يرتبط باسل، وهو لاجئ عراقي، بعلاقة حميمية مع مركز اللاجئين في مدينة كولونيا، هذا المركز الذي منحه الفرصة، للتعرف على لاجئين آخرين من العراق ومن مناطق أخرى من العالم عندما كان حديث العهد في ألمانيا. "رغم الوضعية الصعبة التي يعيشها اللاجئ، فإن شعورا بالاطمئنان يجد طريقه إلى نفسيته، عندما يتعرف على أناس يتقاسمون معه نفس المصير" يقول باسل الذي ينحدر من شمال العراق. ورغم مرور حوالي أربع سنوات على استقراره في مدينة كولونيا، فإن مركز اللاجئين بالمدينة لازال يشكل نقطة الاتصال بينه وبين أصدقائه من اللاجئين للتحاور في القضايا التي تخصهم. ومن بين المستجدات التي تستأثر باهتمام باسل وأصدقائه في مركز اللاجئين منذ يومين، إعلان الحكومة الألمانية إعادة النظر في الإعانات المالية التي يحصل عليها اللاجئون المقيمون في ألمانيا. مراجعة برامج إعانة اللاجئين وتفسرا لحكومة الألمانية قرارها بمراجعة أسلوب إدارة وتقديم المساعدات الاجتماعية للاجئين، بعدم قانونية طريقة الحسابات التقديرية المعتمدة في تحديد حجم الإعانات المالية. وكانت المحكمة الدستورية الاتحادية في كارلسروه قد أصدرت حكمها بعدم توافق هذه الطريقة ومقتضيات الدستور الألماني. إذ تُعتمد أيضا في تحديد حجم الإعانات المالية في نظام المساعدات الاجتماعية. وقد سبق أن طلبت المحكمة الدستورية الاتحادية في فبراير/شباط الماضي من الحكومة الألمانية إعادة تقييم حجم الإعانات المالية باعتماد معايير شفافة وطرق عملية. ويرى كلاوس أولريش برولس، مدير مجلس اللاجئين في كولونيا، أن "قرار الحكومة لم ينبثق عن إرادتها، بل جاء استجابة لضغوط الهيئات التي تدافع عن حقوق ومصالح اللاجئين، وهو في نفس الوقت محاولة لتجنب صفعة أخرى من المحكمة الدستورية الاتحادية". وقال برولس في حوار مع دويتشه فيله إن الإجراءات التي ستعتمدها الحكومة في تفعيل هذا القرار تبقى غير واضحة، ويتمنى أن لا تأخذ منحى زيادة مالية ضئيلة على المبالغ الهزيلة التي يتلقاها اللاجئون نهاية كل شهر. وحسب إحصاءات نشرتها صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية فإن عدد اللاجئين الذين استفادوا العام الماضي في ألمانيا من المنح الاجتماعية، المعتمدة في قانون مساعدة اللاجئين، بلغ 121 ألف لاجئ. دعم مالي هزيل ولا يتجاوز الدعم المالي الذي ينص عليه قانون المساعدة الخاص باللاجئين نسبة 33 في المائة، مقارنة مع الدعم الذي يحصل عليه المواطنون المستفيدون من المساعدات الاجتماعية من غير طالبي اللجوء والتي تتحدد في مبلغ 345 يورو للفرد الواحد شهريا. وبذلك تكون قيمة هذه المساعدة بالنسبة للاجئين في حدود 225 يورو. وهو نفس المبلغ الذي يحصل عليه اللاجئ العراقي نديم منذ لجوئه إلى ألمانيا قبل تسعة أشهر. ويقول نديم البالغ من العمر 27 عاما:"تكاليف الحياة في كولونيا مرتفعة، وهذا المبلغ الذي أتقاضاه لايكفي لسد حاجياتي الأساسية، فبالأحرى إعالة أسرتي في بغداد". ولا يتوفر نديم على تصريح للعمل، لأن القانون يمنع بشكل قطعي اللاجئين الذين لم يمرعلى إقامتهم سنة واحدة من العمل. ويتمنى نديم أن ترفع الحكومة الألمانية من قيمة الدعم المالي المخصص للاجئين في أسرع وقت ممكن، حتى لا يضطر إلى العمل بشكل غير قانوني، مما قد يعرضه إلى مشاكل هو في غنى عنها، كما يقول. زمن الإصلاحات وحسب صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، فإن الحكومة الاتحادية لم تحدد موعدا زمنيا لمراجعة معايير منح المساعدات المالية المخصصة للاجئين، لكنها ربطت بدءها بانتهاء الإصلاحات المتعلقة بمنظومة المساعدة الاجتماعية. ويصف باسل، البالغ من العمر 37 عاما، عدم وضع الحكومة الألمانية إطارا زمنيا واضحا لمباشرة تطبيق قرارها، ب"المناورة". وهو يعتقد بأنها "تسعى من خلال ذلك لإعطاء الانطباع بكونها مهتمة بشؤون ووضعية اللاجئين على أراضيها". لكنه يتمنى أن يجانبه الصواب ويكون إعلان الحكومة الألمانية نواة مبادرة ملموسة لتحسين أوضاع اللاجئين. وكان وزراء داخلية الولايات الألمانية قد اتفقوا في اجتماعاتهم يومي 18 و19 نونبر/تشرين الثاني الحالي في هامبورغ، على ضرورة منح أبناء اللاجئين المندمجين فرصة للحصول على حق الإقامة، مع تمكين آبائهم من نفس الحق شريطة أن يعتمدوا على إمكانياتهم الذاتية في إعالة أسرهم وتحقيقهم الحد المطلوب من شروط الاندماج. ورغم هذه الوعود، فإن كلاوس أولريش برولس لا يرى بدا من وضع قانون المساعدة الخاص باللاجئين، الذي يعود للعام 1993، بمجمله على المحك، ومراجعة بنوده. مشيرا إلى أن هناك مجموعة من الفقرات داخل هذا القانون التي تتعارض وروح الدستور الألماني الذي يدعو لاحترام الكرامة الإنسانية وعدم التمييز وتغليب مبدأ الدولة الراعية. عادل الشروعات - كولونيا