ربما تفاجأ عندما تطالع اسم كتابه للمرة الأولى، (قرش حشيش)، وعندما ترى غلافه السريالي الغريب، ولكنك مع ذلك سوف تستمتع بفكر ونضج مهدي مبارك، الكاتب الكلماوي الذي يبلغ من العمر ستة عشر عاما، فهو يعشق الكتابة ويمنحها الكثير من وقته، لأنه مؤمن بقدراته، يعشق المجادلة لأنه دوما يريد أن يعرف. وهو في مجموعته القصصية يتكلم عن شوارعنا، عاداتنا، إنسانياتنا، تاريخنا، وأرواحنا، حتى تفاجأ بانتهائك من قراءة المجموعة في جلسة واحدة، مع تنهيدة حارة وصحوة من نوم عميق، قائلاً "حقا إنه قرش حشيش!" لو أتيحت لك الفرصة لكتابة مقدمة عن نفسك فماذا ستقول؟ أيامٌ طويلةٌ في خلاَّطِ الدنيا، كانوا يقولون لسقراط "صباح الخير"، فيجيب "دعك من الصباح، ما الخير في نظرِك؟"، المفروض أن تجيبى "وما الدنيا في نظرك؟"، لأقولَ: "الكرباج" الذي نَمرُ تحته، ونبقى تحته حتى القبر، حيث الخلاص على أعذبِ نغمات بيتهوفن، فالموت الأعظم ألمًا هو الحياة مع وقفِ التنفيذ . لمن تقرأ؟ لدىَّ ثالوثٌ مقدس .. يوسف السباعي، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، في الخلفية، أمل دنقل ومحمود درويش وأنيس منصور ومصطفى محمود وسيد كريم وصلاح جاهين ويوسف إدريس، وسارتر، أيضًا أحب القراءة عن سقراط. ما أكثر موضوعات تستهويك لتكتب عنها ؟ منير غنَّى على لسان عَم صلاح جاهين "في البدء كانت كلمة الرب الإله خلقت حياة والخلق منها اتعلموا فاتكلموا .. اتكلموا"، الكلمة هي أعظم مخلوق منذ صافرة انطلاق الخليقة، كل الكلام يثير القلم، فالإنسان حتى نهايته الحتمية محصور بين عشرين فكرة وموضوع وكلمة، فقط يستهويني من بينها أكثر: الموت، الله، الإنسان، آدم، الحرية، التغييب، الغريزة. وماذا يعني لك كل مصطلح مما ذكرته؟ الله: ذات، فوق إدراك العقل البشرى، الوطن: هو الإنسان أو هكذا يجب أن يكونَ .. لا أعترف بالقومية الوطنية، فهتلر وستالين وشارون ونتنياهو، رموز مطلقة للإرهاب، والوطنية أيضًا! الموت: قرار، القلم: سيف، الحب: أساس كل الطاقات الإنسانية، آدم: خلق ليثبت أن الإنسان.. ضعيف ضعيف، الحرية: حركة، واجبات، وحقوق. التغييب: نظرة، كلمة، فكرة. كيف تكونت ثقافتك على الرغم من صغر سنك؟ ده الطبيعي . مش شايف حاجة غريبة، لكن أقول إن اعتباري حالة شاذة، ناتج "غير طبيعي" للتخلف الموجود اليومين دول، اتقوا شر يوم تُعامل فيه القاعدة على أنها استثناءٌ! ألم تخش نشر كتابك؟ عادى جدًا جدًا جدًا .. الكتب على قفا من "يشيل"، لا رهبة ولا قلق، وكل من هبَّ ودبَّ صار اسمه مطبوعًا على كتلة ورق، المشكلة ليست في صدور كتاب، السؤال الأهم: هل أنت راضٍ عمَّا كتبت؟ .. هل تراه يمثل فرقا؟ من دعمك ؟ بابا، الله يرحمه .. الكتاب مُهدَى إليه، أعتقد أنه أول مخلوق قرأ الكتاب.. فصفَّق لي. لماذا اخترت "قرش حشيش" عنوانا للكتاب؟ حتى نهايتي، سيظل التغييب عدوى الأول، "نحن الآن في حرب فكرية، على رقابِ العبيد"، يا رحمن يا رحيم .. والحشيش رمز شعبي للتغييب، فأثر حرب الظلام الفكري في مصر الآن، سوف يبلغ قريبًا جدًا أثرَ "حربِ الأفيون" على عقل الصين، ويزيد، إن حرب الأفكار "أعتى"!. كلمتنا نوفمبر 2010