قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك ان حلب هي نقطة ارتكاز النظام السوري، وفي حالة انهيار حلب سينهار النظام السوري برمته، ويكون لحظة اعلان هزيمة بشار الأسد. فبدا فيسك مقاله اليوم لصحيفة '' الإندبندنت'' بنبذة عن تاريخ حلب التي تبعد 70 ميلا عن البحر المتوسط، وهي من أقدم المدن، تم ذكر اسمها في الألواح المسمارية التي تعود لعهد ''البا'' قبل ميلاد المسيح، والتي ترجع الى عصر الحيثين وحكم الإمبراطور جستينيان في القرن الرابع عشر، وظلت حلب عاصمة لسوريا الشمالية بعد اشتعال فتيل الثورة. ويضيف الكاتب لذا كان هنا مربط الفرس، فبرغم من أن أحداث العنف الأخير التي مرت بها دمشق وهي العاصمة الفعلية لسويا، إلا انها لم تلاقي نفس التفاعل والتأثر عند حدوث أعمال عنف في حلب، وذلك لما تتميز به حلب من مكانة في نفوس السوريين، ولأنها من أغنى المدن السورية، ولأن هذا يعني تصدع في الاتفاق الضمني الذي وقع بين العلويين والسنه في حلب. وأشار فيسك الى الثروة الزراعية في حلب، حيث ان حلب تبعد 70 ميلا فقط عن نهر الفرات، لذا فهي مهد الزراعة، كما انها مركز الأبحاث الزراعية لوجود المقر الرئيسي '' للمركز الدولي للبحوث الزراعية في الأماكن الجافة'' (ايكارد)، كما إنها المصدر الرئيسي للغذاء لأسيا وأفريقيا، وتعود اهميتها أيضا للاستثمار البريطاني والكندي والأمريكي والألماني والهولندي، وعمل خمسمائة موظفين من البنك الدولي به. وقال الكاتب، إنه لمن المؤسف الدمار الذي لحق مركز الأبحاث في تل هداية الذي يبعد 20 ميلا عن مدينة حلب، بعدما هاجمه رجال مسلحين، سرقوا سيارات المركز واجهزة الكمبيوتر، لكن من حسن حظ المركز ان بنك الجينات ظل امنا. ويضيف الكاتب ان الثورة السورية اجتاحت كل مدن سوريا، ومع مزيد من الحسرة، بدا أن الدمار الذي اجتاح المدن يتبع المنهج البعثي في تدمير القرى السنية، القريبة من معقل العلويين، على الحدود من حماة، ومنبت بيت الأسد قرية القرادحة عند الجبال. واردف الكاتب قائلا إنه على سبيل المثال، تمت مهاجمة مدن سنية يوم الأربعاء الماضي، مثل بلدة حوش، من قبل طائرتين هليكوبتر، مما أدى إلى نزوح 7 آلاف مواطنا فرارا بحياتهم، واستمر القصف على مدار اسبوعين لبلدة حوش، ومدن سنية اخرى، من المؤكد ان هذه المدن كانت قاطنة بالثوار. ويقول الكاتب ان الشكوك تزايدت، مع عدم وجود دليل، على أن هذا هو منهج البعثي لتهيئة سوريا في حالة سقوط دمشق، وأن هذا السيناريو ينذر بالشؤم، حيث يتشابه مع سيناريو الحرب العالمية الاولى وسعي الاستعمار الفرنسي لإنشاء دولة علوية، وبالتالي تقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة على أسس طائفية. ويضيف الكاتب ان هناك شكوكا، حول أن مذبحة الحولة التي قتل فيها الكثير من الرجال والنساء والأطفال، كانت وراء محاولة سم أصف شوكت نسيب بشار الأسد، ووراء خفض عمليات التفجير في دمشق، وايضا وراء ما حدث مؤخرا لتفجير مبنى الأمن القومي في سوريا والذي قتل فيها وزير الدفاع السوري ونائبة ''أصف شوكت''، ووزير الداخلية كذلك. ويشير الكاتب ان المجتمع الدرزي نشأ متباعدا ومتنافرا على نهج المستعمرات الفرنسية، وأن هناك العديد من المشكلات بينهم وبين الرئيس السوري بشار الأسد، وأن هذا الشهر واجه الدروز الكثير من عمليات الخطف والقتل، لم تحل الا بعد زيارة وليد جنبلاط الزعيم الدرزي البارز في لبنان، واجراء اتصالات من جانبه مع عدد من الرموز الدرزية في سوريا. كما دعا جنبلاط كلا من العلويين والدروز الأسبوع الماضي، للانضمام لصفوف الثوار ضد نظام الأسد، وهاجم الحكومة الروسية قائلا ان دعمها للأسد اصبح غير مقبول سياسا ولا اخلاقيا، حسب وصف الكاتب. ولفت الكاتب الانتباه ان دعوة جنبلاط لاقت صدى بعد مقتل ثلاث دروز سوريين خلال هذا الشهر بعد انضمامهم للجيش السوري الحر. ويختتم فيسك مقاله، قائلا أن 58 في المائة من الثوار السوريين تقل أعمارهم عن 24 عاما، و48 في المائة تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عاما، وان الكثير من الشباب اليمني العاطل انضم إلى صفوف الثورة السورية.