رغم حرب التوبيخات التي اشتعلت بين تركيا وإسرائيل, ورغم تفاقم الخلافات بينهما السياسية بينهما، إلا أن وفدًا من الصناعات الحربية الإسرائيلية اختتم زيارة عمل ناجحة لتركيا استمرت لمدة 3 أيام تم خلالها إبرام سلسلة الصفقات والبرامج في التعاون الأمني والتصنيع الحربي بين البلدين. وقد ذكرت الصحف الإسرائيلية الصادرة صباح اليوم أن الوفد الإسرائيلي شمل عشرة من كبار مندوبي الصناعات العسكرية الإسرائيلية على رأسهم الجنرال الاحتياطي "أدوني شاني" المدير العام الجديد لوزارة الدفاع والذي سيبدأ رسميا اليوم مهام منصبه. ووصفت مصادر إسرائيلية مطلعة الزيارة بأنها ذات نتائج إيجابية وناجحة للغاية، مشيرة إلى أن "شاني" التقى وزير الدفاع التركي وبحث معه ترتيبات الزيارة المقررة لوزير الدفاع إيهود باراك بتركيا يوم الأحد القادم، بهدف إبرام صفقات تسليح حربي لم يفصح عنها بعد. وعلى صعيد آخر، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلقه من تدهور العلاقات بين إسرائيل وبين تركيا مشيرًا إلي أنه في خلال العامين الأخيرين بدأت تركيا تتجه نحو الشرق في اتجاه الجانب الإيراني والسوري بدلاً من توجهها نحو الغرب خاصة أوروبا والولايات المتحدة وهذا هو الأمر الذي يثير قلقنا خلال الفترة الأخيرة وكان الاعتذر الإسرائيلي عن الفخ الذي دبره نائب وزير الخارجية الإسرائيلية للسفير التركي بتل أبيب خطوة تعكس حرص إسرائيل على العلاقات مع تركيا ، خاصة وأن إسرائيل معروف عنها صلفها وعجرفتها في علاقاتها الخارجية.."، كما أن ردود الأفعال الإسرائيلية إزاء تصريحات ليبرمان التي رفض فيها إشراك تركيا كوسيط في مفاوضات السلام مع الجانب السوري مما سبب انزعاجًا كبيرًا في الأوساط السياسية في إسرائيل، حيث قال نتنياهو: إن ليبرمان يلحق ضررًا كبيرًا في العلاقات الخارجية الإسرائيلية، خاصة وأن إسرائيل هي التي طلبت عودة تركيا للوساطة بينها وبين الجانب السوري. وقد تناولت التحليلات السياسية في إسرائيل وخارجها توتر العلاقات التركية الإسرائيلية ومستقبل هذه العلاقات في ظل تولي ليبرمان وزارة الخارجية الإسرائيلية وبقاء حزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة في تركيا. ففي فبراير 2009 أورد "تسفي برئيل" مقولة لأحد أعضاء مجلس الأمن القومي التركي قال فيها: "على إسرائيل أن تفهم وجهة النظر التاريخية في العلاقات التركية، وأن تركيا اليوم ترى أن العلاقات مع إسرائيل أفضل بكثير من العلاقات مع العالم العربي، كما أن الخلفية الثقافية للمجتمع التركي تؤكد على العداء الثقافي بين إيران وتركيا، ولذلك فإن اليهود وإسرائيل هم الحلفاء الحقيقيون لتركيا، حسب زعمه، وإنني محبط جدًا من التدهور الذي أصاب العلاقات الإسرائيلية التركية. أما في إسرائيل، فالتاريخ ليس له أهمية، لأن الأهمية الحقيقية تبدأ من توقيع اتفاقية للتحالف العسكري بين الجانبين التركي والإسرائيلي عام 1996، والتي تضمنت تعاونا عسكريا في مجال تدريب القوات، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وبيع وشراء المعدات العسكرية، بالإضافة إلى إصلاح المعدات العسكرية. وقال برئيل أن تركيا التي تمتلك جيشًا يبلغ قوامه حوالي 700 ألف جندي ، وموازنة عسركية بلغت حوالي 12 مليار دولار ، تحتاج إلى عتاد عسكري وتكنولوجية متطورة بكميات كبيرة للغاية ، وأضاف أن إسرائيل لا يجب عليها النظر إلى كميات التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي مع تركيا ، بل عليها أن تضع نصب عينيها القوة الناعمة لتركيا ، فهي الدولة المسلمة الوحيدة التي ترى تشارك إسرائيل في مخاوفها من إيران ، كما أنها هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تستطيع أن تقيم علاقات اقتصادية وسياسية جيدة مع إسرائيل وإيران وسوريا والعراق في نفس الوقت ، دون أن تكون مجبرة على قطع علاقاتها مع أي من هذه الدول . وأشار برئيل إلى أن هذه الصورة التي ترسمها تركيا لنفسها ، هي التي تساعدها على نهج سياسة خارجية مستقلة إزاء كل قضايا المنطقة بعيدًا عن التبعية السياسية للولايات المتحدة أو غيرها من القوى الإقليمية والدولية . وفي النهاية أكد برئيل على أن إسرائيل دائما ما تسعي إلى حماية نفسها عن طريق دائرة غير عربية ، تمثلت في إيران وتركيا وأثيوبيا ، فلابد لإسرائيل من السعي إلى المحافظة على العلاقات مع تركيا بعد أن توترت العلاقات مع الجانب الإيراني خلال السنوات الماضية .
وفي موقع " يسرائيل هيوم " كتب دان مرجليت أن رجب طيب أردوغان يسعى جاهدًا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب ، وهو بذلك يعتقد أن هذا الأمر سيزيد من رصيده لدى العالم الإسلامي خاصة إيران وسوريا ، ولكنه سوف يكشف قريبًا أن العكس هو الصحيح . وفي 27 نوفمبر 2009 قال موقع دبكا الإسرائيلي أن إسرائيل لا تهتم كثيرًا بتصريحات أردوغان ، لأنها تعلم جيدًا أنه ليس جميع الأتراك مثل أردوغان ، ولكنها تبتسم في وجه تركيا ، وتحاول إعادة العلاقات التركية الإسرائيلية إلى سابق عهدها ، وفي 13/10/2010 وأشار الموقع نفسه إلى أن إسرائيل تخشى من التقارب التركي السوري ، وأضاف أن دولة تقيم علاقات وتحالفات مع نجاد والأسد بالإضافة إلى الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون باقية على استمرار علاقاتها الجيدة مع إسرائيل . وفي 12/10/2010 قال اسفي برئيل في جريدة هاارتس إن موافقة الجيش التركي على السياسة التركية إزاء إسرائيل ، يعكس وجهة نظر تركيا مفادها أنها تريد الابتعاد بسياستها عن إسرائيل ، خاصة في ظل تقاسم المهام بين الجيش والسلطة السياسية في النظام التركي . ورغم الاعتذار الأخير الذي قدمته إسرائيل لتركيا بسبب إهانة السفير التركي في تل أبيب ، إلا أن موقع واللاه الإخباري أشار في 10/1/ 2010 إلى أن إسرائيل توجه رسالة تحذيرية لتركيا مفادها ( أن تركيا لابد أن تكون حذرة في تعاملها وتصريحاتها إزاء إسرائيل ، وأضاف الموقع نقلاً عن وزارة الخارجية الإسرائيلية " الكلاب تنبح والقافلة تسير " وهو ما يعني إدراك إسرائيل لرغبة تركيا في الابتعاد عنها ، وحرص إسرائيل على العلاقات الخارجية مع تركيا من خلال الاعتذار الأخير الذي قدمته تركيا إلى تل أبيب