وجه الوضع الأمني في سيناء صفعة جديدة للدولة بعد أن قام مسلحون متشددون من تنظيم "التوحيد والجهاد" المرتبط بتنظيم "القاعدة" الأم، بخطف سبعة جنود من الجيش والشرطة جنوب مدينة العريش. ويطالبون بالإفراج عن متشددين أخرين معتقلين لدي أجهزة الدولة مقابل إطلاق سراحهم. ونقلت وكالة أنباء "الاناضول" التركية عن مسؤول في رئاسة الجمهورية الخميس، "ان الرئاسة فتحت قناة للتفاوض مع خاطفي الجنود المصريين في سيناء عبر قيادات بجماعة الإخوان المسلمين بسيناء". وتابع أن "الخاطفين طالبوا قيادات بالجماعة بتوصيل رسالتهم لرئاسة الجمهورية والخاصة بتنفيذ مطلبهم بالإفراج عن سجناء من ذويهم". ولم تنف الرئاسة هذه الانباء حتى الأن، ما قد يكون تطورا غير مسبوق، ان يتفاوض رأس الدولة مع جماعات تعتبرها الاجهزة الامنية والمؤسسة العسكرية "ارهابية". وأكد مصدر امني إن "التفاوض يجري بين الرئاسة والخاطفين عبر قيادات بجماعة الإخوان المسلمين بسيناء". وقال المصدر الامني إن المسلحين يطالبون بالإفراج عن اعضاء في جماعة "التوحيد والجهاد" أدينوا بشن هجمات في شمال سيناء عام 2011 أدت الى مقتل ستة من أفراد الأمن ومدني. وفي شه سبتمبر الماضي صدر حكم بإعدام 14 من أعضاء الجماعة وعلى ستة آخرين بالسجن المؤبد. وأكدت مصادر أمنية بسيناء أنها تقوم بالتفاوض عبر ممثلين لها مع الخاطفين ورجحت أن تنتهى أزمة الاختطاف في وقت قريب، مشيرة إلى أن عناصر الشرطة والجيش يتحفظ عليهم الخاطفون في منطقة صحراوية جنوب مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء. واستبعدت المصادر الأمنية القيام بأي عملية تدخل عسكرية لتحرير الجنود وقالت إنه "خيار مستبعد تماما في ظل هذه الظروف". ووجه المهندس جلال مرة أمين حزب النور السلفي نداء إلى مختطفي الجنود المصريين قائلا: "ليست هذه طريقة للتعبير عن المطالب.. أفرجوا عن إخوانكم أبناء مصر فهم جنودنا الساهرون على حماية الوطن وأبنائه". وأضاف في بيان للحزب: "نحن مع مطالبكم المشروعة" .. مشيرا إلى أن الحزب سيتبنى تلك المطالب بعد معرفتها ودراستها وسيتحرك مع كل الجهات المعنية لتحقيق تلك المطالب طبقا للقانون والدستور. من جانبه، أكد حزب الأصالة السلفي، أن عملية خطف الجنود المصريين في سيناء عمل إجرامي، معربا عن استيائه الشديد وأسفه البالغ لما وقع لجنودنا في سيناء. وطالب الأصالة في بيان، جميع الأجهزة الأمنية ببذل كافة الجهود من أجل تأمين سلامتهم وإعادتهم سالمين غانمين بإذن الله تعالى، معلنا رفضه مبدأ مبادلتهم بسجناء، تحت أي دعوى كانت. وجاء الحادث بعد ايام قليلة من تصريحات لمدير جهاز الامن الوطني (امن الدولة سابقا) نفى فيها اي وجود لتنظيم القاعدة في مصر رغم ان رايات التنظيم رفعت في العديد من المظاهرات، واخرها في مظاهرة للسلفيين امام مقر الجهاز نفسه في ضاحية مدينة نصر بالقاهرة. ونقل عن احد سكان العريش ان الموقف الامني في شمال سيناء بالغ السوء وان اكبر دليل على ذلك هو حادث الخطف، مضيفا ان قوات الأمن اذا لم تكن قادرة على حماية جنودها فكيف يستطيع المدنيون حماية انفسهم؟ تعليق علي الحادث "الصفعة"... عملية الخطف هذه تشكل اهانة للسلطة المصرية، اولا لان المخطوفين كانوا من الامن والعسكر، وثانيا لان جميع الاجراءات التي قيل انها اتخذت لفرض هيبة الدولة وسطوتها في المنطقة ثبت عدم فعاليتها. صحراء سيناء تتحول تدريجيا الى منطقة فاشلة في دولة رخوة، لا تخضع لسيطرة الدولة. الخاطفون يمثلون جماعات مسلحة باتت اقوى من الدولة، ويستطيعون فرض شروطهم عليها، سواء بالافراج عن بعض المعتقلين في السجون من مهربين او اسلاميين متشددين، او الحصول على فدية مالية ضخمة. السلطات المصرية اختارت التفاوض مع القيادات القبلية والعشائرية لاقناع الخاطفين بالافراج عن جنودها، ولكن العقبة الرئيسية امام هذه المفاوضات عدم معرفة الجهة الخاطفة وهويتها او المطالب التي تعرضها مقابل هذا الافراج. لقد كان امام الحكومة المصرية خيارين لا ثالث لهما، الاول ان تواصل نهج التفاوض مع الخاطفين من خلال وسطاء للافراج عن الجنود، او اللجوء الى استخدام القوة، وهنا يكمن خطر انتهاك بنود اتفاقات كامب ديفيد، وتعريض حياة الجنود للخطر. وقد اختارت الحكومة الخيار التفاوضي لانه الاقل تكلفة والاكثر ايجابية من حيث الوصول الى الاهداف الموجوة في الافراج عن الجنود مثلما كان عليه الحال في مرات سابقة لكن السؤال هو حول المدى الزمني الذي يمكن ان تستغرقه، فكلما طال امد المفاوضات كلما زاد حرج السلطات المصرية. الحلول التفاوضية تظل قصيرة الامد، تقدم مخارج مؤقتة للازمة، فعمليات الخطف للجنود ستتكرر طالما ان هناك من يتجاوب مع مطالب الخاطفين ويدفع اموالا او يفرج عن معتقلين، ولهذا لا بد من التركيز على الحلول الجذرية.