أكد المستشار الدكتور عبد المجيد محمود النائب العام، أن تمسكه بموقعه الوظيفي ليس طمعاً منه في المنصب أو غيره من المناصب، وإنما يأتي دفاعاً منه عن الحصانة القضائية التي يقررها الدستور والإعلان الدستوري وقانون السلطة القضائية لكافة رجال القضاء ضماناً للحقوق والحريات، ومنعاً لتدخل السلطة التنفيذية في شئون القضاء والقضاة وحرصاً منه على العدالة والسلطة القضائية برمتها. وقال المستشار عبد المجيد محمود - في تصريحات له سرد خلالها التفاصيل الكاملة لمحاولات عزله من منصبه - أنه لم يتقدم باستقالته مطلقاً، مشدداً على أنه باق في عمله طبقاً لقانون السلطة القضائية الذي ينص على عدم جواز عزل النائب العام أو نقله من وظيفته إلا بناء على طلبه وأن خدمته لا تنتهي إلا ببلوغ سن التقاعد، لافتاً إلى أنه لم تصدر عنه أية موافقات من أي نوع للعمل كسفير لمصر في الفاتيكان. وأكد النائب العام رفضه التام لأية تهديدات أو تصريحات غير مسئولة تتضمن تجاوزاً في الأسلوب، سواء لشخصه أو لصفته، مؤكداً على أن هذه التهديدات التي تصدر من بعض قادة جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتادوا ذلك، لن تنال من تمسكه بالشرعية وسيادة القانون. وأضاف أنه يستند إلى تأييد جميع زملائه من أعضاء الهيئات القضائية ورجال القضائية والفكر والثقافة، خاصة وأن هذه التصريحات (المسيئة له) تخلط بين دور النيابة العامة وقضاة التحقيق في وقائع قضية ''موقعة الجمل'' التي لم تباشرها النيابة العامة، كما أنها تنال من هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم. وأكد النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود أنه غير مسئول عن إصدار قرار تعيينه سفيراً للفاتيكان بناء على أي فهم خاطىء، مشيراً إلى أنه أكد صراحة خلال الاتصالات الهاتفية التي أجراها معه المستشاران أحمد مكي وزير العدل وحسام الغرياني رئيس محكمة النقض السابق، أنه يرفض ترك منصبه وأن لن يصدر موافقة مسبقة في شأن أي أمر، مشدداً على أنه أعلن خلال الحوار الذي دار بينه وبين مكي والغرياني، تمسكه بالحصانة القضائية المقررة قانوناً لجميع القضاة. وكشف النائب العام النقاب عن تفاصيل الأزمة، موضحاً أنه تلقى اتصالات هاتفية حملت تهديدات له بصورة مباشرة وغير مباشرة وترغيباً له، للاستقالة من منصبه وتركه. وأشار إلى أنه قد تم الاتصال به تليفونياً ظهر أمس (الخميس) من جانب المستشارين مكي والغرياني، حيث أبلغاه أنهما يتصلان به من مقر رئاسة الجمهورية. وأضاف أن وزير العدل أبلغه صراحة أن المظاهرات التي ستخرج في كافة محافظات مصر يوم الجمعة، سوف تطالب بإقالته من منصبه كنائب عام، وأنه أبلغه أيضاً أنه يجب عليه أن يترك منصبه على الفور، وأن وزير العدل اقترح عليه -خلال الاتصال الهاتفي - أن يعود للعمل في المحاكم لحين تدبير منصب كريم له، خاصة وأنه لم يكن هناك سوى منصب رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وأنه (أي وزير العدل) يرفض هذا المنصب للنائب العام لأنه غير لائق له. وقال المستشار عبد المجيد محمود، أنه أبلغ المستشار أحمد مكي وزير العدل - خلال الاتصال الهاتفي الذي دار بينهما - رفضه القاطع والصريح لعزله من منصبه، فما كان من وزير العدل إلا أن أبلغه بأن المستشار حسام الغرياني سوف يقوم بالاتصال للحديث معه في هذا الشأن. وأضاف النائب العام: '' تلقيت بالفعل اتصالاً من جانب المستشار الغرياني، الذي أبلغني صراحة أنه يعرض علي ضرورة الرحيل من منصبي كنائب عام تحت ذريعة ''خطورة الموقف''، فطالبته بإيضاح الأسباب على وجه الدقة، فأجابني الغرياني بالنص ''أنا في حل من إبلاغك بالأسباب، وأقترح عليك أن تنتقل للعمل كسفير لمصر في دولة الفاتيكان''. وأكد المستشار عبد المجيد محمود أنه كرر على مسامع المستشار الغرياني رفضه التام لترك منصبه، لافتاً إلى أن الغرياني أبلغه بصورة حملت تهديداً مباشراً له بخطورة المظاهرات المرتقبة، قائلاً له:''المتظاهرون من الممكن أن يتوافدوا على مكتبك وأن يقوموا بالإعتداء عليك على نحو ما جرى مع المرحوم المستشار عبد الرزاق السنهوري رئيس مجلس الدولة الأسبق''. وأشار النائب العام إلى أنه أبلغ الغرياني بأن في ذلك الحديث تهديد مباشر له لا يقبله على وجه الإطلاق، وأنه قال له ''ليكن ما يكون'' وبإمكانكم تعديل قانون السلطة القضائية بمرسوم بقانون من رئيس الدولة في شأن منصب النائب العام، إلا الغرياني رفض هذا الاقتراح متعللاً بأن في ذلك ''مساس بالسلطة القضائية''. وأضاف أن الغرياني عاود طرح الاقتراح بالعمل سفيراً لمصر في الفاتيكان، غير أنه (المستشار عبد المجيد محمود) رد قائلا: ''أنا لا أصدر موافقة مسبقة على أي شىء، ولرئيس الجمهورية أن يتخذ ما يراه من قرارات''، لافتاً إلى أن المحادثة انتهت بينهما في أعقاب ذلك. وقال محمود:''أنه من المثير للدهشة والاستغراب وغير المقبول في ذات الوقت، أن قادة الدفاع عن السلطة القضائية وقادة تيار الاستقلال داخل القضاء، هم من يتحدثون مع رئيس الجمهورية في شأن كيفية عزل النائب العام''.