في بداية التسعينيات تحول عمران خان إلي أسطورة في عالم الرياضة حيث قاد المنتخب الباكستاني للفوز لأول مرة بكأس العالم في الكريكيت, وحاليا يسعي لأن يصبح أسطورة في عالم السياسة. حيث يخوض وحزب الانصاف الباكستانيالذي يترأسه الانتخابات العامة التي ستجري في باكستان في الحادي عشر من الشهر الحالي وكله أمل في النجاح في تحقيق حلمه بباكستان جديدة... باكستان خالية من الفساد والتطرف والعنف تحترم سلطة القانون وحرية التعبير عن الرأي. وعلي الرغم من أن عمران خان(60 عاما) قد دخل إلي مجال السياسة قبل17 عاما عندما اسس حزب الانصاف في1996 ولم يفز سوي بمقعد واحد في البرلمان في الفترة ما بين2002 و2007 فإنه لم يتم النظر إليه باعتباره لاعبا مهما في المشهد السياسي الباكستاني سوي خلال الأشهر القليلة الماضية بل ويري بعض المحللين أنه سيكون قوة لا يستهان بها علي الصعيد السياسي بعد ظهور النتائج وأنه قد يحدد شكل الحكومة المقبلة.ويتوقع المحللون أن يأتي حزب الإنصاف في المرتبة الثالثة بعد الحزبين الرئيسيين حزب الجماعة الاسلامية بزعامة نواز شريف رئيس الوزراء الحالي والمنافس الرئيسي لخان وحزب الشعب الباكستاني بزعامة بيلاول بوتو ابن رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو والرئيس الحالي للبلاد آصف علي زرداري زوج بوتو.وبالتالي فقد يدخل حزب الإنصاف في ائتلاف مع أي من الحزبين لتشكيل الحكومة الجديدة أو قد يتحول إلي حزب معارض رئيسي. ويتمتع خان بشعبية كبيرة في أوساط الشباب الذين يمثلون40 في المائة من إجمالي من لهم حق الأنتخاب والذين يرون فيه البطل الرياضي الأشهر و رجل الاعمال الخيرية الذي أخذ علي عاتقه بناء أكبر مستشفي لعلاج السرطان وجامعة في مسقط رأسه. كما ينظر إليه قطاع عريض من الشعب الباكستاني,خاصة من أبناء الطبقة المتوسطة والمثقفين والليبراليين,باعتباره المنقذ من الاداء المترهل والفاسد للاحزاب التقليدية مما جعل الحياة اليومية صراعا دائما في ظل غياب الأمن وانقطاع الكهرباء وارتفاع معدلات البطالة وانتشار التطرف وقد أعطي خان الحرب علي الفساد الأولوية في برنامجه الانتخابي مشيرا إلي أن80 في المائة من المسئولين الحكوميين مجرمون وأن لديه شكوكا إزاء ال20 في المائة المتبقين وتعهد بالقضاء علي الفساد خلال90 يوما في حالة انتخابه وهو التعهد الذي وصفه الخصوم والمحللون علي حد سواء بأنه ساذج. و انتهز الخصوم الفرصة لتجديد اتهاماتهم لخان بأنه يتصرف أحنبي لا يعرف شيئا عن واقع الأمور في باكستان وذلك نتيجة انتمائه لأسرة غنية من لاهور وتلقيه التعليم في مدارس مخصصة للارستقراط في باكستان ثم مدرسة بريطانية ثم دراسته للسياسة والاقتصاد بجامعة اوكسفورد البريطانية.كما أن حياته كلاعب كريكيت وكابتن المنتخب الباكستاني علي مدي عقدين زادت من أسفاره وبالتالي من انفصاله عن الواقع في بلاده. أما القضية الثانية التي يتبناها خان وتلقي قبولا لدي الكثير من المواطنين هو هجومه الشديد علي الحملات الجوية الأمريكية ضد عناصر طالبان في باكستان وتأكيده ضرورة التخلي عن الحل العسكري والسعي لفتح الحوار معهم وهو ما دفع الخصوم إلي اتهامه بالتعاطف مع الارهابيين واطلاق لقب طالبان خان عليه.ويدافع خان عن موقفه بقوله إن9 سنوات من العمليات العسكرية ضد طالبان لم تجلب علي باكستان سوي مزيد من التطرف والإرهاب مشيرا إلي ضرورة احتواء المتطرفين لأن تهميشهم يزيد تطرفهم. ويأخذ بعض المراقبين علي خان تبدل ارائه كسياسي وانحرافه أحيانا عما تعهد به في البداية ويضربون مثالا علي ذلك بحزب الإنصاف الذي أسسه كمنارة للتغيير وكبديل سياسي نظيفعن الاحزاب القديمة التي تسيطر عليها العائلات السياسية أو الايديولوجيات الرجعية ولكن بعد ارتفاع شعبية الحزب وخان إثر الحشد الانتخابي الضخم في لاهور في اكتوبر2011 فوجئ أنصار خان بانضمام بعض فلول الاحزاب التقليدية, بعضهم متورط في قضايا فساد, إلي عضوية الانصاف بعد إنشقاقهم عن احزابهم. كما يتهم البعض خان بالتأرجح بين المبادئ الليبرالية والقيم الاسلامية المحافظة وهو ما يدفعه أحيانا إلي تبني مواقف أكثر تشددا إزاء الغرب والمبالغة في انتقاده وربما يرجع ذلك إلي ما يوصف ب أزمة تصادم الهويات والتي عاني ويعاني منها كثير من الأجيال الباكستانية الذين ينتمون وينشأون في مجتمع اسلامي محافظ ثم يتلقون تعليمهم بالخارج في مجتمع ليبرالي منفتح.وهو ما ينطبق تماما علي خان الذي ينتمي لقبائل الباشتون وتعلم واقام ببريطانيا ثم تزوج لتسع سنوات من جميما جولدسميث ابنة سير جيمس جولد سميث الراحل والذي كان واحدا من أغني رجال في العالم.وقد تعرض خان لكثير من الأنتقادات بسبب هذا الزواج خاصة للأصول اليهودية لأسرة جميما وهو ما دفع البعض لتلقيبه ب صديق الصهيونية وفي النهاية انفصل الزوجان بسبب ما وصفه البعض بالاختلاف الكبير بينهما علي المستويات الثقافية والاجتماعية والمادية وعدم قدرة جميما علي الحياة في بإكستان خاصة مع انغماس خان في مستقبله السياسي وأيا كانت نتيجة الانتخابات يعتبر امتياز جول, المحلل السياسي الباكستاني, أن خان قد فاز بالفعل لنجاحه في اعادة ابتكار نفسه بمعني التحول من لاعب كريكيت دونجوان إلي رجل سياسة له ثقله.وأشار جول في حديث للبي بي سي إلي أن الكثير من الباكستانيين يؤمنون حقا أنه الأصدق وأنه ربما قادر علي تحقيق وعوده.
