منذ فترة طويلة والسوق الموسيقي في مصر يعاني حالة اضطراب لم يشهد لها مثيلا بسبب انتشار الإنترنت وانتشار مواقع التحميل الإلكترونية المجانية التي تسببت في إلحاق خسائر فادحة بعدد كبير من المنتجين الذين قرروا تأجيل أكثر من مشروع غنائي وإلغاء أكثر من مشروع أخر، كما أن الظروف الإقتصادية الصعبة دفعت المواطنين إلى العزوف عن شراء شرائط أو ألبومات الأغاني لأنها متوافرة على شبكة الإنترنت وبدون تكلفة. وبعد قيام ثورة 25 يناير اعتقد بعض العاملين في الوسط الموسيقي أن الدولة الحديثة والنظام الجديد سيقوم بحمايتهم ويقضي على القرصنة الرهيبة التي تتعرض لها أعمالهم بشكل يومي أدى لحدوث نوع من الكساد داخل الوسط الموسيقي. الفنان مصطفى كامل وكيل نقابة المهن الموسيقية قال إن السوق الموسيقي يعتبر غير موجود تماما في الفترة الحالية ولا يمكن أن نقول أن السوق الغنائي يعاني حالة ركود لأنها كلمة لاتعبر عن الواقع أبدا، والأفضل أن نقول أن السوق الغنائي توفي منذ فترة طويلة ولم يعد له أي وجود على الساحة الآن. وأضاف ''ما يحدث في السوق الغنائي حاليا أدى لخسارة معظم المنتجين وامتناعهم عن إنتاج أي أعمال جديدة، وهو ما ينذر بحدوث كارثة كبيرة وقوية ستؤدي إلى انهيار الصناعة بالكامل. وأشار إلى أن المنتج الآن لم يعد قادرا على صرف أي مبلغ من ماله الخاص لأن فكرة الدخول في تقديم أي عمل جديد تعتبر بمثابة مغامرة لا فائدة منها، فالعمل بمجرد الانتهاء منه تجده على الإنترنت في أقل من ساعة، وحاليا المطرب والمنتج يحصلان على المكاسب فقط من ''الديجيتال تون'' أو ''الرينج تون'' ولكنهما أيضا في النهاية لايغطيان نفقات أي عمل تم طرحه في الأسواق. وأوضح أن انهيار صناعة الكاسيت أدى لظهور الأغاني الشعبية الهابطة التي تسببت في تردي الذوق العام، ولفت إلى أن تحميل الأغاني من الإنترنت أصبح عادة يومية وتلقائية للعديد من المواطنين، وأدى ذك إلى أن أكثر من 60 % من أصحاب محلات الكاسيت أغلقوا متاجرهم وحولوها لنشاطات أخرى بسبب الخسائر الهائلة التي تعرضوا لها بعد انتشار قرصنة الإنترنت. ويقول أحمد محمود صاحب أحد محال الكاسيت:''صناعة الكاسيت مدمرة تماما في الوقت الحالي بسبب انتشار قرصنة الإنترنت التي تمكنك حاليا من تحميل أي ألبوم غنائي بدون أي تكلفة وبأكبر سرعة، وطالب الحكومة بالتدخل السريع والفوري لحل مشكلة القرصنة لأنها أدت لإنهيار الصناعة بالكامل. المنتج محسن جابر يؤكد أن أصحاب شركات الإنتاج توقعوا أن تستقر الاحوال بعد ثورة 25 يناير خاصة وأن عام 2011 شهد نوعا من الاستقرار الفني بسبب قيام عدد من المطربين بطرح ألبوماتهم الغنائية، وتوقع المنتجون أن يكون عام 2012 بطبيعة الحال عاما متميزا على نطاق الإنتاج والتسويق إلا أن ذلك لم يحدث والمنتج أصبح يفكر أكثر من مليون مرة قبل طرح أي عمل غنائي، خاصة مع عدم استقرار الأوضاع السياسية في مصر والتي تتغير من يوم لأخر. وقال أن قرصنة الإنترنت وهي الأزمة التي لم نجد لها حلا حتى الآن ساهمت وبشكل كبير في خسارة عدد كبير من المنتجين وتزيد من خسائرهم يوما تلو الأخر، وأعتبر أن عام 2012 من أسوأ الأعوام التي مرت على صناعة الكاسيت في مصر. ويرى الناقد الفني محمد سعيد أن قرصنة الإنترنت إضافة إلى انصراف الناس عن الغناء والفن عموما لمتابعة برامج التوك شو خلال العامين الماضيين كانت وراء ركود الأغنية وانهيار سوق الكاسيت تماما، ،وغياب الأصوات الجيدة،وحتي نرتفع بالأغنية لابد أن نرتفع بالذوق العام الذي تأثر كثيرا،وأصبحت هناك فوضي غنائية كان لابد أن تؤدي إلي ما وصلنا إليه حاليا. ويقول الفنان حمادة هلال: ''سوق الكاسيت لم يتغير عما كان عليه من قبل والجمهور الأن انصرف عن شراء ''شريط الكاسيت'' واتجه حاليا لشراء الأسطوانات لأنها الأحدث والأفضل وموجودة في معظم السيارات الحديثة، والإنترنت أصبح يسيطر أيضا على كل شئ ،والصناعة لن تنتعش أو تزدهر مرة أخرى إلا إذا قامت الدولة بتنظيم رقابة صارمة وجادة على الانترنت للحد من عمليات القرصنة اليومية والتي أدت لحدوث نوع من الكساد داخل الوسط الموسيقي. ولفت إلى أن الدولة ستجني الكثير من المال إذا قامت بغلق مواقع التحميل الألكترونية لأن العاملين في الوسط الفني والمنتجين سيقررون بعدها فورا العودة إلى أعمالهم وضخ المزيد من روؤس الأموال التي بدورها ستفيد الإقتصاد المصري. وأشار إلى أنه بالرغم من الوضع الحالي للسوق الموسيقي إلا أن المطربين مستمرون في عملهم ولن يستطيعوا التوقف لأن الغناء والطرب مصدر رزقهم،كما أن الفنان يستطيع أن يوصل صوته لجماهيرة من خلال العديد من المصادر المختلفة مثل الكليبات أوالأفلام التي تحتوي أيضا على الصورة وعلى عناصر الدعاية الجيدة التي يحتاج إليها أي فنان.