انتقد الاتحاد الافريقي مجددا المحكمة الجنائية الدولية الجمعة معتبرا ان معاملتها "الظالمة" لافريقيا "غير مقبولة اطلاقا". وقال تيدروس ادانوم غبرييسوس الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الافريقي حاليا، لدى افتتاح اجتماع وزاري للمنظمة الافريقية ان "الطريقة التي تعمل بها المحكمة وخصوصا معاملتها الظالمة لافريقيا والافارقة غير سليمة" في اشارة الى ملاحقة المحكمة او محاكمة افارقة فقط منذ ببداية اعمالها في 2002. واضاف انها "بدلا من الدفع باتجاه العدالة والمصالحة (...) تحولت المحكمة الجنائية الدولية الى أداة سياسية تستهدف افريقيا والافارقة"، مؤكدا ان "هذه المعاملة جائرة وظالمة وغير مقبولة اطلاقا". واكد الوزير ان وزراء خارجية الاتحاد الافريقي يعكفون على تحضير القمة الطارئة التي سيعقدها القادة الافارقة السبت في اديس ابابا بناء على طلب كينيا التي تلاحق المحكمة الجنائية الدولية رئيسها اوهورو كينياتا ونائب رئيسها وليام روتو في لاهاي. غير ان بعض الوزراء استبعدوا موقفا راديكاليا مثل الانسحاب جماعيا للاتحاد الافريقي من المحكمة نهاية هذا الاسبوع. واعتبر وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة ان القمة قد تقول للمحكمة الجنائية الدولية "اذا لم تقوموا ببعض التغييرات فسيصعب جدا التعاون معكم". وفي ايار/مايو الماضي، وقف الاعضاء الخمسة والاربعون في الاتحاد، اثر فوز اوهورو كينياتا وشريكه في اللائحة وليام روتو بالانتخابات الرئاسية، الملاحقان من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية، في شبه اجماع مع نيروبي منتقدين تكالب محكمة لاهاي على كينيا وافريقيا عموما. وقد دعا الاتحاد الافريقي المحكمة الجنائية الدولية عبثا المحكمة الى ان تحيل الى كينيا الملاحقات التي بدأتها ضد المسؤولين الكينيين وذهب رئيس الوزراء الاثيوبي والرئيس الدوري للاتحاد الافريقي هايلي مريم ديسالين، الى حد اتهام المحكمة ب"مطاردة عنصرية". وافتتحت محاكمة روتو -- والمتهم معه، مذيع اذاعة جوشوا اراب سانغ -- في العاشر من ايلول/سبتمبر في لاهاي على ان تبدأ محاكمة الرئيس كينياتا في 12 تشرين الثاني/نوفمبر. ويحاكم كينياتا وروتو كل على حدة لمسؤوليتهما في اعمال العنف السياسية الاتنية الرهيبة التي تلت الانتخابات الرئاسية الكينية السابقة اواخر 2007، وكانا ينتميان حينها الى معسكرين خصمين. كذلك رفضت المحكمة تغيب كينياتا وروتو عن كل الجلسات في لاهاي رغم المسؤوليات التي يضطلعان بها. واعتبر تيدروس الجمعة "مؤسفا ان لا تجد مطالبنا آذان صاغية، انهم يتجاهلون ما يقلقنا". وقال ان "الهجوم الارهابي الاخير في نيروبي (...) يبرز حاجة القادة الكينيين للوقوف على الخط الاول في المعركة ضد الارهاب وعدم صرف انتباههم باي شكل من الاشكال بالمحكمة" في اشارة الى الهجوم الدامي الذي نفذته مجموعة من اسلاميين مسلحين على مركز تجاري في نيروبي نهاية ايلول/سبتمبر. ويعتبر كينياتا وروتو اول قادة تحاكمهم المحكمة اثناء ممارستهم مهامهم غير ان تيدروس شدد على انه "لايمكن الاستهتار بحصانة رؤساء الدول وسيتخذ اجتماعنا موقفا واضحا جدا بشأن هذه المسالة". وحذر ايضا من ان "البحث عن العدالة يجب ان يتم بطريقة لا تعرقل ولا تعرض الى الخطر الجهود الرامية الى سلام دائم" مشددا على مبررات بعض المسؤولون الكينيين الذين يرون ان محاكمات المحكمة الجنائية الدولية قد تفتح جروحا قديمة. ومع اقتراب قمة الاتحاد الافريقي تعالت اصوات تنتقد هجمات المحكمة الجنائية على الدول الافريقية واعتبر الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي نان الخميس ان النقاش حول المحكمة الجنائية الدولية في الاتحاد الافريقي يهدف اكثر الى حماية "القادة" اكثر من حماية "الضحايا". كذلك انتقدت زيمبابوي المحكمة وصرح مدير مكتب وزير الخارجية جو بيمها الجمعة لفرانس برس في هراري "لسنا نؤيد المحكمة الجنائية الدولية لسنا متفقين مع وضعها (...) لم نوقع معاهدة روما لاننا لم نوافق بعض الاجراءات". من جانبه اكد معهد الدراسات الاستراتيجية المتخصص في القضايا الافريقية ان "الرسالة الى الضحايا والمستثمرين والعالم هي ان قادة القارة لا يحتملون المؤسسات التي تسهر محاسبه كل على اعماله". لكن وزير الخارجية السوداني علي كارتي ضرب بتلك الانتقادات عرض الحائط حين قال ان بيانا واضحا من الاتحاد الافريقي ضد المحكمة الجنائية لن يشجع التهرب من العقاب لان "الدول الافريقية لديها آلياتها القضائية الخاصة وهي جيدة، وافضل من الاوروبية". وقد صدرت بحق الرئيس السوداني عمر البشير مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وابادة في نزاع دارفور، غرب السودان. وتحاول نيروبي التهدئة خلال الايام الاخيرة مؤكدة انها ليست تنوي الانسحاب من معاهدة روما الذي اسس للمحكمة الجنائية الدولية، وعدم الضغط من اجل انسحاب افريقيا جماعيا. وقالت وزيرة الخارجية الكينية امينة محمد "نحن قلقون من بعض الامور التي تجري في المحكمة، نعم، لكننا لم نقل ابدا اننا سننسحب" مؤكدة ان بلادها تنوي "البقاء" كدولة عضو.