وانج يي ل بلينكن: على أمريكا عدم التدخل في شؤون الصين الداخلية وعدم تجاوز الخطوط الحمراء    توقعات مخيبة للأمال لشركة إنتل في البورصة الأمريكية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 17 مسجداً جديداً    مسؤول أمريكي: واشنطن تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    بداية موجة شتوية، درجات الحرارة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024 في مصر    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    إسرائيل تدرس اتفاقا محدودا بشأن المحتجزين مقابل عودة الفلسطينيين لشمال غزة    جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة للحرب على غزة    900 مليون جنيه|الداخلية تكشف أضخم عملية غسيل أموال في البلاد.. التفاصيل    طريقة تغيير الساعة في هواتف سامسونج مع بدء التوقيت الصيفي.. 5 خطوات مهمة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    شعبة أسماك بورسعيد: المقاطعة ظلمت البائع الغلبان.. وأصحاب المزارع يبيعون إنتاجهم لمحافظات أخرى    المستهدف أعضاء بريكس، فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن الدولار    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    ماجد المصري عن مشاركته في احتفالية عيد تحرير سيناء: من أجمل لحظات عمري    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. توجيهات الصحة بتجنُّب زيادة استهلالك الكافيين    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    أحمد سليمان يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    رئيس لجنة الخطة بالبرلمان: الموازنة الجديدة لمصر تُدعم مسار التنمية ومؤشرات إيجابية لإدارة الدين    نجم الأهلي السابق يوجه رسالة دعم للفريق قبل مواجهة مازيمبي    ناقد رياضي: الزمالك فرط في الفوز على دريمز الغاني    طارق السيد: ملف بوطيب كارثة داخل الزمالك.. وواثق في قدرات اللاعبين أمام دريمز    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو والصور: "أبناء عيلبون" صورة مصغرة لقهر الاحتلال
نشر في مصراوي يوم 27 - 05 - 2015

ديسمبر يطل بشتائه، العام 2005، "هشام زريق" بصحبه والده، لزيارة ابن عمه المقيم في "بازل" السويسرية، دار الحديث بين الثلاثة وتوقف عند "النكبة"، طلب الشابين من "سامي زريق" أن يحكي القصة مرة أخرى، المكان كان له أثر في هذا، هنا بتلك المدينة الأوروبية خرج المؤتمر الأول للصهيونية عام 1879، مدبرا في خبث احتلال فلسطين، مئات المرات سمع "هشام" حكاية قريتهم "عِيلبُون" التي هدمها الصهاينة، غير أن تلك المرة مختلفة، "اتذكرها وكأنها تحدث الأن" قال الوالد بصوت مرتعش تخنقه الدموع، لأول مرة يرى الابن أبيه بهذه الحالة، ليتجمد الزمن عندها، ومع ترديده تلك الكلمات "مع الأسف لا يوجد مَن يوثق ما حدث قبل أن يموت الذين شهدوا النكبة".
لم يعلم الأب "سامي زريق" أنه بعد ثلاثة أعوام، سينوب عن ابنه لاستلام جائزة مهرجان "العودة" الفلسطيني عام 2008، عن الفيلم الذي أخرجه "هشام" لتوثيق جريمة المحتل بحق قريته، شعور بالفخر تملك الرجل المسن وهو يشاهد "أبناء عيلبون" الفيلم الوثائقي الأول لابنه، ولازمه حتى وفاته بالعام ذاته، وكأنه رحل بعد اطمئنانه أن طريق النضال موصول، يحفظه ويكلمه فرد مِن صلبه.
عِيلَبَون قرية صغيرة بمدينة الجليل الفلسطينية، قريبة من حدود لبنان كما قال "زريق" مخرج الفيلم، الذي عُرض في نحو 13 مهرجان حول العالم آخرهم تورونتو للفيلم الفلسطيني بكندا، دخل الاحتلال القرية صباح 30 أكتوبر 1948، عاث بها فسادًا حال 531 قرى فلسطينية دمرها، ففي بلدة آل "زريق" ارتكب المحتل مجزرة، حفظ أهل القرية مكان وقوعها بتسميته "ساحة الشهداء".
وقعت النكبة قبل نحو 20 عاما من ميلاد "زريق" الابن، المستقر في ألمانيا مع زوجته وابنه منذ عام 2001، لدرجة جعلت اللغة الانجليزية أسهل لديه في التعبير عن أفكاره بحكم الاعتياد، غير أن القضية الفلسطينية لم تغبِ عنه يوما، يُكرس عشقه للفنون لخدمتها، رغم دراسته لعلوم الكمبيوتر، وعمله مهندس برمجيات، لذا لم يتوانَ في تنفيذ فيلم وثائقي عن وحشية الاحتلال، مدفوعا بكلمات أبيه التي لم تفارقه.
24 دقيقة هي مدة الفيلم، يحكي به أبناء "عِيلبُون" قصة الجريمة التي ارتكبتها الخطة "دالت" لاحتلال فلسطين، وفي بلدتهم الصغيرة مَثل لما حدث. على أنغام الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة تُروى التفاصيل، يستهلها "إيلان بابيه" المؤرخ اليهودي المدافع عن القضية الفلسطينية بالحديث عن النكبة، التي بدأ تنفيذها من عام 1897 حيت مؤتمر الصهيونية الأول، ويُعرض نص الوثيقة السرية الإسرائيلية المعطية الأوامر بإخلاء المناطق، والقضاء على كل العناصر "المعادية" –الفلسطينية.
دموع "أبناء عِيلَبُون" خط واصل بين الأشخاص مِن "رجال ونساء رفضوا أن تُنسى أهوال جريمة هذه الخطة الوحشية" كما قال "زريق"، الذي تواصل مع نحو 20 شخص ممن شهدوا يوم النكبة، تمر المشاهد أمامهم، يرونها كأنها تحدث لتوها؛ احتماء الأهل بالكنائس، انهيال الرصاص العشوائي فوق الرؤوس، والد "هشام" كان بينهم، وكذلك كل عائلة "زريق"، التي قتل الصهاينة ثلاثة منهم، لذا خرج الفيلم أشبه بمحاكاة ذاتية توثق حدث تاريخي، لم يكن الحزن المسيطر عليه فقط، بل النضال "فعِيلَبُون القرية الوحيدة التي طردها الاحتلال وعادت مرة أخرى"، حسب قول المخرج.
"النكبة ليست مجرد كلمة، لكنه حدث سلب الفلسطينيين أرضهم، الجرح الغائر حيث قُتل العديد من الفلسطينيين وذبحوا، والعديد يعيشون على بعد كيلو مترات قليلة من قراهم لكن لا يستطيعون العودة" هكذا عام 48 ل"زريق"، مطالبا التوقف عن تسمية ذلك ب"النكبة" بل "الهولوكوست الفلسطيني"، خاصة أن ما حدث وقع بعد عامين فقط على محرقة اليهود، حسب قوله.
جندي إسرائيلي مدجج بالسلاح يتجه نحو شقيقين من عِيَلُبون، أراد قتلهما، غير أن أمهما بقلة حيلة وغصة تكاد تنزع قلبها من مكانه، صرخت "اترك لي ولد منهما"، فكان لها ذلك، قتل أحدهما وعاش الأخر البالغ حينها 17 عاما، ليحكي ل"زريق" أحد جرائم الاحتلال، الذي لازالت القرية تقاومه، كأحد قرى مناطق ال48.
عاشت "عِيلَبُون" كما قال "زريق" تحت الحكم العسكري الإسرائيلي حتى عام 1966، دخلتها الكهرباء عام 1975، وأثناء تلك السنوات صادرت إسرائيل العديد من أراضي أهل القرية، مما قضى على مصدر دخلهم الأساسي "القليل جدا الآن يعمل بالزراعة"، كما أن الأراضي الواقعة حولها باتت في قبضة الإسرائيليين، مما منع عنها التوسع، "باختصار النضال لم يتوقف بعودة أهل عِيلَبُون بل هو عملية مستمرة".
لكل شيء نصيب من اسمه، وكذلك "عِيلَبُون"، فاسمها وفقا للمعنى العربي المتفق عليه "الأرض الصخرية الصلبة"، وبالنسبة ل"زريق" هو المعنى المعبر عن أهلها "لأنهم نزحوا إلى لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1948، وعادوا لبيوتهم برغم كل المصاعب، وظلوا بها كما الأرض الصلبة"، وذلك سبب آخر دفع المخرج الأربعيني إلى تسجيل حكاية قريته الصغيرة لما بها من أمل "عِيلَبُون أعطت أهمية لحق العودة.. وأنا أريد أخبر العالم أجمع ما حدث للفلسطينيين ما بين عامي 1947-1948، وأنهم لم يهربوا، ولكن أغلبهم طرد، وتحولوا إلى لاجئين".
عمل "زريق" على إعداد الفيلم وإخراجه خلال عام 2006، قام بعمل فريق كامل، عاونه فقط مصور، وما زاده "أبناء عِيلَبُون" سوى معلومات أكثر عن الأحداث في فلسطين، وإدراكا لواقع "كم هو صعب أن تكون صانع أفلام فلسطيني تريد قول الحقيقة"، فما واجه المخرج المشاكل إلا لمضمون الفيلم من التمويل والمشاركة في المهرجانات، وتذكر "زريق" كلمات القناة الألمانية له "ستحصل على تمويل لو عملت فيلم يُظهر تعايش الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن ليس من أجل فيلم مثل فيلمك".
في ساحة الشهداء، تلك المنطقة الصغيرة بمركز الجانب القديم من عِيلَبُون، قادت قوات "الهاجناه" الإسرائيلية أهالي القرية، رافعين أيديهم فوق رؤوسهم، قبل أن يختاروا ذبائحهم، وضمنهم كان شقيق والد "زريق"، الذي وصفه بالفيلم "كان لابس رابطة منقطة" قبل أن تحتبس العَبرات في عينيه، ويتحرج صوته على استكمال الواقعة التي قتُل بها 17 من أبناء "عِيلَبُون" بدم بارد.
أنجز "زريق" فيلمه الأول وتبعه بأخرين يحملا عبق القضية، الأول عام 2009، والثاني 2011، يقاوم بتقسيم وقته لأجل الفن المعبر عن القضية، والعمل العائل لأسرته، ويعينه على المواصلة في الوقت ذاته، يستسقي من عزيمة أهل عِيلَبُون، ما يربت على كتفه في ظل غياب الدعم الذي يجعل أعماله تستغرق الكثير من الوقت، ويُعرضها للتوقف بين الحين والآخر.
"لأني رفضت الوقوف بدون صلاة" ختام يليق بحديث أهل عِيلَبُون، انهت كلمات "محمود درويش" بصوت "مارسيل خليفة" الفيلم القصير، توفى والد "زريق" وعدد كبير ممن سجل الفيلم شهادتهم، غير أن المخرج يحفظ نصب عينيه وصيه أبيه وأهله، يَقسم أن يبقى على العهد ولو كان وحيدا، ويُكرس ماله وطاقته خلال السنوات القادمة لإنهاء النسخة المطولة من الفيلم، التي بدأها منذ 2007، لتوضيح مزيد من مجريات التاريخ والأحداث الشاهد عليها "أبناء عِيلَبُون".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.