إجراءات اقتصادية كثيرة تحاول مصر من خلالها الخروج من كبوتها الاقتصادية التي تلازمها منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، فمنذ ذلك الحين وتعاني مصر أزمة اقتصادية كبيرة نتيجة توقف العمل والإنتاج في بعض قطاعات الدولة ومن أهمها قطاع السياحة وهروب بعض الاستثمارات الأجنبية وتراجع احتياطي النقد الأجنبي. ومع زيادة العجز في الموازنة العامة، لجأت الدولة إلي بعض الإجراءات التي تستطيع من خلالها سد هذا العجز الذي بلغ حوالي 170 مليار جنيه، ومن ضمن الإجراءات التي أعلنت عنها الدولة تطبيق نظام الضرائب التصاعدية. فقد أعلن مجلس الوزراء منذ أيام موافقته على تعديل قانون الضريبة التصاعدية علي 5 شرائح كالتالي: 1. الشريحة الأولى: 10% للأشخاص الذين يزيد دخلهم عن خمس آلاف وحتى 20 ألف. 2. الشريحة الثانية: 15% لمن يتراوح دخلهم من 20 ألف جنيه وحتى 40 ألف جنيه. 3. الشريحة الثالثة: 20% على من يتراوح دخله من 40 ألف جنيه وحتى مليون جنيه. 4. الشريحة الرابعة: 22% على من يتراوح دخله من مليون حتى عشرة ملايين جنيه.
5. الشريحة الخامسة: 25% على من يزيد دخله عن 10 ملايين جنيه. ويحاول ''مصراوي'' التعرف علي نظام الضرائب التصاعدية في العالم وتأثيره وجدواه علي الاقتصاد المصري وتدفق الاستثمار. الضرائب التصاعدية في العالم إن نظام الضرائب التصاعدية هو نظام ضريبي مُتبع في مختلف دول العالم التي تطبق النظام الاقتصادي الرأسمالي، ويعتبر أحد أهم أركان منظومة تحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة وتوفير إيرادات سيادية للدولة، ويستند إلي مبدأ عدم المساواة بين أصحاب الدخول المحدودة وأصحاب الدخول التي تتجاوز الملايين. ويكشف تقرير اقتصادي صادر عن مركز الأهرام للدراسات، أن عبئ الضرائب علي العاملين في مصر يبلغ 28.8% بينما لا يتجاوز 9.6% في الولاياتالمتحدة و14.5% في اليابان و15.6 % ماليزيا و4.3% في جنوب إفريقيا و2.5% في الدنمارك. ويعتبر بعض الخبراء الاقصاديين أن زيادة الضرائب إلى 25% أمراً ليس مخيفاً، لأن هناك دولاً مثل هولندا تصل نسبة الضرائب فيها إلي 52% و45% في ألمانيا و40% في بريطانيا و35% في الولاياتالمتحدة. غير مؤثرة علي الاستثمار أعرب هاني توفيق الخبير الاقتصادي، ورئيس الإتحاد العربي للاستثمار المباشر، عن تأييده لفرض ضرائب علي الدخل والأرباح، ولكنه يعارض بشدة فرض ضرائب علي الثروة. وأضاف أن العجز في الموزانة يزداد يومياً، وهو أمر يتطلب إجراءات سريعة وإلا ستكون مصر في مأزق اقصادي كبير، ولذلك لابد من تقليل الإنفاق وزيادة الإيرادات وزيادة الضرائب إحدي وسائل زيادة الإيرادات. واستبعد توفيق في حديثه ل''مصراوي'' أن يكون للتعديلات الضريبية الجديدة تأثير علي الاستثمار في مصر، خاصة وأن هناك دولاً كثيرة تفرض ضرائب أكثر من 30%. تُحقق العدالة الاجتماعية. وأوضح الدكتور سمير رضوان أستاذ الاقتصاد الإسلامي وفقه المعاملات، وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري، أن نظام الضرائب التصاعدية يحقق العدالة الاجتماعية ولكن لتحقيق العدالة الاجتماعية بشكل كامل يستوجب إعفاء أصحاب الدخل المحدود من الضرائب وتوفير حد الكفاية الذي يتيح لهم العيش بشكل كريم. وأضاف ل''مصراوي'' أن التعديلات الجديدة علي النظام الضريبي ليس له علاقة بقرض صندوق النقد الدولي إنما هي محاولات لسد عجز الموازنة، مشيراً إلي أنه اقترح عدة مشروعات لسد عجز الموازنة دون تدخل الدولة من خلال طرح صكوك لسد عجز الموازنة تُقيد في سوق الأوراق المالية. الضرائب علي الشركات الناشئة مرفوضة وانتقد رضوان فرض ضرائب علي الشركات لأول مرة لما له من آثاره السلبية علي الاقتصاد المصري وعلي الاستثمار في مصر، مؤكداً أنه بدلاً من تشجيع الشركات الناشئة علي الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة يتم فرض الضرائب عليها، في حين أن الأرباح الرأس المالية معفاه من الضرائب وهذا أمر غير موجود في أي دولة بالعالم. وشدد أستاذ الاقتصاد الإسلامي وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري علي أن الحكومة الحالية يغيب عنها رجال الإقتصاد ومازالت تعتمد علي أهل الثقة، وهو ما يجعل سياساتها الاقتصادية لا تختلف عن السياسات الاقتصادية للنظام السابق. النظام رأس مالي ''متوضئ'' أما الباحث أحمد بان، مدير وحدة الدراسات الاجتماعية والسياسية بمركز النيل للدراسات السياسية والاستيراتيجية، فيؤكد أن مصر حالياً تشهد أنصاف القرارات والحلول فالقرارات التي يتخذها النظام لا تعكس حقيقة الإجراء، والنظام الضريبي الجديد لا يعكس سياسات واضحة للحكومة. وأوضح بان ل''مصراوي'' أن النظام الاقتصادي مازالن نظام رأسمالي يعتمد علي مغازلة رجال الأعمال، وهذه السياسات هي نفسها سياسات النظام السابق مع اختلاف الأشخاص فهو نظام الرأسمالية ''المتوضئة''، مضيفاً أن النظام الحالي مازال يستخدم عبارات خجولة تجاه الفقراء خوفاً من أن يتورط في وعود لا يستطيع تحقيقها. وتابع أنه غير متفائل بالتعديل الضريبي الجديد فهو ليس لصالح الفقراء، ولكنه في الوقت نفسه لن يؤثر علي الاستثمار في مصر لأن تدفق الاستثمارات بحاجة لنظام سياسي واقتصادي مستقر وهناك دولاً أخري تفرض ضرائب أضعاف المفروضة في مصر علي المستثمرين. وشدد مدير وحدة الدراسات الاجتماعية والسياسية بمركز النيل للدراسات أن هناك تحركات واضحة نحو تحقيق شروط صندوق النقد الدولي وهذه التعديلات الضريبية تدخل ضمن هذا الإطار ولكن بشكل غير معلن لأن الشفافية غائبة عن النظام المصري. نظام ضريبي ينحاز للأغنياء ويري الدكتور أسامة غيث الخبير الاقتصادي، أن الضريبة التصاعدية لها معني محدد فهي نظام الهدف منه تحقيق العدالة الاجتماعية ووفقاً لهذا فإن التصاعد في السعر لابد وأن يصاحبه تصاعد في الدخل وأن تكون الأعباء الضريبية متوازنة مع تكاليف المعيشة. وأضاف أن غيث ل''مصراوي'' أن النظام الضريبي المعمول به في مصر حتي الآن والذي وضعه وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي يعبر عن فكر الحزب الوطني ''الأصولية الرأسمالية'' والذي ينحاز بشدة للأغنياء علي حساب الفقراء، وهو نفسه النظام الذي يتبناه اليمين المحافظ الأمريكي. عمليات تجميل وتعديلات وهمية وأوضح الخبير الاقتصادي أن التعديلات الضريبية التي أعلنتها الحكومة ليست جديدة فقد سبق وأن صدر بها قانون في عهد حكومة الدكتور عصام شرف ونُشر في الجريدة الرسمية، وما يحدث مجرد ''عمليات تجميل'' لهذا النظام الذي سبق وأقرته حكومة سابقة. ولفت إلى أن هذه التعديلات ما هي إلا ''تعديلات وهمية'' لن يتضرر منها سوي الفقراء فقط لأن الأغنياء في مصر يتم إعفائهم من الضرائب علي الدخل وهو ما يخلق مشكلة في الطاقة الضريبية للدولة. وأكد غيث أن حكومة قنديل أثبتت فشلها وعدم جديتها في مواجهة مشاكل الدولة في ظل ارتفاع عجز الموازنة والدين العام، مشدداً علي أن وزراء هذه الحكومة لابد وأن تتم محاسبتهم ووضعهم في سلة مهملات التاريخ لأنهم يعملون ضد مصلحة الشعب الفقير وسياساتهم تهدد الاقتصاد المصري.