أرجأ المجلس الوزاري العربي للمياه في ختام دورته الإستثنائية التي عقدت بمقر الجامعة العربية، اليوم "الخميس" إقرار الاسترتيجية العربية للأمن المائي إلى جلسة أخرى نهائية في موعد أقصاه 10 ديسمبر القادم، لحين إنتهاء الدول العربية من إبداء ملاحظاتها الأخيرة حول بعض البنود المختلف عليها، تمهيدًا لرفعها على جدول أعمال القمة الاقتصادية الثانية المقرر إنعقادها بمصر يناير المقبل. صرح بذلك المهندس محمد النجار وزير المياه والري الأردني، عقب اختتام الاجتماع الذي لوحظ غياب تام لعدد من الدول العربية منها: السعودية والإمارات والصومال وليبيا. وقرر المجلس الوزاري العربي للمياه تأجيل إقرار أو اعتماد الإستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة. وقال الوزير الأردني في تصريحات صحفية في ختام الاجتماع أن التأجيل جاء بسبب غياب بعض الدول العربية خاصة السعودية التي أبدت بعض الملاحظات على مشروع الاستراتيجية، وكذلك وجود عدد من المستجدات في هذا المجال، حيث فضلت الدول العربية أن تكون الصيغة النهائية للاستراتيجية المائية العربية نهائية ومتكاملة وتم الإتفاق على إقرار هذه الإستراتيجية قبل القمة العربية الاقتصادية الثانية في شرم الشيخ في 19 يناير 2011، وتم تحديد يوم العاشر من شهر ديسمبر 2010، موعدًا نهائيًا لتحديد الصيغة النهائية للإستراتيجية، حيث ستعقد اللجنة الفنية العلمية الاستشارية للمجلس الوزاري اجتماعًا لها لمراجعة الإسترتيجية في ضوء ملاحظات الدول وإرسالها في صيغتها النهائية إلى الدول العربية لإقرارها واعتمادها حتى يمكن رفع تقرير للقمة العربية الاقتصادية القادمة في شرم الشيخ، وهو تقرير إنجاز حول متابعة تنفيذ قرارات قمة الكويت الاقتصادية والتي أقرت وضع هذه الاستراتيجية. ومن جانبه أكد وزير الكهرباء والماء بدولة الكويت بدر الشريعان أن هذه الاستراتيجية تأتي تنفيّا لتكليفات القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي عقدت بالكويت يناير 2009. وقال في تصريحات صحفية أنه تم الإتفاق على الإنتهاء من صياغة هذه الإستراتيجية العربية للأمن المائي قبل التئام القمة العربية الاقتصادية الثانية في شرم الشيخ يناير 2011، حيث تم اعطاء فترة شهرين للدول العربية لإبداء ملاحظاتها وتم تحديد يوم 10 ديسمبر القادم موعدًا لصياغة الاستراتيجية في شكلها النهائي. وخصص المجلس الوزاري اجتماعه الاستثنائي لمناقشة بند واحد وهو "الإستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية" لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة. وفي الجلسة الافتتاحية أكد الوزير الأردني أهمية تفعيل الاستراتيجية العربية إستراتيجية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة، لافتًا إلى أن اعتمادها والتصديق عليها من شأنه تمكين الدول العربية من الإستخدام الأمثل لمصادر المياه والعمل على توفير مصادر مائية غير تقليدية، وكذلك التصدي للمخاطر التي تواجه هذا المجال الحيوي . وحث د. محمد النجار على التصديق على استراتيجية الأمن المائي العربية، موضحًا أن قضية المياه تشكل هاجسًا كبيرًا للعديد من دول المنطقة، خاصةً وأن العالم العربي يعاني شح المياه ومصادرها، وكذلك ما يتعلق بالتغيرات المناخية وغياب الإدارة الواعية لموارد المياه. كما نبه د. النجار إلى أن الصراعات الإقليمية والدولية وتداعياتها في المنطقة تحتم ضرورة تضافر الجهود العربية عبر استراتيجية الأمن المائي كأساس ثابت لتحقيق التنمية المستدامة في ظل المتغيرات العالمية الراهنة، وكذلك محدودية المصادر المائية، خاصة المتجددة منها مما يستدعي حسن استغلال الموارد المتاحة وترشيد استهلاكها. كما انتقد د. النجار غياب الوعي حول هذه الأمور داعيًا إلى نشر التوعية بمخاطر نقص المياه والعمل على رفع كفاءة استخداماتها بما يعزز المجالات التنموية. وشدد د. النجار على ضرورة تضافر الجهود العربية لتعزيز التعاون في مجال المياه وتنمية مواردها وتبادل الخبرات في هذا المجال المهم، لافتًا إلى أن الإستراتيجية المعروضه على جدول أعمال الوزاري العربي للمياه تكفل للدول العربية تحقيق الأمن المائي وزيادة مجالات التعاون المشترك، حيث أنها مبنية على التفاهم المشترك وتقاسم المياه، وتوحيد الرؤى العربية حول قضية المياه أمام المحافل الدولية، كما انها تركز ايضًا على أهمية تفعيل المبادرات البناءة التي ترسي الحقوق العربية المتعلقة بالمياه. وأكد د. النجار أهمية إيلاء الاهتمام الأكبر لقضية المياه بحيث تشكل أولوية للدول العربية في كافة الفعاليات الدولية ونشاطات الأممالمتحدة، داعيًا الى ضخ المزيد من الاستثمارات في مشروعات المياه لحماية المصادر المتوافرة وإيجاد مصادر غير تقليدية وتنمية استخدامات المياه وإدارتها بالشكل الأمثل، وتعميق التفاهم المشترك فيما يتعلق بالأمن المائي العربي وزيادة البرامج التدريبية لتأهيل الكوادر العربية بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والنقل البحري . كما لفت د. النجار الى ضرورة الاستفادة من المياه المعالجة وتوسيع نطاق استخداماتها وتحلية مياه الآبار وإشراك القطاع الخاص في المشروعات المتعلقة بتلك المجالات. وحث د. النجار الدول العربية على ضرورة تطبيق استراتيجية الأمن المائي لتحقيق الأهداف المرجوة منها وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة، ومواجهة التحديات المرتبطة بقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية وتذليل العقبات السياسية أو الفنية والإسراع بتقديم ملاحظات الدول العربية حول مشروع قانون المياه الجوفية العابر للحدود لتضمينها في موقف واحد، وكذلك حل المشكلات المتعلقة بالمياه عبر الحدود الوطنية للدول العربية. من جانبه أشار د.محمد بن ابراهيم التويجري الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بالجامعة العربية إلى أن إنجاز الإستراتيجية العربية للأمن المائي يؤكد أن المجلس الوزاري العربي للمياه قد أرسى القواعد والأسس والتوجهات الأساسية للسياسة المائية في الدول العربية والذي سيتكمل بوضعها حيز التنفيذ الفعلي مشروع الإدارة المتكاملة للمياه بالتنسيق مع مؤسسات التمويل العربية وجميع الجهات المعنية بالمنطقة. وأوضح أهمية هذا الاجتماع الذي يأتي قبيل انعقاد القمة الاقتصادية المقبلة، والتي سيكون من اهم البنود المعروضة عليها هو تقييم التقدم المحرز في متابعة تنفيذ قرارات قمة الكويت الاقتصادية 2009 ، ومنها موضوع الأمن المائي العربي. وأضاف د. التويجري انه من هذا المنطلق فإن المجلس الوزاري العربي للمياه سيدرس اعتماد مشروع الإدارة المتكاملة للمياه واستراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية، وبذلك يكون قد نفذ ما عليه من تكليفات قمة الكويت الاقتصادية. وأعرب د. التويجري عن أمله في أن يتبع اعتماد الإستراتيجية بمشاريع مائية كبرى يتم تنفيذها على أرض الواقع من خلال تخصيص الموارد المالية اللازمة لهذا القطاع الحيوي واعطائه الأولوية في سياات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك الخطوط الوطنية ليقوم بالدور الهام والأساسي في تحقيق الأمن المائي القومي العربي، خاصة وأن الأمر يتعلق بأحد الموارد الأساسية في حياة الإنسان. من جانبه أكد عبد اللطيف رشيد وزير الموارد المائية العراقي في كلمته خلال الاجتماع أهمية الإستراتيجية العربية للأمن المائي، معربًا عن أمله في أن تكون أحد الأطر الفاعلة والأساسية في إدارة الموارد المائية العربية وتسخيرها لخدمة عمليات التنمية والتطور في القطاعات الاقتصادية للمجتمعات العربية. وأشار إلى أهمية تلك الإستراتيجية في حماية مصادر المياه من الأخطار والتحديات التي تواجهها الطبيعية منها كظواهر الجفاف والتصحر والتغيرات المناخية أو الخارجية والمتمثلة بمخاطر استغلال دول المنابع لمياه الأنهار المشتركة بصورة انفرادية دون التشاور مع دول المصب، والذي يعد إخلالاً بالقواعد والأعراف القانونية الدولية التي تنص على الإستخدام العادل والمنصف لمياه الأنهار بين الدول المتشاطئة. وأوضح وزير الموارد المائية العراقي أن الإستراتيجية تعد كذلك حلقة من حلقات الدفاع عن الحقوق المائية العربية في المياه المشتركة مع دول غير عربية وهو بحاجة إلى تفعيل الأطر القانونية الدولية، وخاصة الإتفاقيات الدولية التي تنظم العمل بقطاعات المياه المختلفة. وشدد رشيد على ضرورة التنسيق المشترك بين الدول العربية خاصة فيما يتعلق بإجراء المشاورات بينها قبل الشروع في تنفيذ أعمال الإنشاءات والمشاريع المائية على الأنهار الدولية المشتركة، وبلورة موقف عربي مشترك من قضايا المياه المشتركة ومساندة الحقوق العربية في اتفاقيات لقسمة عادلة ومنصفة تستند إلى قواعد وأعراف واحكام القانون الدولي لمياه الأنهار الدولية بين الدول المتشاطئة، ودعم جهود التوقيع والمصادقة على اتفاقية الأممالمتحدة لقانون استخدام المجاري المائية الدولية للأغراض غير الملاحية لعام 1997 باعتبارها الإطار القانوني المناسب الذي يمكن أن يستند عليه في إدارة الأحواض المائية المشتركة . وحث الدول العربية على دعم تطبيق الإتفاقيات الدولية في مجال المياه المختلفة في المنطقة العربية كإتفاقية الأراضي الرطبة " رامسار" واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر ، واقامة برامج تدريبية مشتركة بين الدول العربية في مجالات المياه المختلفة يكون الهدف منها رفع وتعزيز مهارات العاملين بما يحقق الادارة المتكاملة للمياه . وتأتي تلك الدورة في إطار العمل العربي المشترك في مجال مواجهة التحديات البيئية، وتلبية المتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة وخاصة من حيث توفير الموارد المائية، وهي الإستراتيجية التي كلف المجلس بوضعها بقرار من قمة الكويت العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية (الكويت – 2009). وتعتبر الإستراتيجية العربية للأمن المائي بوتقة عمل تنصهر فيها الخبرات العربية وخبرات المؤسسات المائية الوطنية، لتعبر عن التوجه العربي المشترك نحو تحقيق التنمية المستدامة، كما تمثل برنامجًا طويل الأمد وآلية عمل للتغلب على تحديات المستقبل في ميدان تنمية وإدارة الموارد المائية المحدودة في المنطقة العربية حيث تمتد معظم أراضي المنطقة عبر مناطق جافة أو شبه جافة، تتسم بندرة الموارد المائية خاصة في ظل التغيرات المناخية التي بدأت تسود العالم، وكذلك إشكاليات منابع ومجاري ومصبات العديد من الروافد والأنهار والطبقات الحاملة للمياه الجوفية. وتمثل هذه الإستراتيجية الإطار الذي يسترشد به المجلس الوزاري العربي للمياه ويعمل من خلاله، استجابة للمتغيرات الجديدة على صعيد الأمن المائي والغذائي، ومستجدات التغيرات المناخية وانعكاساتها على المنطقة. وتغطي الإستراتيجية فترة زمنية تمتد حتى عام 2030 على أن تتم مراجعتها كل خمس سنوات وفق مؤشرات دقيقة للأداء يمكن قياسها ومراقبتها وبالتالي مراجعة الإستراتيجية على ضوئها. ومن أهم محاور الإستراتيجية، متابعة الدراسات الإقليمية حول واقع مصادر المياه في المنطقة العربية وبناء نظام معلوماتي مائي عربي متكامل، تطوير البحث العملي ونقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة، مواجهة ظاهرة التغير المناخي وتأثيراتها على الموارد المائية في المنطقة العربية والتكيف معها، إرساء مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، تحقيق مبادئ الألفية الثالثة للتنمية، توفير التمويل اللازم لمشاريع المياه، رفع كفاءة استخدم المياه في المنطقة العربية، حماية الحقوق المائية للدول العربية، تنمية القدرات المؤسسية والبشرية في قطاع المياه، رفع مستوى الوعي المائي والبيئي لدى كافة شرائح المجتمع العربي، حماية البيئة المائية الساحلية، التوسع في استعمال المياه غير التقليدية، التطوير المؤسساتي والتشريعات والقوانين المائية، وضمان التكامل بين إستراتيجية الأمن المائي العربي والإستراتيجيات العربية التنموية ذات العلاقة.