البصرة (العراق) (رويترز) - يحاول مسؤولون في البصرة المركز النفطي بجنوب العراق إلغاء صفقة غاز مع شل بقيمة 17 مليار دولار لانهم يريدون أن يكون لهم كلمة مسموعة فيها الامر الذي يسلط الضوء على الضغوط التي تتعرض لها الحكومة المركزية لإرخاء قبضتها على المحافظات المختلفة. وتتزايد التوترات في محافظة البصرة حيث وقعت عشرات من شركات النفط العالمية عقود تطوير لبعض من أكبر حقول النفط العراقية مع تباطوء وتيرة التنمية في المحافظة التي تريد التمتع بسيطرة أكبر على مواردها الطبيعية وايراداتها. وتحتدم المطالبات بسلطات أكبر للمحافظات منذ سنوات في العراق الذي يشهد انقسامات عرقية وطائفية. لكن جهود البصرة الى جانب مساعي محافظة صلاح الدين للحصول على حكم ذاتي تهدد باثارة توترات مع انسحاب القوات الامريكية تماما من العراق. وتم توقيع عقد نهائي مع رويال داتش شل وميتسوبيشي لتجميع الغاز في حقول النفط العراقية الجنوبية الثلاثة يوم 24 نوفمبر تشرين الثاني على الرغم من اعتراض المجلس المحلي في البصرة بسب عدم مشاركته في المحادثات أو في التوقيع على الصفقة. ورفع مسؤولون من المجلس المحلي في البصرة دعوى قضائية على وزارة النفط العراقية يوم 25 نوفمبر يطالبون بالغاء صفقة الغاز. وقال صباح البزوني رئيس مجلس محافظة البصرة ان المجلس من حيث المبدأ لا يمانع من تطوير الغاز لكنه أضاف أن العقد يجب أن يتضمن بندا يظهر موافقة المجلس المحلي الا أن المجلس لم يعلم بأي شيء عن العقد. وأضاف أن البصرة أحق المحافظات في التمتع بالحكم الذاتي. وسيعطي الحكم الذاتي المحافظة سلطات أكبر على ماليتها وادارتها وقوانينها كما يعطيها اليد العليا في الاشراف على الملكية العامة ما قد يرخي قبضة بغداد على قطاع النفط والغاز. ومن المستبعد أن تعرقل الدعوى القضائية صفقة شل وتؤجل المشروع لكنها تثير مخاوف بشأن مستقبل الخلافات المتعلقة بحقوق النفط والغاز في العراق الذي يواجه صعوبات في إعادة الإعمار بعد سنوات من العنف في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن لسحب قواتها بالكامل بحلول نهاية ديسمبر كانون الاول الجاري. وقال البزوني ان الدستور يعطي المحافظات المنتجة للنفط حقوقا متساوية مشيرا الى توقيع حكومة كردستان العراق على اتفاق مع اكسون موبيل وهو ما أثار اعتراض الحكومة المركزية. واقليم كردستان في شمال العراق شبه مستقل منذ سنوات منذ أن فرضت قوات غربية منطقة حظر طيران بعد حرب الخليج عام 1991. وينظر للشمال الكردي الان باعتباره نموذجا للمحافظات التي تسعى لحكم ذاتي. وتمكن الاقليم من اجتذاب استثمارات أجنبية ووفر لسكانه مستويات معيشية وأمنية أعلى بالمقارنة ببقية أرجاء العراق حيث التفجيرات وانقطاع الكهرباء جزء من الحياة اليومية. لكن حكومة المنطقة الكردية دخلت في مواجهة مع بغداد في خلاف على أراض وعلى النفط. فقد اعترضت الحكومة المركزية على اتفاق في الفترة الاخيرة بين كردستان وشركة اكسون موبيل الامريكية للتنقيب عن النفط في الشمال. ورغم ذلك يتطلع المسؤولون في البصرة لتجربة حكومة المنطقة الكردية ويلقون اللوم في عدم إحراز تقدم على أمور سياسية في بغداد والتناحر بين الشيعة والسنة والاكراد الذين يتنافسون على السلطة. وقال غانم عبد الامير المالكي العضو بمجلس محافظة البصرة ان جزءا مما دفع المجلس للمطالبة بحكم ذاتي هو أن المشكلات أمر معتاد في بغداد وليس في البصرة. واضاف انه من الواضح ان منطقة كردستان مستقرة بدرجة كبيرة نتيجة لان الاحزاب الحاكمة فيها عامل معروف مشيرا الى أن الكل في بغداد يحاول ارضاء حزبه على حساب الاخرين. وتحتاج المحافظات لاستفتاء عام وموافقة برلمانية لتصبح اقليما يتمتع بالحكم الذاتي. ويؤيد رئيس الوزراء نوري المالكي الذي شارك في وضع الدستور عام 2005 وجود حكومة مركزية قوية. وحاولت حكومته تهدئة الحركات المطالبة بالحكم الذاتي فيما يرجع جزئيا للخوف من من ان تؤدي الى عدم استقرار مع تسارع انسحاب القوات الامريكية. فمن المقرر ان تغادر القوات المتبقية وقوامها عشرة الاف حندي قبل 31 ديسمبر. وفي أكتوبر تشرين الاول قررت محافظة صلاح الدين التي تقطنها اغلبية سنية اعلان نفسها بشكل رمزي اقليما متمتعا بالحكم الذاتي. وانتقد المالكي هذه الخطوة. وفي محافظة البصرة التي تقطنها أغلبية شيعية يتصاعد الحديث عن الحكم الذاتي منذ سنوات. وأرسلت البصرة طلبا رسميا بذلك منذ أكثر من عام لكنها لم تتلق ردا من بغداد. ويقول رياض خضير (34 عاما) وهو موظف حكومي "الفيدرالية هي الحل. منذ ثماني سنوات والبصرة كما هي. الحكومة لم تتمكن من حل مشكلات الكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات في البصرة. " واضاف "الى متى ستبقى البصرة البقرة التي يحلبها العراق.. ولا تحصل على شيء منه.. نجن نرى التطور في الاقليم الكردستاني والازدهار الذي يعيشون فيه ونحن لسنا أقل منهم."