ما يحدث في مصر أشبه بحفرة يسقط فيها طوابير من الناس دون الالتفات إليها أو إلى من سقطوا قبلهم!وقد تابعنا كلنا أزمة الرئيس والدستورية والمجلس المنحل! إلا أن الواقعة الأكثر استفزازا لى، كانت الاعتداء على المناضل حمدى الفخرانى أمام مجلس الدولة، من قبل بعض الإخوان أو المؤيدين لهم، أما الاكثر استفزازا من الاعتداء نفسه، فكان كيفية تعامل الإخوان المسلمين مع ما حدث! لقد ذهلت وأنا أرى دموع "حمدى الفخرانى"، ربما للمرة الاولى فى حياته، على الهواء مباشرة، بعد ما تعرض له من إهانة! إلا أن الأغرب كان رد فعل النائب الإخوانى حسن البرنس الذي استشهد على الفور بما قاله لقمان الحكيم "إذا جاءك رجل وقد سقطت عينه فى يده، فلا تحكم له حتى يأتى خصمه"، للدلالة على ضرورة الاستماع لكل الأطراف دون التعاطف المسبق مع أحد, ثم أبدى تعاطفا ورفضا لما حدث للنائب حمدى الفخرانى ودمتم!! وقد سألت نفسى على الفور: إيه الكلام الفارغ ده؟ وهل انتظرنا لنستمع للطرف الآخر عندما دبرت للنائب حسن البرنس حادثة سيارة، أم تعاطفنا معه على الفور لأن الاعتداء جريمة غير قابلة للتبرير تحت أى ظرف! المهم, اعتقدت أن النائب الإخوانى ربما لم يوفق فى رده وأن جماعة الإخوان المسلمين ستعتذر، وتتخذ موقفا حاسما من الأمر، لكن شيئا لم يحدث!! بل على العكس تماما، انطلق مؤيدو الإخوان على الإنترنت يدافعون عن أنفسهم وينشرون فيديوهات وروايات تنفي ما حدث! حتى رأيت تعليقا عجيبا يسأل "هو يعنى حمدى الفخرانى مش قادر يتعرف ولو على واحد من اللى ضربوه؟ طب يوصفلنا شكله حتى؟" ليرد عليه أحد زملائى المستفزين: "شكله إيه؟ أخضر وبأستك يا سيدى"! هذا الموقف السخيف أعاد لى كل الذكريات الأليمة الخاصة "بالطرف التالت"، و"إيه اللى لبّسها عباية بكباسين" وخلافه! مما يطرح سؤالا مهما: لماذا يصر الجميع على الدفاع عن أنفسهم مهما كان الخطأ عظيما؟ هو الاعتذار حرام؟ كل كيان به الصالح والطالح، إلا أن ما يفرق الكيان المحترم عن غيره، أنه يعاقب المسيء و يصحح الخطأ، ولا يتعامل بمنطق الجاهلية، حيث يدافع الكبير عن رجاله والسلام! ما الخطأ فى أن تتقدم جماعة الإخوان ببيان رسمى، تؤكد فيه أن ما حدث تصرف همجى، قام به البعض من تلقاء أنفسهم، ولن يمر مرور الكرام، وستتم محاسبتهم على الفور؟! ما الخطأ لو قدم المجلس العسكر بيانا عقب واقعة تعرية الفتاة، يؤكد فيه أن من قاموا بذلك الفعل المشين قد خرجوا عن أخلاقيات العسكرية المصرية، وستتم محاسبتهم بدلا من الاستغراق فى اتهام الفتاة؟! لكنه الكبر والعنجهية التى عجلت بنهاية المخلوع، الذى رفض هو الآخر تقديم أية تنازلات، وأصر على الاحتفاظ بأغلب وزرائه فى عز الثورة، دون أى محاولة للتضحية بهم وإنقاذ نفسه لإرضاء الملايين المصرة على رحيله, من منطلق الكِبر أيضا ورجاله أولا! للإخوان المسلمين أقول "الطريق للهاوية مفروش بالتكبر وتجاهل الآخر" والمصيبة أن النظام البائد منتظر سقوطكم، ليعود للحياة مرة أخرى، وتصرفاتكم المستفزة لا تساعدنا على تأييدكم، بل تساعد النظام البائد فى مهمته! فبطلوا بقى نغمة "موتوا بغيظكم"، ولا تغترّوا بقوتكم، فقد شاهدنا جميعا سقوط من كان أقوى منكم، ونشاهدكم الآن تسيرون على دربه!