قال محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إن الأمة الإسلامية تعيش في مرحلة تحتاج فيها إلى جمع الشمل وتوحيد الصف حتى تستطيع أن تصل إلى غايتها، وتسترد سيادتها، وتتبوَّأ مكانتها بين الأمم، داعيًا إلى ضرورة البعد عن الفرقة والتنازع حتى لا تبُوء بالفشل الذي حذَّرنا منه ربنا عز وجل. وأضاف بديع في رسالته الأسبوعية: ''وحين ننصح الأمة الإسلامية بالاتحاد، ونبذ الفرقة والخلاف، ليس معنى ذلك ألا يكون هناك اختلاف بين أبناء الأمة فيما ينزل بها من أحداث، أو ما يعتريها من مشكلات، لا سيما وهي في مرحلة تنفض عن كاهلها ميراث ظلم واستبداد وقهر واستعباد استمرَّ لأحقاب عديدة وأعوام مديدة، وتسلك سبيل الحرية والعزة، وتسعى لتحقيق ما تصبو إليه من عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية''. وتابع بديع، ''إننا بذلك لا ننفي الاختلاف، وإنما نُحذِّر من الخلاف الذي يؤدي إلى تفريق أبناء الوطن، وإيقاع الخصومة والعداوة والتنازع فيما بينهم، وبدلاً من أن ننصرف إلى العمل والبناء والارتقاء، يشغلنا شياطين الإنس والجن، أما الاختلاف فإنه آية من آيات الله وسُنَّة كونية مَبْثُوثَة في الإنسان وفي الكون من حولنا''. وأكد بديع أن هناك 10 آداب للاختلاف وهى، إخلاص النية لله تعالى والتجرد من الهوى والتعصب، وعدم التشكيك في النوايا، وأن يكون الهدف هو الوصول إلى الحق وإلى رضا الله سبحانه، وهذا يقتضي أن نخلص ضمائرنا لله عز وجل، ونستلهم من الله تعالى الرُّشد بقلوب صادقة التوجُّه، فإن الأمر كله له سبحانه، وما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وأن نكون على تقوى وخشية من الله عز وجل، وأن نتحلَّى بالصبر وضبط النفس، والإنصاف مع المخالف حتى ولو كان مخالفًا لك، بجانب أن نذكر أصول المناقشة في الاستئذان والهدوء والإيجاز، وترك الحرية للقائل حتى يفي موضوعه فلا يُقاطَع، وترك الجدل في الجزئيات ليقرر كُلٌّ رأيه، ويُدلِّل عليه بما يرى من الأدلة، وفي ذلك ما يكفيه عند فقد رأي أخيه. وأيضًا طول التفكير والأناة، ووزن الأقوال وزنًا دقيقًا، والصَّراحة التامَّة في إبداء الرأي؛ فإننا جميعًا نتلمَّس الخير، ونسأل الله سبحانه أن يوفقنا إليه، والله حسبنا ونعم الوكيل، وأن نعرض رأينا بأدلته دون التعرض للأشخاص أو الهيئات بالتجريح، وأن نحذر من أن يجرنا الخلاف إلى التعرض إلى ما يسيء، حتى ولو كان الحق مع الرأي الآخر ''أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وهو محق''، بدلاً من أن نلقي الضوء على فكرته أو نناقش الموضوع وليس الشكل. وكذلك الاعتراف بحق الآخر في الاختلاف، وفتح باب الحوار معه، ومجادلته ودعوته بالحسنى، كما أمر الله سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل: 125). وذلك يتم في ظل الاحترام المتبادل، وعدم الانتقاص من قدر الآخرين أو فكرهم، والبُعْد عن الجدل؛ لأنه يؤدِّي إلى الضلال، وأن نحدِّد المتَّفق عليه ونبادر بتنفيذه وتحويله إلى واقع يخدم الوطن، ونَعْبُر به إلى مستقبل أفضل، وعدم التركيز على القضايا الخلافية فقط، واعتماد الوسائل السِّلْمِيَّة، ونبذ كل أشكال العنف والتعنيف، وأن ترفُّع الأطراف المختلفة عن نشر الشائعات وعدم الافتراء أو اتهام الآخرين بالكذب والزور والبهتان.