في يوم 24 ابريل 2013جرت انتخابات نوادي الشرطة علي مستوي الجمهورية . في ظل ظروف قاسية وبالغة التعقيد , ولم تشهدها الشرطة منذ إنشاء نظارة الداخلية في عهد الخديوي سعيد في 25 فبراير 1857. - تجري في ظل ثورة قامت أساسها ضد الشرطة , وفي يوم عيدها , وتحملت الشرطة ضربة قاصمة في رجالها وعتادها ومقراتها وسياراتها , ولا تزال تترنح تحت وطأة تلك الضربة . - وتجري أيضا في ظل أختفاء 4 ضباط شرطة خطفا في سيناء مع مراحل الثورة الأولي . وسط حالة قاسية وغريبة من الصمت الإعلامي والقومي , ومحاولة غير مبررة من جانب الدولة للتعتيم علي هذا الموضوع . مع إشاعات ومعلومات غير موثقة تشير الي جيراننا الذي يشاركونا في كل شئ , مما جعل زوجاتهم وأقاربهم يتولون بأنفسهم جمع أي معلومات عنهم لتقديمها الي المسئولين عبر أجهزة الإعلام , ولكن دون جدوى . - فهي تجري بعد شهور من احتراق النادي العام لضباط الشرطة بفعل الألتراس .وهي القوة التي عجزت الدولة بكل أجهزتها عن مجابهتها أو إيقافها عند حدودها , وتلك هي المرة الأولي في تاريخ الشرطة التي يحرق ناديها العام في وسط العاصمة , أمام سمعها وبصرها , كنوع من الانتقام . وسط تقصير أمني لم يسبق له مثيل . لأن هؤلاء الإلتراس أعلنوا أنهم سيضربون الشرطة في عيدها , وقد كان , ولم يتحرك أحد . - كما أنها تأتي في ظروف يطالب البعض فيها بتغيير نظام الشرطة الحالي من أساسه, والذي خلقته السلطات الاستعمارية ليكون سيفا مسلطا علي رقاب المصريين لمدة تزيد عن المائة عام ., ليحل محله نظام آخر أقدر علي التعامل مع المواطنين باحترام طبقا لقواعد حقوق الإنسان , مع الحزم في تطبيق القانون. - وتأتي الانتخابات تأتي وسط مطالبات بتغيير وزير الداخلية ومحاكمته . - وتأتي الانتخابات أيضا في ظل تفكك مؤسسة الشرطة , ومطالبات فئوية جاوزت الحد , وتكتلات , وائتلافات , وتجمعات , تشكل نوع من الضغط القاسي علي أعصاب جهاز الشرطة ومركز إحساسه . مما أثر علي أهم مميزاته وهي الطاعة . - وتأتي أخيرا في ظل انفلات أمني غير مسبوق . مع وجود نوع من التباكي علي الأمن المفقود قبل الثورة. - وتجئ وسط إعلانات لمصادر أمنية رسمية , أن أعداد شهداء الشرطة منذ ثورة 25 يناير 2011 حتى يوم 29 أبريل من العام الجاري، ارتفعت إلى 190 شهيدا، منهم 38 ضابط , 95فرد,52 مجند, 5 خفرا., كما بلغ عدد المصابين من ضباط وأفراد ومجندين الشرطة خلال تلك الفترة 8225 مصاب، منهم 1843ضابط, و1809فرد, و4570مجند, و3موظفين مدنيين. وسط كل تلك المشاهد القاسية والضاغطة جرت انتخابات نوادي ضباط الشرطة . الحقيقة أن فكرة وجود نادي حر لضباط الشرطة يعبر عنهم , ويتولى مطالبهم , راودت الكثير من الضباط الغيورين علي مصلحة هذا الجهاز , ومن أبناءه المخلصين . وقد ناديت بها عبر مقالات عديدة نشرتها , وطالبت بتفعيل نوادي الشرطة , لتكون فعلا معبرة عن آراء الضباط , بعيدا عن هيمنة الوزارة . غير أن الأنظمة الشمولية التي كانت تحكم مصر حتى ثورة يناير 2011 كانت دائما تجهض الفكرة . كانت للضباط مطالب يريدون من ناديهم تحقيقها وتبنيها وهي : - أن يكون النادي قوة دفع لضباط الشرطة للنهوض والإصلاح . - أن يكون بمثابة منبر حر للتعبير عنهم . وكانت فكرة إنشاء نادي شرطة حر , تنبع من فكرة نوادي القضاة أو نوادي هيئات التدريس الموجودة في مصر . لأنها بالفعل تتولي التعبير عن وجهات نظر القضاة وأساتذة الجامعات فيما يخص طريقة تأدية أعمالهم , والتعبير عن آرائهم , أو محاولات الإخلال بها , أو الدفاع عن كرامة المهنة , والمناداة بتحسين مستوي المهنة ورفع شأنها . غير أن وزير الداخلية سارع بالتدخل واستجاب لمطالب الضباط , وأصدر في 18 فبراير الحالي 2013 , لائحة النادي العام لضباط الشرطة . مشترطا أن تجري بالانتخاب الحر المباشر من بين الضباط . طبقا لقواعد منظمة . ودائما تأتي كل القيود في القواعد المنظمة . فقد اشترطت اللائحة أن يرأس كل مديري الأمن نوادي الشرطة في دائرة عملهم . ويكفي هذا لوأد كل محاولة للحديث عن شئ مما يؤلم الجهاز أو يعوق حركته .سوي ما يقوله ويقره السيد المدير , والمشكلة أن أعضاء النادي كلهم مرءوسين لمدير الأمن وتحت سيطرته الفعلية . فمن ذا الذي يجرؤ علي معارضة مدير الأمن أو مخالفته؟ وبالرغم من كل المؤشرات , فقد جرت الانتخابات بطريقة تقليدية تماما , وهي نفس الطريقة التي جرت منذ عشرات السنين . واجتمعت الجمعيات العمومية للضباط في كل مديريات الأمن يوم الانتخابات , ولم نسمع منها بيان واحد يشير الي كل أنواع المعاناة التي يقاسيها الجهاز . أو حتى الإشارة الي الضربات التي تؤلمه , أو حتي وجود أزمة في الشرطة , أو أن هناك تربص بجهاز الشرطة , أو وجود مشاكل أمنية في البلاد , ومعاناه في التواجد الأمني , أو حتي مشاكل داخلية في الجهاز . وظهرت نتائجها ليتصدر السادة مساعدي الوزير مديري الأمن في كافة المديريات قائمة الناجحين , ويتولي هؤلاء بحكم لائحة السيد الوزير رئاسة النوادي . ونعود الي حالة الصمت المطبق من جديد .