استبعد السياسى الباكستانى البارز عمران خان ورئيس حزب حركة الإنصاف الباكستانية وجود مؤامرة وراء سقوطه من على رافعة فى مؤتمر سياسى حاشد فى لاهور الليلة قبل الماضية وعلل ما حدث بأنه "خطأ بشرى". وقال فى مقابلة مع قناة "جيو نيوز" المحلية وهو راقد على سريره بمستشفى شوكت خانوم أنه لو لم يكن يرتدى سترة مضادة للرصاص، لكان عموده الفقرى قد انقسم. وأكد عمران أن يوم"11 مايو هو يوم التغيير " معربا عن شكره وامتنانه للجميع على دعواتهم له بسرعة الشفاء . ويقول الأطباء أن نجم الكريكيت السابق عمران خان يحتفظ بروح قتالية عالية ويتحسن بسرعة ولكنه بحاجة لفترة من الوقت قد تصل إلى 3 أو 4 أسابيع للشفاء التام من إصابته. وهو يلتقى كبار مسئولى حزبه بالمستشفى ويوجههم إلى مواصلة حملتهم استعدادا للانتخابات العامة . ويستعد اليوم لأن يوجه كلمة إلى مؤتمر انتخابى لحزبه فى إسلام آباد عن طريق دائرة تليفزيونية مغلقة، فى اليوم الأخير للحملة الانتخابية . ويتوافد الناس من مختلف مشارب الحياة على المستشفى التى يرقد بها عمران خان للاطمئنان على حالته، فيما أغرقت برقيات الدعاء والأمنيات بسرعة الشفاء مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت مثل الفيسبوك وتويتر وغيرها. وأعرب الطبيب المعالج للسياسى الباكستانى البارز عمران خان عن تفاؤله متوقعا له أن يتماثل للشفاء التام رغم إصابته بكسر ثلاث فقرات وضلع نتيجة سقوطه الليلة قبل الماضية فى اجتماع سياسى حاشد فى مدينة لاهور، عاصمة إقليم البنجاب الشرقى. وقد فقد عمران خان توازنه وسقط من ارتفاع حوالى خمسة أمتار من رافعة كانت تصعد به هو وثلاثة حراس إلى منصة أقيمت على حاوية شحن فى اجتماع حاشد فى مدينة لاهور . وبثت تلك اللقطات المثيرة مرارا على شاشات القنوات التليفزيونية المحلية. ويرأس أسطورة الكريكيت السابق عمران خان حزب "حركة الإنصاف الباكستانية" الذى يعد من أبرز المنافسين فى الانتخابات الوطنية التى ستجرى السبت المقبل. وقال طبيبه دكتور فيصل سلطان، إن خان 60 عاماً أصيب بكسر فى فقرة فى عنقه واثنتن فى ظهره بسبب سقوطه، كما أنه مصاب بكسر فى ضلع وجرح قطعى فى رأسه، ولكن الطبيب كذب تقارير ترددت فى وقت سابق عن أن عمران مصاب بكسر فى الجمجمة. وأضاف بأن "الشىء الأكثر أهمية من كل هذا هو أن القناة الشوكية سليمة وأن عمران خان يتحكم تماما فى جميع أطرافه ووظائف جسده". وقال سلطان فى مؤتمر صحفى فى لاهور اليوم " نحن واثقون جدا بأن كل هذه الكسور سوف تلتئم مع الوقت، وسوف تشفى تماما وتسمح له أن يكون فى كامل لياقته البدنية كعهده دائما ." وقد حكمت اصابة عمران خان عليه بالابتعاد الى حد كبير عن الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية قبل إجراء الانتخابات يوم 11 مايو. وبعد ساعات من سقوطه، أجرى السياسى صاحب الشخصية الكاريزمية مقابلة من سريره فى المستشفى. وكان مهزوزا بشكل واضح كما ظهر جرح فى جبينه، لكنه كان لا يزال يطلب من الناس التصويت لصالح حزبه ويقول لهم "لقد فعلت كل ما يمكن أن أفعله والآن عليكم أن تقرروا ما إذا كنتم تريدون بناء باكستان جديدة". وعلق واحد من منافسى عمران خان الرئيسيين، وهو رئيس الوزراء السابق نواز شريف، حملته الانتخابية ليوم واحد امس الاربعاء احتراما لمنافسه. وقد أخمد سقوط عمران خان واحدة من أنشط الحملات الانتخابية فى باكستان. وقد حصل عمران على مكانة أسطورية فى البلاد عندما قاد المنتخب الوطنى فى لعبة الكريكيت إلى الفوز بكأس العالم عام 1992، وضخ طاقة جديدة فى نظام سياسى تهيمن عليه منذ زمن بعيد العائلات السياسية. ويخوض حزب الإنصاف الباكستانى الذى يترأسه عمران خان الانتخابات العامة التى ستجرى فى باكستان بعد غد السبت وكله أمل فى النجاح فى تحقيق حلمه بباكستان جديدة... باكستان خالية من الفساد والتطرف والعنف تحترم سلطة القانون وحرية التعبير عن الرأى. وعلى الرغم من أن عمران خان(60 عاما) قد دخل إلى مجال السياسة قبل17 عاما عندما اسس حزبه فى 1996 ولم يفز سوى بمقعد واحد فى البرلمان فى الفترة ما بين 2002 و2007 فإنه لم يتم النظر إليه باعتباره لاعبا مهما فى المشهد السياسى الباكستانى سوى خلال الأشهر القليلة الماضية بل ويرى بعض المحللين أنه سيكون قوة لا يستهان بها على الصعيد السياسى بعد ظهور النتائج وأنه قد يحدد شكل الحكومة المقبلة. ويتوقع المحللون أن يأتى حزب عمران خان فى المرتبة الثالثة بعد الحزبين الرئيسيين وهما حزب "الرابطة الإسلامية - نواز" بزعامة نواز شريف رئيس الوزراء الأسبق والمنافس الرئيسى لخان وحزب الشعب الباكستانى بزعامة بيلاوال بوتو زردارى ابن رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو والرئيس الحالى للبلاد آصف على زردارى. وقليلون هم الذين يتوقعون أن يكون عمران خان رئيس الوزراء القادم، ولكن حزبه يمكن أن يلعب دورا باعتباره صانع الملوك أو تشكيل معارضة قوية فى البرلمان. ويتمتع خان بشعبية كبيرة فى أوساط الشباب الذين يمثلون 40 فى المائة من إجمالى من لهم حق الانتخاب والذين يرون فيه البطل الرياضى الأشهر ورجل الأعمال الخيرية الذى أخذ على عاتقه بناء أكبر مستشفى لعلاج السرطان وهى مستشفى "شوكت خانوم" التى يُعالج بها حالياً والتى أطلق عليها اسم أمه، كما ينظر إليه قطاع عريض من الشعب الباكستانى خاصة من أبناء الطبقة المتوسطة والمثقفين والليبراليين باعتباره شعاع الأمل الذى يمكن أن ينقذ باكستان من الأداء المترهل والفاسد للأحزاب التقليدية مما جعل الحياة اليومية صراعا دائما فى ظل غياب الأمن وانقطاع الكهرباء وارتفاع معدلات البطالة وانتشار التطرف، ويؤمن كثير من الباكستانيين أنه الأصدق ويثقون فى قدرته على تحقيق وعوده ويرونه افضل بديل امامهم من أجل التغيير. وقد أعطى عمران خان الحرب على الفساد الأولوية فى برنامجه الانتخابى ،مشيرا إلى أن 80 فى المائة من المسئولين الحكوميين مجرمون وأن لديه شكوكا إزاء ال20 فى المائة المتبقين وتعهد بالقضاء على الفساد خلال 90 يوما فى حالة انتخابه وهو التعهد الذى وصفه الخصوم والمحللون على حد سواء بأنه أضغاث احلام. أما القضية الثانية التى يتبناها خان وتلقى قبولا لدى الكثير من المواطنين هو هجومه الشديد على الحملات الجوية الأمريكية ضد عناصر طالبان فى باكستان وتأكيده ضرورة التخلى عن الحل العسكرى والسعى لفتح الحوار معهم وهو ما دفع الخصوم إلى اتهامه بالتعاطف مع الأرهابيين وإطلاق لقب طالبان خان عليه. ويدافع خان عن موقفه بقوله إن 9 سنوات من العمليات العسكرية ضد طالبان لم تجلب على باكستان سوى مزيد من التطرف والإرهاب، مشيرا إلى ضرورة احتواء المتطرفين لأن تهميشهم يزيد تطرفهم. وأكد عمران خان أن الانتخابات المقبلة ستكون معركة بين القوى المؤيدة للإبقاء على الوضع الراهن والأخرى المعارضة الساعية لتغيير الوضع الراهن. وفى هذه الأجواء، اشتعلت الحرب على عمران خان من منافسيه إلى حد جعل الملا فضل الرحمن رئيس حزب جامعة علماء الإسلام فضل - الذى كان جزءا من الحكومة الائتلافية السابقة التى كان يرأسها حزب الشعب الباكستانى - يصدر فتوى بأن التصويت لصالح عمران خان ومرشحى حزبه "حرام". واتهم فضل الرحمن لاعب الكريكيت العالمى السابق عمران خان، بأنه يحظى برعاية الغرب واللوبى اليهودى. واستخدم فضل الرحمن كل كلمة من شأنها إثارة الكراهية ضد أى شخص بين عامة الباكستانيين المحافظين حيث نعت عمران خان بأنه عميل للأمريكيين واليهود والأحمديين بل وتطرق أيضا إلى حياته الخاصة، حيث تهكم عليه قائلا إن "شخصا لم يستطع أن يجعل أطفاله مسلمين ولا باكستانيين، يحلم بأن يصبح رئيسا لوزراء باكستان، وأن يجعل البلد دولة رفاهة إسلامية . وحذر فضل الرحمن من أن باكستان ستتحول إلى "حمام دم" إذا وصل عمران خان إلى السلطة. وستمثل الانتخابات المرتقبة انتقالا تاريخيا للسلطة من حكومة منتخبة ديمقراطيا أكملت فترة ولايتها إلى حكومة أخرى منتخبة ديمقراطيا، وهو ما لم يحدث أبدا فى تاريخ باكستان الحافل بالانقلابات العسكرية.