حذرت دراسة أعدها "معهد بحوث الأراضي والمياه" بوزارة الزراعة من خطورة الإسراف في استخدام الأسمدة الكيماوية، والتي تحتوي نسباً عالية من الكاديوم والرصاص والنيكل، وتصيب المواطنين بأمراض بالغة الخطورة منها السكتة القلبية ونقص الأكسجين في الدم وجلطات في شرايين الرئة. وكشفت الدراسة عن أن مصر من أكثر الدول العربية استهلاكاً للأسمدة الكيماوية، وأكثرها إسرافاً في استخدام المخصبات الزراعية وخاصة الأسمدة النيتروجينية والفوسفاتية والبوتاسية، بهدف زيادة الإنتاج الزراعي دون الالتزام بمعدلات هذه الأسمدة والتي لا تستفيد منها النباتات بأي كميات زائدة عنها، لذا تذوب هذه الكميات في مياه الري وتتخلل التربة الزراعية، خاصة في ظل المشكلات التي يعانيها قطاع الإرشاد الزراعي، والذي اعترف بوجودها الحزب الوطني في "مؤتمره السادس" مؤخراً على لسان الدكتورة سلوى بيومي، رئيس لجنة السياسات الزراعية بالحزب الوطني، باعتباره يشهد "عزلة عن الفلاح". وأكدت الدراسة التي أعدها الدكتور نبيل فتحي قنديل الباحث بمركز البحوث الزراعية حول "الآثار البيئية للإسراف في الأسمدة" علي أن إسراف استخدام الأسمدة لدى المصريين مما يتسبب في هدم التوازن الكائن في التربة بين عناصر غذاء النبات ويخلق بيئة غير متوازنة للنباتات النامية، بالإضافة إلى إحداث خلل يضر بالتنوع البيولوجي في التربة. وأوضح الباحث في دراسته أن الضرر البيئي يأتي من الإسراف في إضافة الأسمدة الفوسفاتية إلى ترسيب بعض العناصر النادرة الموجودة في التربة الزراعية التي يحتاجها النبات في نموه وتحويلها إلى مواد عديمة الذوبان في الماء غير صالحة لامتصاص النبات. وقد بينت الدراسة احتواء الأسمدة الكيماوية على عناصر ثقيلة مثل الرصاص والكاديوم والنيكل والكوبالت وكانت الأسمدة النيتروجينية الأقل تلوثاً بهذه العناصر، وكان أعلى تركيز للرصاص والكاديوم في الأسمدة البوتاسية وأعلى تركيز للكوبالت والنيكل في الأسمدة الفوسفاتية، لافتة إلى الخطورة الشديدة لزيادة نسب تركيز هذه المركبات على صحة الأطفال والبالغين. وقال قنديل في دراسته إن مصانع الأسمدة النيتروجينية ينتج عنها تخزين غاز الامونيا الذي يعتبر استخدامه مخالفاً لشروط الأمان البيئي باعتبارها مادة سامة قابلة للانفجار فضلاً عن وجود عشرة أمراض خطيرة تصيب المواطنين نتيجة تعرضهم لجرعات زائدة من الأمونيا، سواء من انبعاثات المصانع، أو من الإفراط في استخدام السماد في التربة والتعرض لها، ومنها جلطات في شرايين الرئة وارتفاع عدد كرات الدم البيضاء واختلال في كفاءة المخ واحتراق الشفاة وفتحات الأنف والقصبة الهوائية والبلعوم والجلد، والسكتة القلبية ونقص الأكسجين في الدم. وأضافت الدراسة جانباً كارثياً إلى التلوث الناتج عن هذه المصانع، حيث يلزم تشغيلها استهلاك حوالي 10 ملايين متر مكعب سنوياً من المياه العذبة للتبريد، والتي تلقى في المجاري المائية مسببة تلوثا مائيا يهدد التنوع الحيوي أيضاً. وأوصت الدراسة باستخدام التوصيات السمادية مع ضرورة إحلال السماد العضوي بجزء منها شاملاً الكمبوست المصنع من مخلفات الزراعة، كما يمكن اتباع نظام الزراعة العضوية بالكامل، والذي يقتضي استبدال الأسمدة الكيماوية بالأسمدة العضوية والمخصبات الحيوية لتقليل التلوث بالعناصر لتوفير التنوع البيولوجي، ما يفيد في المحافظة على خصوبة التربة وتحسين إدارة المياه على المستوى الحقلي، من خلال التسميد الأخضر، وهو زراعة أي محصول بغرض حرثه في الأرض عند بلوغه طور معين من أطوار نموه، وينصح باتباعه لعدة سنوات لإحداث زيادة في المادة العضوية بالأرض، وكذا التسميد العضوي من المخلفات الزراعية.