قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إن الولاياتالمتحدةالأمريكية وجدت نفسها في "وضع حرج" إذا حاولت السير على خطى إيران في اتخاذ موقف متوازن بين بغداد وكردستان. ولفتت الصحيفة - في تقرير لها، الثلاثاء - إلى قول نائب الرئيس العراقي نوري المالكي بأن بغداد لن تسمح بإنشاء ما أطلق عليه "إسرائيل أخرى" على حدود بغداد الشمالية، مشيرة إلى معارضته لإجراء الاستفتاء. وبينما يدعم حلفاء المالكي في طهران موقفه المعارض للاستفتاء، تجد واشنطن نفسها في "وضع محرج" بالنسبة لموقفها من الاستفتاء المقرر إجراؤه في 25 سبتمبر الجاري، وفقًا للصحيفة التي أشارت إلى أن موقف واشنطن من طموحات الأكراد بالاستقلال متناقض. ولفتت الصحيفة إلى تاريخ واشنطن في دعم حق تقرير المصير في العديد من الأماكن حول العالم مثل جنوب السودان وكوسوفو وتيمور الشرقية؛ ودعمت مسيرتها للحصول على الاستقلال. وذكرت الصحيفة أن رؤساء أمريكا السابقين ومنهم وودرو ويلسون وفرانكلين روزفلت كانوا يعتبرون حق الاستقلال قيمة محورية في جهودهم الحربية، إضافة إلى أن مبادئ الأممالمتحدة تنص على المساواة وحق الشعوب في تقرير المصير. وكان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون صرح - في وقت سابق - بأن واشنطن يجب أن تدعم الديمقراطيات الناشئة في كفاحها لتصبح أممًا تحترم حقوق الإنسان بغض النظر عن تصنيفها العرقي". ويحاول الأكراد - حلفاء أمريكا منذ عام 1990 في حربها ضد الرئيس العراقي السابق صدام حسين - إقناع واشنطن برؤيتها في الحصول على الاستقلال عن بغداد. لكن تلك الآمال تحطمت عندما أصدر البيت الأبيض تصريحًا، الجمعة الماضي، قال فيه إن واشنطن لا تدعم نية حكومة إقليم كردستان لعقد الاستفتاء على استقلال الإقليم". وتبع تصريح البيت الأبيض تصريحًا آخر لمبعوث الرئيس الأمريكي لمحاربة "داعش" بريت ماكجورك في إربيل، إذ قال: "لا يوجد دعم دولي لاستفتاء كردستان العراق، ووصف الاستفتاء بأنه يحتوي مخاطرة وأن توقيته غير صحيح". وتساءلت "جيروزاليم بوست": "لماذا تتخذ أمريكا موقفًا من استفتاء كردستان بينما يمكنها الصمت كما هو الحال بالنسبة لموقفها من استفتاء إقليم كاتالونيا". وقالت الصحيفة: "يمتلك الأكراد آمالًا كبيرة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، مشيرة إلى لقاء تم في مايو الماضي، بين منصور بارزاني مستشار مجلس الأمن بالإقليم وبين جاريد كوشنر، مستشار ترامب، وهيربت ماكماستر، مستشار الأمن القومي الأمريكي. وفي يونيو الماضي، كتبه مسعود بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مقالاً بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أكد فيه أن بغداد ستكون جار عظيم لبغداد وأنه سيكون هناك تعاون كبير بينهما في محاربة الإرهاب، مطالبًا الولاياتالمتحدةالأمريكية والمجتمع الدولي باحترام قرار الشعب الكردي". ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من الإدارة الأمريكية قوله إن فريق ترامب يرى أن قضايا إيران وكوريا الشمالية وروسيا تمثل أولوية باعتبارها أزمات تخص الأمن القومي الأمريكي"، وتفضل أن يتم تجنب القضايا الخاصة بالأكراد حتى انتهاء الانتخابات العراقية القادمة، لأن واشنطن تخشى أن تتسبب تلك الخطوة في زيادة النفوذ الإيرانيبالعراق وتساهم في توحيد الشيعة والسنة ضد الأكراد. وتابعت الصحيفة: "يعني هذا أن واشنطن لا ترفض استفتاء كردستان وإنما تطالب بتأجيله"، مشيرة إلى أن بارزاني سبق وأن سمع هذا الحديث من مسؤولين أمريكيين طالبوه بمزيد من الحوار. ويضاف إلى ذلك فإن أمريكا تضع في اعتبارها موقف تركيا الرافض للاستفتاء، وفقًا للصحيفة التي أشارت إلى الدعم التركي لقوات سوريا الديمقراطية التي تحارب "داعش" في سوريا بدعم أمريكي. ولذلك تعتبر أمريكا أن استفتاء كردستان سيكون بمثابة "صداع" في رأسها وربما يؤدي إلى تشتت جهود محاربة "داعش" في المنطقة. ولفتت الصحيفة إلى أن أمريكا تمتلك علاقات قوية مع الأكراد تشبه علاقة واشنطن بإسرائيل، مشيرة إلى حصول قوات البشمرجة التركية على مساعدات عسكرية بقيمة 400 مليون دولار وفقًا لاتفاق مع واشنطن في يوليو 2016، إضافة إلى تأكيدات من السفير الأمريكي بالعراق دوجلاس سيليمان، على استمرار دعم واشنطن للبشمرجة في المستقبل. ويقول جوناثان شانزر، نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "يبدو أن الإدارة الأمريكية منحت ما يشبه وعد بلفور للأكراد مؤكدة حقهم في تقرير المصير لكنها لم تتحدث عن المناطق أو السياسات العراقية"، مشيرًا إلى أن واشنطن ربما تقبل إجراء الاستفتاء في العام القادم".