طهران (رويترز) - تجري ايران جولة ثانية من المحادثات مع القوى العالمية حول برنامجها النووي المتنازع عليه لكن الامال في احراز تقدم باتت محدودة نظرا لاصرار ايران على أن حقها في تخصيب اليورانيوم "لا يقبل التفاوض". النتيجة الوحيدة الملموسة للاجتماع الاول بين ايران والقوى الست الكبرى بجنيف في ديسمبر كانون الاول الماضي هو مواصلة المحادثات في تركيا. وقد تتطلع ايران لتركيا لمساعدتها في تخفيف الضغوط الدولية المتزايدة. وأقدم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد على لعبة خطيرة في الشهر الماضي باظهار أنه صاحب اليد العليا في مواجهة منافسيه السياسيين بعزله لوزير خارجيته منوشهر متكي الذي هو حليف مقرب لعلي لاريجاني رئيس البرلمان وهو من منتقدي سياسات أحمدي نجاد. ويتمتع أحمدي نجاد بدعم من الزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي والحرس الثوري لكن خطته رفع الدعم عن الوقود والغذاء التي تكلف الدولة نحو 100 مليار دولار سنويا قد تكون نقطة ضعف لديه. ويقول محللون ان أحمدي نجاد يخاطر باذكاء التضخم واضطرابات المستهلكين والتي تريد المؤسسة تجنبها بعد الاضطرابات التي أعقبت انتخابات الرئاسة في عام 2009 . ويؤدي القانون الجديد الذي أصبح ساريا في 19 ديسمبر كانون الاول الى زيادة الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الاجنبية التي تستهدف قطاع الطاقة والقطاع المالي. وفيما يلي المخاطر السياسية الرئيسية الجديرة بالمتابعة في ايران؟ - ضغط العقوبات: تهيل القوى الكبرى الضغوط الاقتصادية والسياسية على ايران لاقناعها بتعليق أنشطتها النووية التي تشتبه أنها تهدف الى تصنيع قنابل. وتقول ايران انها لا تسعى الا لتوليد الكهرباء وهي لا تظهر اي مؤشر على الرضوخ لهذه المطالب رغم أن القوى الغربية عرضت عليها حوافز تجارية. وستواصل ايران على الارجح استراتيجية المماطلة التي تسعى من خلالها الى كبح الضغوط كي تنجح في تخصيب اليورانيوم بالموافقة على المحادثات الدورية ولكن دون تقديم تنازلات كبيرة تؤثر على أنشطتها النووية. ويقول دبلوماسيون ان أي تسوية دبلوماسية بعيدة المنال على ما يبدو لان ايران لم تتراجع عن أنشطتها المرتبطة بتخصيب اليورانيوم مما يثير القلق بشكل خاص في الخارج بسبب تاريخ ايران مع السرية والقيود المستمرة على مفتشي الاممالمتحدة. تواجه وزارة النفط مهمة صعبة هي جمع 25 مليار دولار تقول ان قطاع الطاقة يحتاجها كاستثمارات جديدة كل عام حتى لا تتوقف صادرات الخام. ويعتمد النمو الاقتصادي وعائدات الصرف الاجنبي الى حد كبير على سعر النفط لان 60 بالمئة من اقتصاد ايران يعتمد على عائدات النفط. تقول السلطات الايرانية ان العقوبات الجديدة لن تؤثر على الدولة الاسلامية لكن كثيرين لا يوافقونها الرأي والى جانب الضغوط الاقتصادية فان الاثار النفسية للعقوبات تشيع بين المواطنين العاديين. ما تجدر متابعته: - ماذا يمكن أن تحققه محادثات يناير كانون الثاني؟ - هل يمكن التوصل الى اتفاق بشأن أنشطة تخصيب اليورانيوم؟ - هل يمكن أن يؤدي فرض مزيد من العقوبات الى دفع ايران لوقف الانشطة النووية؟ - صعود الحرس الثوري: تزايد النفوذ السياسي والاقتصادي للحرس الثوري على ما يبدو منذ تولى أحمدي نجاد الحكم عام 2005 وقد ساعد الحرس في اخماد الاحتجاجات الضخمة التي قامت بها المعارضة. يتهم بعض كبار رجال الدين أحمدي نجاد بنقل السلطة من رجال الدين للحرس مما يقوض الدور التاريخي لرجال الدين الذين لعبوا دورا رئيسيا في تعبئة الجماهير التي أدت الى الثورة الاسلامية في عام 1979 . ومن الممكن أن تؤدي القوة المتزايدة للحرس الى مزيد من التوتر بين القيادة. وتعرض أحمدي نجاد كذلك لانتقادات من قبل أقرانه المتشددين في جهاز القضاء والبرلمان حيث وقع بعض المشرعين التماسا في محاولة لاستدعائه لاستجواب أمام البرلمان. ويقول محللون ان خامنئي الذي سارع بتأييد اعادة انتخاب أحمدي نجاد رئيسا لن يسمح أبدا للبرلمان باضعافه. وحاول خامنئي تجديد دعم كبار رجال الدين الشيعة لاحمدي نجاد بأن توجه الى زيارة مدينة قم معقل رجال الدين. ما تجدر متابعته: - أي علامات على أي انقسامات جديدة في القيادتين السياسية والعسكرية. - هل يمكن أن تدفع العقوبات المؤسسة الدينية لانهاء سيطرة الحرس على الاقتصاد؟ الصراع العسكري: لا تستبعد الولاياتالمتحدة واسرائيل عدوتا ايران الرئيسيتان العمل العسكري اذا فشلت الدبلوماسية في انهاء الخلاف النووي. وقال مصدر اسرائيلي كبير الشهر الماضي ان الولاياتالمتحدة وحلفاءها أمامهم ثلاث سنوات على الاكثر لكبح برنامج ايران النووي. ويشكك بعض المحللين في جدوى ضرب ايران قائلين ان الاهداف المحتملة بعيدة جدا ومتفرقة ومحاطة باستحكامات حصينة للدفاع عنها بحيث لا يمكن أن تتولى المهمة الطائرات الحربية الاسرائيلية بمفردها. وكشف أوراق نشرها موقع ويكيليكس الالكتروني تأييد كثير من جيران ايران العرب للتحرك العسكري. واستبعد أحمدي نجاد تلك التقارير باعتبارها "مؤذية". وتتفوق القدرة العسكرية للجيش الامريكي بكثير عن تلك التي تملكها ايران لكن طهران تستطيع الرد من خلال شن هجمات كر وفر في الخليج وعبر اغلاق مضيق هرمز الذي ينقل نحو 40 في المئة من نفط العالم من منطقة الخليج عبر الممر المائي الاستراتيجي. وتستطيع طهران ايضا الاستعانة بحلفائها مثل حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس). ما تجدر متابعته: - هل ستبادر اسرائيل الى مهاجمة ايران؟ - ما هو رد الفعل المحتمل لجيران ايران العرب؟ وفي أي جانب ستقف تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي؟ - هل سيعرقل هجوم كهذا جهود ايران النووية؟ - ماذا سيكون رد فعل حلفاء لايران مثل حماس وحزب الله على هجوم عسكري ضد الجمهورية الاسلامية؟ - هل المعارضة الاصلاحية لا تزال حية؟ دفعت انتخابات الرئاسة 2009 التي فاز فيها أحمدي نجاد بفترة ولاية ثانية خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم الى أكبر أزمة داخلية تواجهها في العقود الثلاثة الماضية وكشف عن انشقاق يتزايد داخل النخبة الحاكمة. ويقول محللون انه على الرغم من الاستياء العام من الوضع الاقتصادي الا أنه من غير المرجح احياء الاضطرابات المناهضة للحكومة حيث فقد زعماء المعارضة القدرة على اثارتها. وتعرض الطلبة والتجار ورجال الدين الذين لعبوا دورا رئيسيا في تعبئة الاحتجاجات التي أطاحت بشاه ايران المدعوم من الولاياتالمتحدة في عام 1979 اما لشل حركتهم أو تهميشهم منذ الانتخابات التي تقول المعارضة انه جرى تزويرها. واتهمت جماعات لحقوق الانسان مثل منظمة العفو الدولية ايران بشن حملة ضد المعارضة تنطوي على تعذيب واصدار احكام اعدام ذات دوافع سياسية الى جانب سجن صحفيين وطلبة ونشطاء ورجال الدين. ومع استعداد الحرس للرد بسرعة على اي تحد جديد لاحمدي نجاد ولخامنئي فمن غير المرجح أن تتحقق امال المعارضة في التغيير السياسي والاجتماعي عما قريب. ما تجدر متابعته: - محاولات المعارضة لاحياء حملة مناهضة للحكومة. - أي انتهاكات أخرى لحقوق الانسان. قطاع النفط الذي يعاني من المشاكل: تريد ايران التي تملك ثاني اكبر احتياطيات من النفط والغاز في العالم رؤوس أموال وتكنولوجيا أجنبية للمساعدة في تحديث وتوسيع نطاق قطاع الطاقة المهم بالنسبة لها. لكن العقوبات الامريكية وغيرها من العقوبات تزيد من قلق المستثمرين من البلاد. وفرضت الولاياتالمتحدة عقوبات جديدة على ايران في الشهر الماضي. وفي أحدث مؤشر على تصعيد الضغوط على ايران قال البنك المركزي الهندي الشهر الماضي انه يجب تسوية الصفقات مع ايران خارج نظام اتحاد المقاصة الاسيوي القائم منذ فترة طويلة. وتصاعد خلاف حول كيفية سداد الهند لمدفوعات واردات للنفط الخام تبلغ قيمتها نحو 12 مليار دولار سنويا عندما رفضت طهران بيع النفط لرابع أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم بعد أن فرضت نيودلهي قواعد جديدة. والهند واحدة من أكبر ثلاثة مستوردين للخام الايراني الى جانب الصين واليابان وايران هي ثاني أكبر مورد للنفط لايران بعد السعودية. وتشتري الهند خمس صادرات ايران من الخام التي تبلغ مليوني برميل يوميا وتشكل الكمية التي تستوردها الهند من ايران حوالي 0.5 في المئة من السوق العالمية للنفط. تقول ايران انها بدأت في تصدير البنزين بعد أن اتخذت قرارا بشأن خطة طوارئ لتحويل محطات البتروكيماويات لانتاج البنزين لكن المحللين يشككون في أن الوضع يمكن تحمله في دولة كانت حتى وقت قريب تستورد ما يصل الى 40 في المئة من احتياجاتها من وقود السيارات. ما تجدر متابعته: - وقف المزيد من الشركات الغربية علاقاتها مع ايران. - هل ستحل محلها شركات صينية او اسيوية؟ - هل ستكون ايران قادرة على الاستمرار في بيع الخام اذا تزايدت ضغوط المجتمع الدولي؟ وهل سيؤثر ذلك على أسعار النفط؟