فوجئنا كما فوجئ الكثيرون، بعد نجاح ثورة 25 يناير وتنحى الرئيس السابق حسنى مبارك عن الحكم، بإنتشار عدد كبير من الأغنيات المُسّفة والهابطة. حيث أطل علينا مجموعة من المغنيين والمغنيات، من أصحاب الأصوات السيئة، ممن ينتمون لمناطق عشوائية، وراحوا يرددون بأصواتهم البيانات العسكرية التى قامت القوات المسلحة بإطلاقها فى الأيام الأولى للثورة بطرق سخيفة وساخرة. فبعد الإنتشار الواسع الذى حققته أغنية ''اللى سرقوا من ميكروا حاجه يرجعها'' التى تخللتها البيانات العسكرية التى سبقت وأعقبت تنحى الرئيس السابق، مصحوبة بموسيقى شعبية راقصة، لاقت الفكرة قبول واستحسان الجهلاء، ومدمنى المخدرات، في الوقت الذي ظهر فيه مجموعة أخرى من المغنيين، ممن هم على نفس النهج، ليمطرونا بمجموعة من الأغنيات البذيئة الأخرى، التى سرعان ما انتشرت بشكل ملحوظ فى الأفراح الشعبية والصالات الليلة، عبر الديجيهات، حيث يتراقص عليها المراهقين والسكارى وبنات الليل، وأطلقوا عليها عناوين مثل ''مهرجانات الثورة''، ''مولد 25 يناير''، ''رقصنى يابلطجى''، وغيرها من العناوين السيئة الأخرى التى أساءت للثورة العظيمة بطرق وأساليب من المستحيل أن تكون من قبيل الصدفة، حيث كان واضحًا أن هناك من يقف خلف هذه الأغنيات، وهؤلاء المطربين بهدف الإساءة للثورة العظيمة بكافة الطرق والأساليب لأهداف مفهومة تمامًا. وتسائل الكثيرون؛ كيف صدرت مثل هذه الأغنيات السخيفة، وكيف لم يجد هؤلاء من يحاسبهم على هذا العبث والتهريج، سواء من قبل نقابة الموسيقيين أو مباحث المصنفات الفنية، أوغير ذلك من الجهات المعنية الأخرى المسئولة عن التصدى لمثل هذا السخف والتهريج؟ توجهنا لمجموعة من موسيقيينا ومطربينا الكبار فقالوا: مخطط قذر ''أتفق معكم تمامًا فى أن صدور مثل هذه الأغنيات فى مثل هذا التوقيت أمر مقصود تمامًا من قبل من يهمهم تشوية الثورة العظيمة''، هكذا بدأت المطربة الكبيرة ''عفاف راضى'' حديثها. وواصلت : ''من المستحيل بأى حال من الأحوال تصور أن يكون هؤلاء الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم لقب مطربين، وهم كما نعلم تمامًا من محدودى الفكر والثقافة، يكون لديهم القدرة على التفكير بمثل هذا الأسلوب، بمعنى أننا وكما نعرفهم تمامًا يسعون دائمًا وأبدًا للفت الأنظار نحو أنفسهم بتقديم أغنيات تتفق مع أفكارهم المحدودة، ليتراقص عليها المدمنين والسكارى فى الأفراح الشعبية والكباريهات، ومن ثم فإنهم أبعد ما يكونوا عن التفكير فى إستغلال حالة كمثل التى نعيشها، بهدف الإساءة لها، ومن ثم فإنه من المؤكد أن هناك من قام بالتخطيط والتفكير، ومن ثم لم يكونوا هم سوى مجرد أداه تم إستخدامها لتنفيذ هذه المخططات القذرة للإساءة لمصر وثورتها العظيمة بالخارج أكثر من الداخل'' . موضوع كبير ومن نفس الزاوية تقريبًا يقول الموسيقار الكبير ''حلمى بكر'': ''إذا افترضنا جدلاً أن هناك مغنيين من الجهلاء وادعياء الفن، قاموا بتقديم أغنيات سيئة بهذا الشكل، ليستفيدوا منها فى الأفراح الشعبية التى يقومون بإحيائها، فمن إذًا الذى إهتم بتحميل هذه الأغنيات بالعديد من مواقع النت، فى توقيت واحد، لتنتشر على نطاق واسع فى غضون فترة زمنية قصيرة ؟!!'' ويضيف: ''هذا هو السؤال الذى يجب علينا أن نبحث على إجابة له، لكون الموضوع أكبر بكثير من أن يكون هناك من بين هؤلاء المطربين من فكر بهذه الطريقة وهذا الأسلوب !!'' ''والسؤال الأخر هو أين الأجهزة الرقابية التى إشتهرت بإقتحام أوكار وعلب الليل بل والأفراح والحفلات الشعبية وإلقاء القبض على المطربين الغير مرخص لهم بالغناء من قبل النقابة ومصادرة أجهزة الدى جى التى تقدم أغنيات غير مرخص لها من قبل الرقابة، فلماذا تقف مكتوفة الأيدى حيال مثل هذه المهازل رغم انها اخطر بكثير من كل ماكان يتم تقديمه من قبل من منطلق انها تحمل اساءة بالغة لحالة ثورية عظيمة تعايشنا معها وتأثرنا جميعا بها''. تنقية الاذواق ويعلق المطرب الكبير على الحجار؛ قائلاً: ''الطبيعى فى مثل هذه الحالة التى نعيشها أن يتم تقديم اغنيات راقية ومحترمة تليق بالحدث العظيم الذى نعيشه، ولكن ما ليس طبيعيًا هو أن يتم تقديم أغنيات سيئة بهذا الشكل الغريب، فإذا كان المسئولين بالرقابة والنقابة تساهلوا خلال العقود السابقة فى مواجهة التطرف والإسفاف الغنائى لأسباب كنا نعلمها تمامًا، وليس هناك ثمة داعى فى الخوض فيها الأن فلا يجب أن يكون الأمر بالنسبة لهم الأن بنفس الشكل، فنحن فى حاجة لتنقية أذواق الناس، وعدم فرض أغنيات تحمل كلمات ومعانى متدنية بهذا الشكل، الذى أصبحنا نراه بعد الثورة مما يجعلنا نشعر بحالة من القلقل الشديد على مستقبل مصر الغنائى''.