هي الفتاة المتدينة ''أجانيس بوجاسكيو'' المولودة في 26 أغسطس 1910 بإحدى قرى الهند الفقيرة، لم يكن بقلبها عندما قررت دخول الدير عام 1931 سوى العبادة وخدمة الفقراء. "تريزا" التي هاجر والداها إلى "يوغوسلافيا للعمل بالزراعة، عملت معلمة بالمدارس التابعة للكنيسة، وحملت بقلبها رسالة التعليم والإحساس بالأطفال الفقراء المهملين والرقي بمشاعرهم، فكانت بحق "ملاكا للرحمة".
طافت "تريزا" وكانت قد غيرت اسمها بعد ترسيمها "راهبة" عدة قرى و دول في شرق أوروبا والهند، واهتمت بالأطفال المجذومين، ولذا قررت تأسيس "جمعية أخوة المحبة عام 1963" مع أخواتها العاملات بالدير والخدمة المجتمعية لهذا الشأن، ورغم قلة الخبرة الطبية والأدوات البدائية المستعملة في عملهن، إلا أنهن استطعن بالفعل تحقيق قدر ملحوظ من النجاح في مهمتهن.
ذهبت "القديسة تريزا" تحمل بقلبها رسالة القديسين إلى "كالكاتا" بشبه القارة الهندية، ورأت كيف يفتك الفقر والجهل والمرض "ثالوث الشر" بآلاف البشر في إحدى أكثر دول العالم فقرا، وقررت "الأم تريزا" تحويل جزءا من أحد المعابد الهندوسية إلى "مستشفى" لرعاية المرضى والضعاف، كانت تعلم أنهم في طريقهم لمقابلة الموت لا محالة، ولكنها أرادت أن يموتوا "بكرامة" ويحسوا "بالعطف والقبول" من الغير بدلا من "الازدراء والكراهية".
توالى إنشاء الجمعيات المهتمة برعاية المرضى في القرى الهندية برعاية "الأم تريزا"، فأنشأت "القلب النقي" و"مدينة السلام" وغيرها من مئات البيوت لرعاية اليتامى من الأطفال والمرضى والضعفاء، وكانت تعمل "كالفراشة" رغم التقدم في العمر مرتدية "الساري الهندي" بديلا عن مسوح الرهبان حتى لا يشعر المرضى بغربتها عنهم.
في سن الخامسة والسبعين، ذهبت "ملاك الرحمة" إلى إثيوبيا لعلاج آلاف المرضى وتقديم يد العون بمرافقة فريق كبير من "الملائكة" العاملات في إرساليتها الكبيرة.
وفي مثل هذا اليوم، فى عام 1979، أعلنت اللجنة المشرفة على "جائزة نوبل" منح "الأم تريزا" جائزة "نوبل للسلام" تقديرا لمجهوداتها الوفيرة في الخدمات الإنسانية، وأعلنت "تريزا" أن رسالتها كانت "العناية بالجائعين والعراة والمشردين والعاجزين والعميان والمنبوذين، كل هؤلاء البشر الذين يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم أو محرومون من العناية والمحبة، أولئك الذين يعتبرهم أفراد المجتمع عبئا عليهم فيتجنبونهم" . وفي 1985، منحتها "الفاتيكان" على يد "البابا بولس السادس" لقب "القديسة"، وإذنا بالعمل في كافة أنحاء العالم، وكانت بالفعل قد سافرت وقت "الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان" واستطاعت "وقف إطلاق النار" لمدة يومين لحين يتمكن رجال الدفاع من إنقاذ "37 طفلا" كانوا محاصرين بإحدى المستشفيات المنكوبة.
عملت "تريزا" رغم المرض، رغم آلامها هي نفسها، ولكن رؤيتها للآلاف يشفين على يديها كان يبعث فيها الأمل والحياة آلاف المرات، إلى أن أصيب "القلب المقدس" بذبحات متوالية فضلا عن إصابتها بالتهابات الرئة و الملاريا في نهاية أيامها، وتتنيح "الراهبة تريزا" في كالكاتا الهندية في 5 سبتمبر 1997.
"هناك ألوف من الناس ترغب في أن تكون مثلنا، ولكن الله اختارنا نحن لنكون حيث نحن، وذلك لكي نساهم في فرح الآخرين ونحن نحبّهم، إنّ الله يريد أن يحبَّ بعضنا بعضاً، وأن يقدّم واحدنا ذاته للآخر حتى ولو كان ذلك صعباً للغاية، ما هم كم نعطي للآخرين، المهم أن نعطي الحب، وحيثما يكون الحب، يكون الله هناك، وحيثما يكون الله، يكون الحب كذلك هناك، فالعالم عطشان إلى الحب، لذلك علينا أن نحمل إليه هذا الحب الذي هو الله"... هكذا كان دستور حياة "الأم تريزا" الذي طبقته طيلة حياتها دون تعديل أو استفتاء أو إلغاء .