لم يكن التخطيط لبناء المجتمعات الجديدة في مصر يهدف فقط لمجرد نقل الكثافة السكانية خارج نطاق المدينة القديمة لتخفيف الضغط علي طرق ومرافق تلك المدينة علاوة علي زيادة القدرة الاستيعابية للمدينة في مواجهة التزايد السكاني فهذا امر لا يمكن الاختلاف عليه ولكن يفترض ان يتضمن التخطيط لبناء هذه التجمعات السكانية الجديدة رغبة قومية صادقة لابتكار وابداع حالة معمارية متميزة لمصر جديدة تدعو الاجيال القادمة للفخر بها من ناحية وتليق بالثقافة المعمارية المصرية ذات الشخصية بالغه الثراء والعراقة من الناحية الاخري تماما مثلما نفتخر نحن بطراز عمارة وسط القاهرة علي الرغم من انها طرز اوروبية مستوردة والحقيقة التي اود التعقيب عليها في هذا الصدد ردا علي التساؤل الذي يفرض نفسه لماذا ننبهر ونفتخر بطرز معمارية لا تمت للثقافة المعمارية المصرية بصلة مباشرة الي هذا الحد والاجابة ببساطة اننا لا ننبهر ولا نفتخر بالطراز المعماري العربي في حد ذاته ولكن يكون الانبهار والافتخار بالاتقان والدقة والتوازن والاهتمام المفرط بالتفاصيل التي تدعم هذه الطرز ويتقدمها في احسن صورة تليق بالتراث الثقافي والانضباط الهندسي لهذه الحضارات وهذا يدفعنا للحديث عن الاتقان ومعدلات الدقة والجودة والاهتمام بالتفاصيل تلك الامور التي لم يعد لها مكان في الغالبية العظمي للاسف الشديد من المشروعات المعمارية وخاصة السكنية بدءا من الشقق السكنية العادية صعودا الي اعلي مستويات الفيلات التي يتكلف بناؤها ملايين الجنيهات ازمة التصميم المعماري ترتبط ارتباطا وثيقا بتراجع مستويات التعليم بالطبع ولهذا نادرا ما تجد مهندسا معماريا يصمم عمله بالمعني الصحيح لكلمة تصميم وبطبيعة الحال فالبديل الاسهل هو النقل عن الاخرين دون الخوض في التفاصيل برغم ان اصحا هذه البيوت الذين هم مليونيرات بالصدفة لا يدفعون مقابل اتعاب التصميم الحقيقي الذي نقصده وهذا الزعم ينطوي علي الكثير من الصحة مع الاسف الشديد وبالتبعية تحول الطراز المعماري لمصر الجديدة الي خلطة عشوائية من عمارة غربية – امريكية – خليجية رومانية مشوهة تلفيقية الخ هذا فيما يتعلق بالقرار الاستراتيجي القومي الذي يتعلق بالاتفاق الضمني للمجتمع المصري باختبار الطراز المعماري لمصر جديدة اما عن التفاصيل فقد تركها السادة المعماريون لتصرف العمال المنفذين ووفقا لقدرة العميل علي شراء العديد من الزخارف للصقها علي واجهات المنازل من الخارج وحوائط واسقف المنزل من الداخل وليس فقط للتعبير علي الثراء وانما للايهام بوجود تاريخ من الثراء الاسري لم يكن له وجود حقيقي في الماضي اما عن الدهانات للزخارف والحوائط والاسقف الداخلية بالذهب والفضة والياقوت والمرجان فحدث ولا حرج فهل اصبح الانسان المصري صاحب التاريخ العريق من الابداع المعماري مجرد ناقل للطرز المعمارية الخليجية وكانه حديث العهد بالحضارة وهل الاخذ عن الطرو الاغريقية والرومانية بطريقة عشوائية مشوهة هو المصدر الوحيد للتعبير عن اناقة وفخامة المسكن وهل الروح المعمارية للطرز المصرية سواء الفرعونية او القبطية والاسلامية التي يتم تطويرها تصميميا بوعي وفهم صحيحين قد عجزت عن التعبير عن مضامين الفخامة والاناقة والخ وهل من طبيعة الامور ان الاجانب الذين ياتون الي مصر للعمل والاقامة لفترة من الزمن يحرصون علي تحويل منازلهم للطراز العربي المصري مقدرين لقيمة هذا الطراز وكافة صناعاته اليدوية البسيطة وما هي ثقافة البارون انبان الذي بني حي مصر الجديدة منذ اكثر من قرن من الزمان التي دفعته لابداع هذا الطراز الفريد الذي لا يمكنك القول انه طراز عربي او طراز اوروبي او طراز شرقي بل هو طراز مصر الجديدة