تجدد سيناريو الشائعات على الساحه الفنية مرة أخرى بعد توقفه فى ظل أعقاب ثورة يناير بسبب التركيز الجماهيرى على الاخبار السياسية من ناحية، وتراجع انتاج الاعمال الدرامية بين السينما والتليفزيون وسوق الاغنية من ناحية اخرى، لكن يبدو أن الهدوء الحذر الذى شهده الشارع السياسى مؤخرا ساعد فى انتعاش الشائعات مجددا، ما بين وفاة فنان وتعرض أخر لحادث بخلاف الشائعات التقليدية من زواج وطلاق وغيرها، الأمر الذى يثير كثير من الجدل حول مفجرى هذه الشائعات، وهل نجوم الفن انفسهم هم من يروجون لها واعادتها الى المشهد الفنى مرة اخرى، بعد قطيعة استمرت نحو عام منذ اندلاع الثورة وتسيد فيها رجال السياسة والدين والباحثين عن السلطه، فبين الشائعات والخرافات تغيب الحقائق ودائما تظهر الهواجس ويكتمل الاستعداد النفسى لتقبل الاكاذيب والاوهام، مزيد من التفاصيل فى سياق السطور التالية.. فى البداية لاحظ عالما النفس البورت وبوستمان أهمية الشائعه والشائعة المضادة، في التأثير في معنويات الناس وأفكارهم واتجاهاتهم ومشاعرهم وسلوكهم، فلاحظا أن الشائعات تنتشر أكثر في وقت الأزمات والظروف الضاغطة، أو المثيرة للقلق، كالحوادث والحروب، والمصائب على مختلف أنواعها الاقتصاديّة والعائليّة والاجتماعيّة، ولاحظا أيضاً أنها تنتشر أكثر حين يكون هناك تعتيماً إعلامياً أو غموضاً. الشائعه الفنية ليست حديثة العهد ولكنها بدأت منذ أفلام الأبيض والأسود؛ حيث ترجع لعام 1945 على أيدى الفنان الراحل أنور وجدى، الذى احترف فن ترويج الشائعات، عندما أسس شركة الانتاج الخاصة به وكانت باكورة أعمالها فيلم (ليلى بنت الفقراء)، الذى قامت ببطولته الفنانه الراحلة ليلى مراد، فبدأ وجدى فى الترويج للشائعات كنوع من أنواع الدعاية، منها على سبيل المثال أشهر شائعه هى زواجه من ليلى مراد بطلة أفلام شركته الجديدة وتسرب الخبر إلى بعض الجرائد منها جريدة الصباح بتاريخ 11/10/1945 يقول نصه ''الاستاذ خليل عبد القادر مدير الدعاية بشركة الفيلم المصرى سيذاع قريبا خبر تكذيب زواج المطربة المشهورة ليلى مراد بالاستاذ أنور وجدى''، ومما يؤكد كذب الخبر وتثبيت الشائعه إنه قام بالتمهيد للتكذيب ولكنه لم ينفى الخبر أو الشائعه فى الوقت حينه . المؤسف فى ذلك أن الفنان الراحل استخدم طيلة هذه الفترة جريدة الصباح للدعاية لأفلامه، إلى أن نشرت الجريدة خبرا بتاريخ 22/11/1945 يقول ''ظهر أن تكذيب ليلى مراد وأنور وجدى لزواجهما كان لقصد الدعاية لفيلمهما لأنهما تزوجا بالفعل، واختارا سكنا لحياتهما الزوجية بعمارة الايموبيليا''. قد تأتى الشائعات فى بعض الأحيان فى صالح الفنان وتزيد من شعبيته وشهرته على الساحه الفنية ويعلو نجمه، وأخرى قد تطيح به وتزيد العداء من ناحيته خاصة اذا كانت كشائعة تبرع الفنانه ليلى مراد لإسرئيل فى عام 52 وتعرضت لهجوم حاد فى ذلك الوقت، وهذه الشائعه كانت من أهم اسباب اعتزالها عام 1955 . وارتبطت فى الاذهان أيضا شائعة تخص العملاق طه حسين تقول إنه أوشك أن يأتى بالقلم الاحمر ويصحح فى القرأن الكريم، وفى إحدى المحاضرات للدكتور نصر حامد ابو زيد المفكر المطرود فى كلية أداب القاهرة قسم اللغه العربية وقف أحد الطلبة مهاجما له ورافضا لدفاعه عن طة حسين، فما كان من الدكتور نصر إلا أن ابتسم ابتسامه خفيفة قائلا: ''علمى ان طه حسين كان اعمى لايقرأ ولا يكتب فكيف كان سيمسك بالقلم الاحمر ويصحح فى القران الكريم''، وهى من ضمن الشائعات التى صدقها الجميع دون الرجوع الى منطق العقل . ومن ضمن الشائعات الطريفة شائعة الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب الذى اخفى عمرة الحقيقى، ففى ذلك الوقت لم يكن الاطفال يسجلون فى دفتر المواليد وكانت شهادة الميلاد اختراعا جديدا لم يصل بعد إلى الكثيرين، ولما عين مدرسا للاناشيد فى مدرسة (الخازندار) الابتدائيه بالقاهرة، اضطر الطبيب الى تسنينه إكراما لدماثته فهو من مواليد 1900 وعندما قام باستخراج جواز سفر بدل فاقد فى الثلاثينات قام بوضع واحدا بدلا من الصفر وهكذا صار بموافقة وزارة الداخلية من مواليد 1910 وعلق على ذلك توفيق الحكيم قائلا: ''هل يعقل ان يتزوج طفل عمرة 8 سنوات من سيدة تجاوزت الخمسين كما فعل عبد الوهاب فى العشرينات لكن كيف غنى فى مسرح فوزى الجزايرلى عام 1908 وهو من مواليد 1910''. وفى أواخر حياته استنسخ شائعة أغنية (من غير ليه) وأشاع إنه سجلها حديثا، والحقيقة التى كشفها مجدى العمروسى أن عبد الوهاب لم يغن من غير ليه ولكنه استخدم الصوت الذى غنى به اثناء البروفة مع عبد الحليم حافظ فى السبعيناتت على اعتبار ان عبد الحليم هو ا لذى سيغنيها . كما ان كوكب الشرق ام كلثوم كان لها نصيب الاسد فى الشائعات، والتى بدأت بشائعة اغتصابها وهى طفلة عندما كانت تطوف القرى والمدن فى جولات غناؤها لتحاول كسب رزقها بعرقها، وكادت أن تقصف بعمرها الفنى فصمم والدها أن يعود بابنته ويرحل إلى طماى الزهايرة مرة اخرى ليبتعد عن هذه الشائعات . وفى صباح 14 يوليو عام 1943 خرجت شائعة أخرى تتهم ام كلثوم بالقتل العمد للمطربة اسمهان وهى فى طريقها الى مصيف رأس البر، لخوف ام كلثوم على عرش غناؤها بعد أن علا نجم اسمهان الغنائى فى ذلك الوقت، لذا سعت إلى قتلها وظلت هذه الشائعه فى أذهان الناس حتى وقتنا الحالى. وجاءت الألفية الثالة لتكتب سيناريوهات وحواديت تشويقية وصراعات ومغامرات لتضيف إلى مفهوم الشائعه شكلا جديدا يتماشى مع روح العصر؛ حيث تخرج لنا عبر مواقع الانترنت أخبارا لفنانين أما يتخللها عبير الفرح من زواج الفنان الفلانى من النجمه الفلانية، او طلاقهما وانفصالهما بعد ساعه من زواجهما، وشائعة أخرى تروى بدموع الحزن بإعلان وفاة النجم الفلانى اثر أزمه قلبية، والتى تعرض لها الزعيم عادل امام مؤخرا وهذه المرة لم يسكت فمنذ اعلانها خرج الزعيم عن صمته الدائم وتجاهلة لمثل هذه الشائعه وتحدث فى اتصال هاتفى لقناة العربية وبدأ كلامه ساخرا ونافيا لشائعة وفاته، واكد انه لم يفأجأ بذلك لانها تكررت معه أكثر من مرة وتحديدا مع نهاية كل عام ولايعرف من المسئول عنها ويقابل ذلك بابتسامه خفيفه ولطيفة . اما والدة الفنانه منه شلبى الفنانه زيزى مصطفى فاستيقظت على جرس تليفونها المحمول لتجد كثيرين من زملاؤها فى الوسط الفنى ليتأكدون من صحة الخبر الذى نشر مؤخرا بوفاة ابنتها نتيجة حادث تصادم، الأمر الذى ازعجها، على العلم انها اعتادت سماع ذلك فلم تجد سوى جملة (حسبى الله ونعم الوكيل). يبدو أن مروجو الشائعات وجدوا أن شائعة الموت هى أكثر الشائعات التى تجد صدى واسع من قبل النجوم، فلم يكتفوا بالزعيم او بمنه شلبى بل سبقهم فى ذلك الفنان سمير غانم الذى سمع خبر وفاته بإذنه فى إحدى حفلات سفارة دوله عربية بالقاهرة فى عيدها الوطنى واستقبل هذا الخبر بالقفشات واصدار بعض (النكت) وسط حفل ساهر ولم يرد تعكير صفو هذه الصحبة وكأن شيئا لم يكن . ايضا كان للفنان الراحل عامر منيب نصيب الاسد فى هذه الشائعه حيث استقبل خبر وفاته أكثر من مرة بعد عودته العلاجية من لندن إلى أن انقلبت هذه الشائعه إلى حقيقه مرة ومؤلمة، إن لم تكن أحزنت جميع الوسط الفنى فمن المؤكد انها احزنت صاحب تلك الشائعه بشكل اكبر . الفنانه نيكول سابا لم تزعجها ايضا الشائعات فى يوم من الايام لأنها كانت ارض خصبة لذلكن وتحاول ان تقابل ذلك بالتجاهل ولا تسعى حتى ان تعرف مصدرها لانها اخبار مفبركه لسد خانه أو مساحه، وأخر ما تعرضت له هو زواجها سرا من ثرى عربى ثم سافرت لقضاء أجازة زواج لإحدى الدول الاوروبية . وأخر ما ظهر على الساحه الفنية من شائعات هى شائعه وفاة الفنانه والمطربة فيروز، والتى اثارت غضب جميع الوطن العربى . يقول الدكتور صفوت العالم استاذ بكلية الاعلام جامعة القاهرة: ''اختلاف الشائعات وانتشارها له وازع نفسى غرضة الانتقام للاساءة او التشهير، وتنتقل عبر الجمهور لتصل فى النهاية بشكل ملئ بالتحابيش فهو يعد سلوكا عدوانيا ونوع للفت الانتباه اذاا كان من النجوم انفسهم مروجوا هذه الشائعات، والتى انتشرت بشكل مكثف فى هذه الاونه وخاصة بعد تراجع الانتاج الفنى والذى يعتبر نوعا من انواع الدعاية الرخيصة ويعتبر ايضا نوع من المراهقة الفكرية ، وهناك نوعا اخر من الشائعات نتيجة النزاعات الفنية بعد ان يتم تسريب اخبار مفبركة عبر وسائل مختلفة سريعة الانتشار ، ومن وجهة نظرى حتى وان كانت الاخيرة نتيجة نزاع فهى فى صالح الفنان بشكل غير مباشر ، والفنان الحقيقى لايترك مجالا لذلك واعمالة هى التى تتحدث عنه ولكن تكثر فى الوسط خلال هذه الفترة الشائعات المغرضة بقصد الضرر والاساءة وعلى وسائل الاعلام المختلفة تحرى الصدق فى اعلان مثل هذه الاخبار'' . ويري الناقد الفنى محمد عبد الفتاح ان الفنانين عادة يتعمدون إطلاق مثل هذه الشائعات على أنفسهم كنوع من الدعاية عند دخولهم عمل جديد أو الاعلان عن عمل تجاهلته وسائل الاعلام، وهو ما لمسته من تصريحات لبعض النجوم الشباب تحديدا بعد أن أعلن عن زواجه من داخل الوسط الفنى قبل عرض مسلسلهما فى شهر رمضان الماضى وبعد المسلسل خرجوا الاثنين علينا فى احد البرامج يقولون انها مجرد شائعه ودعاية جديدة لأحداث المسلسلن ومن رأيى أن ترويجها هو عدم ثقة بالنفس، وهناك فنانون الادوار المساعده قد يطلقون مثل هذه الشائعات كنوع من الغيرة الفنية .