدة التخصيص" بمعنى توزيع المياه بين الأنشطة المختلفة طبقاً لاحتياجات كل منها وتبعاً لعائد المتر المكعب من المياه وما يضيفه إلى الميزانية المائية للبلاد. * ما الذي تنحصر فيه الموارد المائية المصرية ؟ - تنحصر الموارد المائية المصرية في مياه النيل وتحدد اتفاقية مياه النيل الموقعة عام 1959 بمناسبة البدء في إنشاء السد العالي أن متوسط الإيراد الطبيعي للنهر عند أسوان بما يعادل 84 مليار متر مكعب سنوياً توزع " 55.5 مليار متر مكعب لمصر ، 18.5 مليار متر مكعب للسودان ، 10 مليار متر مكعب للبخر من بحيرة ناصر". والمياه الجوفية وتنقسم إلي المياه الجوفية المتجددة وهى خزانات تتم تغذيتها بالمياه بشكل مستمر كما يتم السحب منها باستمرار أيضاً بما يؤدى إلى ارتفاع وانخفاض مناسيب المياه بها تبعاً لمستوى السحب ومستوى التغذية ويمكن تمثيل هذه الخزانات بالمياه الجوفية تحت الأراضي المنزرعة في الوادي والدلتا وهى خزانات ضحلة ونوعية المياه بها متوسطة تستخدم في كثير من الأحيان بالإضافة إلى المياه النيلية في مواقع زراعات الخضروات والفواكه وهى محاصيل حساسة لا تتحمل العطش الذي قد ينجم عن تأخر وصول المياه النيلية إليها الَإضرار الجسيم بهذه المحاصيل ، كذلك يلجأ العديد من المزارعين إلى استخدام هذه المياه في نهايات الترع التي قد لا تصل إليها مياه النيل بشكل منتظم، والمياه الجوفية الغير متجددة وهى خزانات ذات محتوى مائي هائل وتنتشر في الصحراء الغربية والصحراء الشرقية وشبه جزيرة سيناء وأهم هذه الخزانات هو خزان الحجر الرملي النوبي الذي يقع تحت أجزاء من مصر والسودان وليبيا وتشاد ويمكن السحب منه بأمان لعدد كبير من السنين للأغراض المختلفة كما أوردت أبحاث جامعة برلين، كذلك يدخل ضمن هذه الخزانات خزان الحجر الجيري وينتشر أيضاً على مساحات واسعة ويكون سريان المياه فيها خلال التشققات التي تصل إلى حد اتساع الأنهار إلا أن نوعية المياه في هذه الخزانات ربما تكون في بعض الأحيان أقل عذوبة من ماء خزان الحجر الرملي النوبي. ومياه الأمطار التي تسقط الأمطار بكثافة تتراوح بين 150- 200 مم سنوياً على سواحل البحر المتوسط وتنخفض كثافتها بالاتجاه إلى داخل البلاد. وإعادة استخدام المياه. وتحليه مياه البحر. * ما هي أوجه الاستفادة من استخدامات المياه في مصر ؟ - يستفاد بالمياه في مصر في كافة الأنشطة التنموية والخدمية وتتمثل في ري الأراضي الزراعية حيث تعتبر الزراعة المستهلك الرئيسي للمياه في البلاد حيث تستحوذ على 80-85% من الميزانية المائية ويصل إجمالي مساحة الأراضي المنزرعة في الوقت الحاضر حوالي 8 مليون فدان يمكن أن تزيد إلى 10-11 مليون فدان بحلول عام 2017 - يصل متوسط ما يحتاج إليه الفدان من مياه الري في الوقت الحاضر حوالي ستة آلاف متر مكعب سنوياً أي أن إجمالي نصيب الزراعة من المياه يصل إلى 48 مليار متر مكعب في السنة. كما يحتاج الأمر في بعض الأحيان إلى صرف كميات من المياه للتخفيف من الآثار الضارة لزيادة نسبة الملوثات في المياه كما يحدث بين الحين والآخر في فرع رشيد كذلك يحتاج الأمر إلى صرف كميات من المياه في البحر المتوسط لغسيل النيل وفروعه والترع الرئيسية مما يعلق بها من ملوثات - كما تعتبر زراعة البرسيم شتاءاً والأرز صيفاً في الأجزاء الشمالية من الدلتا ضرورة تمليها الرغبة في دفع مياه البحر إلى الشمال والعمل على منع تداخلها مع المياه الجوفية والأراضي الواقعة في هذا الشريط الموازى للبحر داخل الدلتا. وتحتل الاحتياجات المائية الزراعية الجزء الأكبر من الاستخدامات المائية على المستوى القومي، وتختلف الاحتياجات المائية الزراعية طبقا للمساحة المحصولية المنزرعة حيث يتم زراعة أكثر من محصول واحد على مدار السنة وقد بلغت الاحتياجات المائية الزراعية حوالي 59.3 مليار م3 عام 2006 / 2007 بما يمثل نسبة 85.6 % من إجمالي استخدامات المياه في مصر، وهى كمية ما يحتاجه النبات لنموه ويفقده بالبخر والنتح ولا يشمل فواقد التوصيل في شبكة الري والتسرب من الحقول. وعلى الرغم من أن مصر فقدت جزءا ليس بالقليل من أراضيها الخصبة بسبب تجريف الأراضي والزحف العمراني إلا أنه يتم بذل محاولات لتعويض ذلك عن طريق التوسع في الرقعة الزراعية من خلال التوجه نحو الأراضي الجديدة بإقامة مشروعات جديدة مثل مشروع تنمية جنوبالوادي ( توشكي ) ومشروع شرق التفريعة ، ومشروع تنمية خليج السويس وذلك بمتوسط سنوي 150 ألف فدان . وهذا يعنى زيادة الاحتياجات المائية للزراعة في المستقبل. * وهل هناك دراسات متعلقة بكميات الري في مصر؟ - تبين الدراسات المتعلقة بكميات مياه الري المستخدمة لمحاصيل العروات الثلاث (الصيفية والشتوية والنيلية ) والفاكهة حسب الأقاليم لكل من الحقل وأمام الترع وعند أسوان عام 2005 أن إجمالي كميات المياه عند الحقل على مستوى الجمهورية حوالي 29.8 مليار م3 موزعة بنسبة 33.1% للمحاصيل الشتوية ، 52.7% للمحاصيل الصيفية ، 3.9% للمحاصيل النيلية ، 10.3% لمحاصيل الفاكهة . وكانت نسبة الوجه البحري 64% ، ومصر الوسطى 17% ، مصر العليا 19% من إجمالي كمية مياه الري عند الحقل. في حين يلزم صرف حوالي 35.4 مليار م3 عند أفمام الترع منها حوالي 11.2 مليار م3 في الموسم للمحاصيل الشتوية ، وحوالي 19.3 مليار م3 في الموسم للمحاصيل الصيفية , وحوالي 1.4 مليار م3 في الموسم للمحاصيل النيلية، وحوالي 3.5 مليار م3 للفاكهة. بينما يلزم صرف حوالي 46.1 مليار م3 عند أسوان لري نفس المساحة المحصولية منها 14.5 مليار م3 للمحاصيل الشتوية ، 25.4 مليار م3 للمحاصيل الصيفية وحوالي 1.7 مليار م3 للمحاصيل النيلية ، وحوالي 4.6 مليار م3 للفاكهة بزيادة قدرها 16.37 مليار م3 عن القدر اللازم لري المساحة المحصولية بالحقل مما يدل على وجود فواقد قد تصل إلى حوالي 50% في بعض المناطق. * وما هي التحديات التي تواجهه الإدارة المائية في مصر؟ - تواجه الإدارة المائية في مصر العديد من التحديات التى يمكن تلخيصها في ثبات الموارد المائية مع زيادة الاحتياجات، حيث كان تعداد المصريين في بدايات القرن التاسع عشر لا يزيد عن 2.5 مليون نسمة – وصل هذا التعداد في بدايات القرن الحادي والعشرين إلى ما يزيد عن 70 مليون نسمة ولكن الإيراد الطبيعي لنهر النيل - المصدر الرئيسي للمياه - لم يتحرك خلال هذه الفترة بما يعنى أن نصيب الفرد من المياه عام 1800 كان يصل إلى حوالي 20000 متر مكعب سنوياً انخفضت إلى ما يقل عن 1000 متر مكعب عام 2000 - هذا بينما تضاعفت احتياجات المواطنين من الماء بسبب ارتفاع مستوى معيشتهم الأمر الذي انخفض فيه نصيب الفرد من المياه إلى حوالي 759 متر مكعب عام 2007 ويتوقع أن ينخفض إلى 582 متر مكعب سنويا عام 2025. واستئثار الزراعة بالنصيب الأكبر من المياه، رغم أن الأنشطة الزراعية تحصل على ما يزيد عن 80% من الميزانية المائية للبلاد إلا أن مساهمة هذه الأنشطة في الدخل القومي لا تزيد عن 15-20% - كما أن ما لا يقل عن 40% من القوة العاملة في البلاد تحصل على قوتها من الأنشطة الزراعية التي يدخل فيها العمل في مهنة الزراعة ونقل الحاصلات الزراعية وبيعها والعمل في الصناعات التي تقوم على الزراعة وتعبئة وتصدير الحاصلات الزراعية وغيرها. وثقافة الوفرة المائية، ولعل هذا أخطر ما في الموضوع حيث تسود ثقافة الوفرة في أذهان وتصرفات المواطن المصري ومن ثم فإنه يتعامل مع الماء كما لو كان موردا لا ينضب ويتمثل ذلك في الإسراف في استخدام الماء في المنازل وعدم التحكم في الأجهزة المنزلية (الصنابير – السيفونات) ورش الشوارع بالمياه ورى الحدائق الأمامية والخلفية بالمياه المنقاة وغسيل السيارات – ويتمثل ذلك أيضاً في إسراف الزراع في ري أراضيهم وعدم الالتزام بالمساحات التي تحددها الدولة من المحاصيل الشرهة للمياه (الأرز - قصب السكر - الموز) كما أن الصناعة تستخدم من الماء أكثر من احتياجها ولا تهتم باستخدام أنظمة التبريد المغلقة أو الخلطات الجافة أو غير ذلك من التقنيات ,ويمتد الإسراف في استخدام المياه إلى الأغراض الملاحية التي يؤدى عدم التزام الملاحين بالمجارى الملاحية إلى شحوط المراكب والعبارات والاحتياج إلى صرف كميات زائدة من المياه لتعويمها. وتشمل هذه الحلول التغيير الجذري للمركب المحصولي تبعاً لمتطلبات وآليات السوق والاهتمام بالزراعات الشتوية الأقل حاجة لمياه الري على حساب المحاصيل الصيفية واللجوء إلى زراعة الأراضي في البلاد التي لديها متسع من الأراضي الزراعية ووفرة في المياه خصوصاً ما هو كائن منها في القارة الأفريقية. * ما هي أهم وسائل ترشيد استخدام مياه الري في الزراعة المصرية ؟ - أهم وسائل ترشيد استخدام مياه الري في الزراعة المصرية تتمثل في استخدام طرق الري الحديثة في الأراضي الجديدة وفي زراعات البساتين بالوادي والدلتا وتقليل مساحات المحاصيل الشرهة للمياه، وتطوير الري السطحي السائد في الوادي والدلتا. وتخطط الحكومة من ناحية أخري لإحلال الري بالتنقيط بدلا من الري السطحي في ري الحدائق في الدلتا والوادي والتي تزيد مساحتها على 0.5 مليون فدان ، وقد يكون العائق هو من سيقوم بتحمل تكاليف تطوير طرق الري ، وما هو الحافز لدي ملاك الحدائق للقيام بذلك ، وتتوقع وزارة الموارد المائية والري أن تحويل الري في الحدائق إلي ري بالتنقيط قد يوفر ما يصل إلي 0.75 مليار متر مكعب من المياه سنوياً. وتقليل مساحات المحاصيل الشرهة للمياه ، وتتمثل المحاصيل الشرهة للمياه في محصولين رئيسين هما قصب السكر والأرز ، وزراعة قصب السكر تنتشر في صعيد مصر بمساحة إجمالية تقل عن نصف مليون فدان ، ويستخدم معظم إنتاجه في تشغيل مصانع السكر الوطنية ، ويستهلك فدان قصب السكر حوالي 10000 متر مكعب سنوياً ، نظرا لكونه محصولا دائما ، وبما يعادل ضعف استهلاك بنجر السكر مثلا (5000 متر مكعب سنويا). وهناك صعوبات حالية لتحويل زراعات قصب السكر إلى بنجر السكر نتيجة لأن معظم مصانع السكر القائمة يعتمد على قصب السكر في إنتاجه ، وأيضا لان محصول القصب من المحاصيل التقليدية في صعيد مصر واعتاد على زراعته المزارعون هناك لعقود عديدة ، أما بنجر السكر فهو محصول شتوي يزرع في شمال الدلتا لتناسب ظروفها المناخية مع متطلبات نمو هذا المحصول. وقد يتمثل الحل في تطوير نظم الري لمحصول القصب لتقليل مقننة المائي ، وبالتالي فواقد استخداماته المائية ،مع تقليل المساحات تدريجيا وبما يتناسب مع العمر الافتراضي للمصانع الحالية واستبدالها تدريجيا بمصانع أخرى لاستخراج السكر من البنجر، ويمثل محصول الأرز مشكلة حقيقية يعيشها المسئولون عن إدارة شبكة الري سنويا، مع تحرير أسعار المحاصيل الزراعية أصبح الأرز أحد أهم المحاصيل المربحة للمزارعين فزادت المساحات المزروعة تدريجيا إلى 1.30 مليون فدان عام 1992م، ثم 1.6 مليون فدان عام 1997م، وهناك تضارب حول مساحات هذا المحصول خلال السنتين الماضيتين ما بين 1.6 إلى 2 مليون فدان. وبالرغم من أن الخطة المائية للدولة للتوسع في مساحة 3.4 مليون فدان حتى عام 2017م تركز على تقليل مساحات الأرز إلى 900 ألف فدان إلا أنها تغيرت إلى زراعة سلالات جديدة مبكرة النضج ذات استهلاك مائي اقل وإنتاجية اعلي .