أعطت الرقابة علي المصنفات الفنية الضوء الأخضر لجهاز تنظيم الاتصالات لحجب عدد من المواقع الغنائية والموسيقية المنتشرة علي الإنترنت، وذلك بناء علي المذكرة التي تقدم بها اتحاد منتجي الكاسيت إلي سيد خطاب رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية صباح الأحد الماضي، وتضم قائمة بأسماء 20 موقعاً غنائياً تقوم بطرح المصنفات الغنائية المصرية، وإتاحتها للتحميل لكل مستخدمي الإنترنت في مصر، وهو ما يمثل قرصنة علي إنتاج الشركات الخاصة بصناعة الأغنية، وتعد هذه الخطوة الأولي في إطار عملية مكافحة القرصنة الغنائية في مصر. أما الخطوة الثانية فتقوم بها وزارة الاتصالات ممثلة في جهاز تنظيم الاتصالات، والذي من شأنه القيام بحجب المواقع التي تضمنتها المذكرة، وهذه الخطوات تأتي في إطارالخطوة التي قامت بها جمعية منتجي الكاسيت قبل ثلاثة أشهر، وبتفويض من I.F.P.I الاتحاد الدولي لصناعة الأغنية ومقره لندن، حيث قامت الجمعية بالاتصال بالعديد من الوزارات المعنية وفي مقدمتها الثقافة والاتصالات وتم الوصول إلي ضرورة أن تعطي الرقابة الضوء الأخضر لجهاز الاتصالات بناء علي مذكرة الجمعية. علي أن يقوم جهاز الاتصالات بأمرين: الأول هو إغلاق المواقع التي تتخذ من مصر محطات لنشاطها، وحجب المواقع التي تبث برامجها من خارج مصر، وهي الحالة الحالية، والتي تضم 20 موقعاً، وهي المواقع التي قررت بعد اتخاذ الإجراءات الأخيرة تغير مكان نشاطها من مصر إلي الخارج حتي لا تقع تحت عملية الغلق الكامل. ومن المتوقع أن تقوم جمعية منتجي الكاسيت المصرية بالاتصال بالاتحاد الدولي لصناعة الأغنية خلال الفترة القليلة القادمة من أجل التحرك، وغلق هذه المواقع التي تقوم بالقرصنة من دول أخري مثل أمريكا، حيث يمتلك الاتحاد الدولي صناعة الأغنية القدرة القانونية علي إغلاقها لكونه يمثل بعض الشركات المصرية المتضررة من القرصنة. وكانت الشركات المصرية ممثلة في اتحاد منتجي الكاسيت قد بدأوا حرباً شرسة ضد القرصنة التي ساهمت إلي انهيار صناعة الأغنية في مصر، وهو ما أدي إلي العديد من المشاكل أهمها تأثر الدخل القومي المصري نتيجة تراجع عملية إنتاج الكاسيت في مصر، والتي كانت تعد أكبر مصدر لهذه الصناعة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، كما أدي هذا الانهيار إلي انخفاض عدد الأغاني التي كانت تنتج طوال العام من خمسة آلاف أغنية إلي 300 علي الأكثر، وبالتالي تأثر من هذه الأزمة المؤلفون والملحنون والموزعون الموسيقيون واستوديوهات التسجيل والعاملون بها، وكذلك العازفون بالإضافة إلي معامل الطبع ومصانع المواد الخام، بالإضافة إلي أن الشركات لم يعد لديها الحماس لتبني الأصوات الشابة لأنها تعلم مقدماً حجم الخسائر التي سوف تتكبدها في حالة قيامها بعملية الإنتاج، وبالتالي تقلص عدد الأصوات الشابة التي ينتج لها، وبالتالي أصبحت الشوارع هي مصير هذه الأصوات. كما أن هناك ظواهر أخري نتجت عن هذه الحالة، وهي قيام بعض الشباب بتنفيذ أغان هابطة تعتمد علي كلمات جنسية، وبثها عن طريق اليوتيوب والفيس بوك، ظناً منهم أن هذه الوسيلة الوحيدة للانتشار، وأن العبارات الخارجة سوف تفتح لهم أبواب الشهرة والنجومية وبالتالي سوف نجد الآن علي الإنترنت أكبر عدد من الأغاني الإباحية والتي بعضها يحمل الكلمات والعبارات المزدوجة المعني، وهو ما جعل صورة الأغنية المصرية الآن غير سوية، لأنه في النهاية هذا الغناء الخارج يمثلها. وبعيداً عن انتشار الغناء الهابط هناك شريحة كبيرة من كبار المطربين تأثروا بسبب قلة الإنتاج الناتج عن القرصنة، مثل المطرب محمد الحلو البعيد عن سوق الكاسيت منذ سنوات، وهناك آخرون اضطروا لإنتاج أعمالهم مثل علي الحجار، وكذلك هاني شاكر الذي اضطر للإنتاج قبل ثلاثة أعوام ثم تعاقد منذ عامين مع شركة أرابيا، وخلال مرحلة الإنتاج لنفسه تكبد هاني خسائر بسبب القرصنة، وهو ما جعله يقرر الابتعاد تماماً عن الإنتاج، وهناك أسماء أخري بعيدة مثل غادة رجب وطارق فؤاد الذين ابتعدوا عن ساحة منذ فسخ تعاقدهم مع روتانا، رغم أنهما من الأصوات المهمة. لكن مع تراجع الشركات المصرية عن الإنتاج أصبح تواجدهم تقتصر علي الحفلات التي تقام من وقت لآخر داخل دار الأوبرا، وهي ليست كافية بالنسبة لتلك الأصوات. في كل الأحوال القرصنة هي العدو الأول لصناعة الموسيقي علي مستوي العالم، وتعد الخطوات التي تم اتخاذها مؤخراً سواء داخل مصر أو خارجها محاولة للحد من هذه الظاهرة، وتعقد شركات الإنتاج آمالاً عريضة علي طرق المكافحة الجديدة من أجل عودة النشاط لكامل طاقته خلال السنوات القليلة القادمة. وتوقع بعض خبراء الكاسيت أنه في حالة القضاء علي هذه المواقع المنتشرة علي الإنترنت أن يعود الإنتاج الغنائي إلي أعلي معدلات الإنتاج التي كان عليها خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات وهي فترة ازدهار صناعة الأغنية في مصر والعالم العربي، حيث كان يطرح خلال فترة الصيف فقط ما يقرب من مائة ألبوم غنائي بمعدل ألبوم خلال اليوم الواحد.