تشن القوات النظامية السورية اليوم الاثنين حملة عسكرية واسعة لاستعادة احياء خارج سيطرتها في مدينة حمص وسط سوريا، في حين يحقق المقاتلون المعارضون تقدما في مدينة الرقة في شمال البلاد. في غضون ذلك، تعهد وزير الخارجية الاميركي جون كيري من الرياض دعم هذه المعارضة السورية من دون تسليحها، بينما تشهد دول معنية بالنزاع حراكا دبلوماسية سعيا للتوصل الى حل للازمة التي تتم بعد ايام عامها الثاني. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان اشتباكات عنيفة تدور اليوم عند اطراف احياء القرابيص وجورة الشياح والخالدية واطراف حمص القديمة، تترافق مع قصف عنيف من القوات النظامية على مناطق في القرابيص وجورة الشياح وباب التركمان وباب هود. واوضح مدير المرصد في اتصال مع وكالة فرانس برس ان الاشتباكات "هي من الاعنف منذ اشهر"، وان العملية العسكرية "كبيرة وواسعة" ويستخدم فيها الطيران الحربي. وتسعى القوات النظامية الى استعادة احياء تحاصرها ويسيطر عليها مقاتلو المعارضة وسط المدينة التي يعدها الناشطون "عاصمة الثورة" التي اندلعت ضد الرئيس بشار الاسد منتصف آذار/مارس 2011. واشار المرصد الى ان "القوات النظامية وقوات الدفاع الوطني المسلحة الموالية لها بدأت هجوما امس على هذه الاحياء"، ما اسفر عن "مقتل وجرح العشرات" من الجيش النظامي وقوات الدفاع التي شكلها النظام من مدنيين مسلحين لمساعدته في القتال. وتأتي الحملة غداة مقتل 264 شخصا جراء اعمال العنف في مناطق مختلفة، بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويقول انه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية. ومن القتلى 115 جنديا نظاميا و104 مقاتلين معارضين، في حصيلة قال عبد الرحمن انها "الاعلى في يوم واحد" التي امكن توثيقها خلال النزاع. وفي شمال سوريا، تقدم مقاتلو المعارضة في مدينة الرقة التي ما زالت تحت سيطرة القوات النظامية، بينما تسيطر المعارضة على اجزاء واسعة من ريفها. واوضح المرصد ان مقاتلين من كتائب عدة بينها "جبهة النصرة" الاسلامية المدرجة على اللائحة الاميركية للمنظمات الارهابية، سيطروا على "حواجز السباهية والمقص وكافة الحواجز المحيطة بمدينة الرقة"، اضافة الى مديرية الصحة، بينما تدور "اشتباكات عنيفة بالقرب من فرع الامن السياسي"، يرافقها قصف من الطائرات المروحية. وقال عبد الرحمن ان الاشتباكات ادت الى "مقتل امير جبهة النصرة في الرقة المعروف باسم +ابو محمد الغريب+"، اضافة الى ثمانية من عناصر القوات النظامية. واغار الطيران الحربي اليوم على المنطقة الواقعة شمال سجن محافظة الرقة الذي سيطر عليه المقاتلون المعارضون ليل السبت الاحد. كما شهدت ضواحي المدينة السبت اشتباكات وصفت بانها "الاعنف" منذ بدء النزاع، وادت الى مقتل نحو 30 شخصا من الطرفين. وفي محافظة حلب (شمال)، تدور اشتباكات داخل الجامع الاموي وسط مدينة حلب الذي سيطر عليه مقاتلو المعارضة في 28 شباط/فبراير، بحسب المرصد الذي اوضح ان القوات النظامية "تحاول اعادة سيطرتها على الجامع". وفي دمشق، تدور اشتباكات عنيفة بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية على اطراف حي جوبر (شرق)، مع استمرار الاعمال العسكرية في ريف العاصمة حيث يحاول النظام السيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين. سياسيا، قال وزير الخارجية الاميركي في مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي الامير سعود الفيصل، ردا على سؤال حول ارسال دول كقطر والسعودية اسلحة الى المعارضين، ان "لدى المعارضة المعتدلة القدرة للتاكد من ان الاسلحة تصل اليها وليس الى الايدي الخطأ". مع ذلك، اضاف كيري الذي التقى عددا من نظرائه الخليجيين قبل ظهر اليوم، انه "ليست هناك ضمانات بان لا تصل الاسلحة الى الايدي الخطأ". وتمتنع الادارة الاميركية عن تزويد المقاتلين المعارضين بالسلاح خوفا من وصوله الى ايدي مقاتلين اسلاميين، علما ان تقارير صحافية تحدثت مؤخرا عن تدريب الولاياتالمتحدة بعض مقاتلي المعارضة السورية في دول مجاورة، دون تزويدهم بالسلاح. من جهته، قال الفيصل ان بلاده الداعمة للمعارضة "تشدد على اهمية ان يتمكن الشعب السوري من الدفاع عن نفسه كحق مشروع"، مشيرا الى انه بحث مع كيري "وقف امداد النظام السوري بالاسلحة التي سيسخدمها في قتل شعبه". وردا على سؤال حول الاسلحة المرسلة الى المعارضة، اجاب "لا نستطيع ان نقف صامتين امام المجرزة في سوريا. لدينا واجب اخلاقي (...) لم نر نظاما يستخدم صورايخ استراتيجية ضد شعبه". واضاف "لا يمكن ان يحق لشخص يقتل شعبه ان يدعي الحق بحكم بلده". وفي سياق دبلوماسي متصل، اجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي فرنسوا هولاند اتصالا هاتفيا الاثنين تطرقا فيه الى "مواصلة التعاون لتطبيع الوضع في سوريا" بحسب بيان صادر عن الكرملين. وكان هولاند زار موسكو الخميس، واكد في ختام محادثاته مع بوتين ان البلدين "لديهما الهدف نفسه" لجهة انهاء النزاع السوري، لكنهما يختلفان حول طريقة ذلك. وياتي الاتصال بعد مباحثات هاتفية حول سوريا وقضايا اخرى اجراها بوتين مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في الاول من آذار/مارس الجاري. كما ستشكل الازمة السورية موضوع بحث خلال زيارة الملك الاردني عبد الله الثاني الى انقرة اليوم، حيث يلتقي الرئيس عبد الله غول ورئيس وزرائه رجب طيب اردوغان.