وزير العمل: 2772 فُرصة شاغرة للشباب في 45 شركة خاصة في 9 مُحافظات    تصدير 25 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    الذهب يستقر في نهاية تعاملات اليوم داخل محلات الصاغة    افتتاح عدد من المساجد بقرى صفط الخمار وبنى محمد سلطان بمركز المنيا    أدنوك تؤكد أهمية تسخير الذكاء الاصطناعي لإتاحة فرص مهمة لقطاع الطاقة    وقوع إصابات.. حزب الله يستهدف مواقع إسرائيلية فى الجولان المحتل    كيف ينظر المسئولون الأمريكيون إلى موقف إسرائيل من رفح الفلسطينية؟    إنفانتينو: أوقفوا النقاش العقيم بشأن مونديال الأندية    خدمة في الجول - طرح تذاكر إياب نهائي دوري الأبطال بين الأهلي والترجي وأسعارها    مؤتمر جوارديولا: نود أن نتقدم على وست هام بثلاثية.. وأتذكر كلمات الناس بعدم تتويجي بالدوري    مستشفى كوم أمبو يستقبل 4 أطفال مصابين بالتسمم بعد تناول وجبة غذائية    اندلاع حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    حصاد نشاط وزارة السياحة والآثار في أسبوع    هيئة الإسعاف: أسطول حضانات متنقل ينجح في نقل نحو 20 ألف طفل مبتسر خلال الثلث الأول من 2024    البنك المركزي الصيني يعتزم تخصيص 42 مليار دولار لشراء المساكن غير المباعة في الصين    20 جامعة مصرية ضمن أفضل 2000 جامعة على مستوى العالم لعام 2024    توخيل يعلن نهاية مشواره مع بايرن ميونخ    كولر: الترجي فريق كبير.. وهذا ردي على أن الأهلي المرشح الأكبر    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    آخر موعد لتلقي طلبات المنح دراسية لطلاب الثانوية العامة    غزة: الجيش الإسرائيلي حرق أجزاء كبيرة من مخيم جباليا    باقي كم يوم على عيد الأضحى 2024؟    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    ضبط سائق بالدقهلية استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بدعوى توظيفها    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    في يومها العالمي.. 9 متاحف تفتح أبوابها بالمجان للمصريين بالقاهرة (تفاصيل)    المركز القومي للمسرح يحتفي بعيد ميلاد الزعيم عادل إمام    جائزتان لفيلمي سيمو وترينو بمهرجان إمدغاسن السينمائي الدولي بالجزائر    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    إيرادات فيلم عالماشي تتراجع في شباك التذاكر.. كم حقق من إنطلاق عرضه؟    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    خريطة الأسعار: ارتفاع الفول وتراجع اللحوم والذهب يعاود الصعود    كوريا الشمالية ترد على تدريبات جارتها الجنوبية بصاروخ بالستي.. تجاه البحر الشرقي    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    وزير الإسكان: انتهاء القرعة العلنية لوحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    أيمن الجميل: مواقف مصر بقيادة الرئيس السيسي فى دعم الأشقاء العرب بطولية.. من المحيط إلى الخليج    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    متحور كورونا الجديد الأشد خطورة.. مخاوف دولية وتحذير من «الصحة العالمية»    أحمد السقا يطمئن الجمهور على صحة الفنان أحمد رزق    حركة فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي العائم منفذ لتهجير الفلسطينيين قسريا    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    بطولة العالم للإسكواش 2024.. هيمنة مصرية على نصف النهائى    وفد اليونسكو يزور المتحف المصري الكبير    إحباط تهريب راكب وزوجته مليون و129 ألف ريال سعودي بمطار برج العرب    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    افتتاح تطوير مسجد السيدة زينب وحصاد مشروع مستقبل مصر يتصدر نشاط السيسي الداخلي الأسبوعي    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    بالأسماء.. إصابة 6 أشخاص من أسرة واحدة إثر انقلاب سيارة ملاكي بشمال سيناء    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    سنن يوم الجمعة.. الاغتسال ولبس أحسن الثياب والتطيب وقراءة سورة الكهف    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    محمد عبد الجليل: مباراة الأهلي والترجي ستكون مثل لعبة الشطرنج    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف بسمة الفيومي.. طريقة عمل الكرواسون المقلي    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحرش .. هتكٌ لمقاصد الشريعة
نشر في مصراوي يوم 08 - 11 - 2015


نائب مستشار مفتي الجمهورية
حرصت الشريعة الإسلامية أن تقيم مجتمعًا مستقيمًا يعيش أفراده في سلام نفسي ومجتمعي، ليحققوا الغاية العظمى من استخلاف الله لبني آدم في الأرض، ألا وهي التعبد إلى الله بعمارة الأرض، ولذا كانت المقاصد العليا للشريعة الإسلامية والتي تمثلت في حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال، هي الغايات التي جاءت التشريعات والعبادات من أجل تحققيها لكي تستقيم حياة العباد في أمور دينهم ودنياهم وتتحقق مصالحهم.
وقد أرسى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تلك المقاصد العليا في خطبة الوداع عندما قال: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال: "اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت".
ولكن يأبى بعض شياطين الإنس إلا أن يهتكوا مقاصد الشريعة من أجل إشباع شهوة شيطانية يفسدون بها في الأرض، وجرفتهم شهواتهم المحرمة إلى الاعتداء على النساء والتحرش بأعراضهم بالكلام تارة وبالنظرات تارة وبالجسد تارة أخرى.
وعن هذا الصنف من حيوانات البشر أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن كثرة المتحرشين وانتشارهم في المجتمع من علامات الفساد في آخر الزمان، فقال وهو الذي لا ينطق عن الهوى: "والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيرهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط". رواه أبو يعلى وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح. وفي حديث أخر رواه الإمام مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: "ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة"، وفي حديث ثالث عن بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطرق تسافد الحمير، قلت : إن ذلك لكائن؟ قال: نعم ليكونن". ومعنى يتسافدوا في الطريق، أي: يزني الرجل بالمرأة في الطريق. ومثله التحرش والاغتصاب.
ولم يتركنا الله سبحانه وتعالى ولا نبيه المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتتقاذفنا أمواج الشهوات، بل وضع الشرع الشريف محاذير وقطع كل السبل التي قد تؤدي إلى انتهاك الأعراض فأمر الرجال والنساء على حد سواء أن يغضوا أبصارهم ولا يطلقوها هنا وهناك للبحث عما يثير غرائزهم، وجاء تحريم الملامسة وكل ما يثير الغرائز، فقال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، وقال كذلك: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}.
فحتى لو تعرض الرجل لغوايه امرأة أو العكس فعليه أن يغض بصره أو يكبح جماح شهوته، وغض البصرة مفهومه أوسع من مجرد النظر إلى مفاتن النساء، بل يتسع ليشمل كذلك سماع ما يثير الشهوة أو تخيله أو الحديث عنه، ولا عذر لرجل أو امرأة أن أحدهما قد أثاره أو حرك كوامنه، فكل نفسٍ بما كسب رهينة، وعلى كل عبد سواء رجل أو امرأة أن يقوم بما عليه ويلتزم بأوامر الله بأن يكون يوسفي الفعل مثلما فعل سيدنا يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز، يقول تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.
ومثلما أمر الله سبحانه وتعالى الرجال بغض البصر والوقوف عند حدود الله وعدم التعرض للنساء بنظرة أو بكلمة أو بفعل، أمر النساء كذلك بالبعد عن عوامل الإغراء وإثارة شهوات الرجال، لأنها علاقة ثنائية متبادلة فيجب أن يقوم كل طرف فيها بواجبه، فقال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، وقال تعالى: {لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}.
ويعد التحرش جريمة مقيته يسعى مرتكبها إلى الإفساد في الأرض، وقد تعود الله سبحانه وتعالى المفسدين في الأرض بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: {إنمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. فأصبح بذلك التحرش ضمن جرائم الحرابة متكاملة الأركان التي تضم هتك الأعراض وإرهاب النساء وتكدير السلم المجتمعي وإثارة الرعب في المجتمع وغيرها.
وجريمة التحرش يجب أن يشترك في ردعها المجتمع كله بمؤسساته وهيئاته وأفراده .. فعلى المسؤولين والمشرعيين أن يسنوا من العقوبات ما يكون رادعًا لهؤلاء المجرمين، فعقوبة التحرش لم ينص عليها في الشريعة بعقوبة محددة، لذا فقد ترك تقدير العقوبة تعزيرًا إلى الحكام، يقول الإمام الشيرازي الشافعي في كتابه "المهذب": "من أتى معصية لا حد فيها، ولا كفارة كمباشرة الأجنبية فيما دون الفرج، وسرقة ما دون النصاب أو السرقة من غير حرز، أو القذف بغير الزنا، أو الجناية التي لا قصاص فيها وما أشبه ذلك من المعاصي، عزر على حسب ما يراه السلطان".
والأهم من ذلك أن تقوم الهيئات البحثية ببحث تلك الظاهرة التي انتشرت في مجتمعاتنا والتطرق لأسبابها والتعمق في تحليلها للوصول إلى رؤية كاملة وشاملة لمعالجة جذور تلك الظاهرة.
كما على الأسرة والمؤسسات التعليمية والتثقيفية والإعلامية أن يقوموا بإعادة صياغة ومراجعة منظومة القيم الأخلاقية في المجتمع وقويمها، بعد أن أصبحت مشوهة مما أدى لتشوه المجتمع وظهور تلك الآفات الأخلاقية الخطيرة، التي تؤدي إلى فساد المجتمع وتكدير أمنه وسلمه وهدم البنية الأخلاقية له.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن كاتبه ولا تعبر بالضرورة عن موقع مصراوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.