حصل المخرج محمد خان، حاصد الجوائز العالمية من مهرجانات السينما، على الجنسية المصرية رسميًا بعد سنوات طويلة من المطالبة بها بإصرار لم يفتر على تحقيق ما وصفه ب الأمنية الغالية . وكان قرارا قد صدر من الرئاسة المصرية بمنح خان الجنسية، وهو القرار الذي طال انتظاره لسنوات استمر خان خلالها في مطالبة أربعة نظم توالت على حكم مصر بمنحه الجنسية لانتسابه إلى أم مصرية لكن طلباته كلها قوبلت بالرفض والتجاهل في فترات حكم مبارك والمجلس العسكري ومرسي. وقام أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي للرئيس المؤقت عدلي منصور، بزيارة استمرت لساعة ونصف الساعة لمنزل محمد خان حيث سلمه القرار الجمهوري بمنحه الجنسية معربًا عن تقدير الرئاسة المصرية لجهوده وإنجازاته في مجال السينما. قال خان لبي بي سي إن أصعب لحظة أواجهها هي تقديم جواز السفر البريطاني في مطار القاهرة. فساعتها يسألني موظف المطار عن جنسيتي فلا أدري ماذا أقول وأظل أستنكر بداخلي هذا السؤال فأنا مصري وُلدت وتربيت في شوارع القاهرة وأحياءها الشعبية. ولم يكن الفنان محمد خان في حاجة إلى مستندات رسمية تثبت أنه مصري لأن أعماله وحدها كانت كفيلة بإثبات أنه مصري حتى النخاع. وكانت أعماله تشتبك بالواقع السياسي والاجتماعي المصري وتقدم صورة واضحة للفترات التي عاصرها إلى درجة تجعل منها وثائق تاريخية تسجل أحوال المجتمع المصري منذ أواخر السبيعات وحتى الآن. لكن خان لا يكتفي بذلك لأنه يريد اعتراف الجميع بأنه مصري وأن يُعامل طوال الوقت وفقًا لذلك وأن يُنسب ما يحققه من إنجازات في عالم السينما إلى مصر، وهو ما تحقق له اليوم. يذكر أن خان ولد في حي السكاكيني الشعبي بالقاهرة في 26 أكتوبر / تشرين الأول عام 1942 لأب باكستاني وأم مصرية، واحتل مكانة بارزة بين رواد المدرسة الواقعية التي تربعت على عرش الفن السابع أواخر السبعينات لتوثيق حياة المصريين البسطاء ومناقشة معاناتهم. كان خان قد أدلى بتصريحات لبي بي سي قبيل اعتماد الرئاسة لقرار منحه الجنسية تضمنت لن أطالب بالجنسية المصرية ثانيةً لأني طالبت بذلك بما فيه الكفاية حتى دخلت في العقد السبعين من عمري وسوف أترك تقدير هذا الأمر للرئاسة . رغم ذلك، كان الإصرار والعزم الذي لم يفتر على الحصول على الجنسية المصرية هو السر وراء حصول خان على ما يريد لأنه يعتبره حقًا أصيلًا له بالإضافة إلى القناعة الثابتة لديه بأنه ابن هذا البلد. ولم يكن خان وحيدًا أثناء معاناته من أجل منحه جنسية البلد الذي وُلد وتربى في أحياءها الشعبية بالقاهرة، إذ أن الكثير من الفنانين والعاملين في الوسط قد دعموه في مطالبته بالحصول على الجنسية. ومن أبرزداعمي خان في الوسط الفني الممثل المصري عزت العلايلي والمنتج محمد العدل ووزير الثقافة السابق عماد أبو غازي. وتلقى خان الدعم أيضا من جمهوره الذي دشن حملات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك انطلق أغلبها في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. وتضمنت تلك الحملات صفحة الجنسية المصرية لمحمد خان وصفحة محبي المخرج محمد خان على فيسبوك. وقال خان لبي بي سي لم أكن وحدي أثناء المطالبة بالجنسية المصرية، فقد كان ورائي عدد من كبار نجوم الفن والثقافة بمصر أتقدم بالشكر لهم جميعًا، خاصةً المنتج محمد العدل و وزير الثقافة السابق عماد أبو غازي . طوال حديثي مع المخرج محمد خان، رفض التعليق على المشهد السياسي أو الخوض في أي حديث له صلة بالسياسة قائلا إنه يقدم فنا على حد قوله ولا تستهويه فكرة التعبير عن وجهة النظر السياسية بالحديث إلى وسائل الإعلام لأن له طريقته الخاصة في التعبير. قال خان لبي بي سي إن الفن هو وسيلة تعبير الفنان عن وجهة نظره في كل شيء، ويمكن للفنان أن يقول ما يريد من خلال أعماله، وهنا تكون الرسالة أوضح . رغم ذلك، كان خان ولا زال دائم الاشتباك مع الواقع السياسي في مصر من خلال أعماله التي مثلت مدرسة جديدة في عالم السينما وجمعت بين الواقعية والرمزية بأسلوب يصعب معه الفصل بينهما. ومع أنه لم يدل بدلوه في السياسة، على النقيض من الكثير من الفنانين ونجوم المجتمع المصريين، تعتبر أفلام خان توثيقًا لوجهة نظره في المشهد السياسي حتى قبل قيام ثورات الربيع العربي. ويعتبر فيلمه زوجة رجل مهم دليلًا على ذلك، إذ تناول من خلاله قضية السلطة وكيف يتعامل معها الحكام على أنها ملكية شخصية وكيف يستغلون ما يتمتعون به من نفوذ في إخضاع المجتمع لرغباتهم. وتضمن الفيلم أيضًا انتقادات واضحة للمؤسسة الأمنية بمصر رغم أنه من إنتاج عام 1987. ولدى سؤاله عما إذا كان انتقاده المستمر للسلطة والمجتمع في مصر سببًا في رفض طلبات الحصول على الجنسية استنادًا إلى جنسية والدته طوال تلك الفترة رفض خان الإجابة أو التعليق على ذلك لأنه حديث في السياسة خارج دائرة اهتماماته على حد قوله. وأكد أن المهم هو حصوله على الجنسية وأن ما مضى قد مضى . يُذكر أن أعمال خان حصلت على جوائز من مهرجانات عالمية عديدة تضمنت، على سبيل المثال جائزة التانيت الفضي وجائزة أفضل ممثل ليحيى الفخراني عن فيلم خرج ولم يعد من مهرجان قرطاج السينمائي الدولي 1984، وجائزة السيف الفضي وجائزة أفضل ممثل لأحمد زكي عن دوره في فيلم زوجة رجل مهم من مهرجان دمشق السينمائي الدولي 1987. وحصل فيلم أحلام هند وكاميليا من إخراج خان على جائزة أفضل ممثلة لنجلاء فتحي في مهرجان طشقند الدولي بالإتحاد السوفييتي 1988. وأخيرًا، حصل فيلم فتاة المصنع على جائزة الصحافة الدولية لأفضل فيلم روائي طويل من مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته العاشرة.