"الأول".. هو اللقب الذى اشتهر به أحمد هانى فى مدرسة بشتيل الابتدائية الجديدة.. ولكنه لم يرتبط دائما معه بنتيجته فى الدراسة والتفوق فأحمد دائما هو الأول فى الوصول إلى المدرسة ليحقق حلمة فى أن يصبح مهندسا.. والأول أيضا فى الخروج منها للحاق بأرصفة العمال وبيع المناديل الورقية ليضمن حقه فى طعام اليوم والبقاء على قيد الحياة. جلسة أحمد هانى عبد السميع ذات السبعة أعوام ترفض ألعاب الاستعطاف والشحاتة على أرصفة حى المهندسين الذى ينزل له منذ عامين.. ينهى مدرسته سريعا ويضع قدميه فى أقرب ميكروباص يتجه نحو الحى الواسع من منطقة بشتيل، يخرج كشكول الواجب وكتاب إلى جانبه ويحول شنطته إلى باترينة صغيره تتراص من فوقها أكياس المناديل ويجلس ليبيع ويجنى مكاسب بضاعته الزهيدة، بينما يحل واجباته ليحقق حلمه ويترك موقعه عقب بضعه أعوام متجها إلى أبواب كلية الهندسة حيث يبدأ حياة جديدة. خلف شنطة مدرسته وباترينته الصغيرة فى نفس الوقت يقول أحمد "مشكلتنا بدأت لما والدى أصيب بمرض قعده من الشغل ووالدتى بدأت تشتغل فى البيوت بس أنا حسيت إنى لازم أساعدهم ونزلت أدور على أى حاجة نأكل منها عيش عشان أكمل دراستى وكان قدامى أنى أشحت أو أنى أبيع أى حاجة صغيرة اقدر أشتريها والمناديل هى اللى قدرت أجيبها". طلبات أحمد على بساطتها فهو يوقن أنها بعيده المنال، ويؤكد أن مستقبلة يقف خلف شنطة مدرسته والأموال التى يجنيها من بيع المناديل ولكنه يقول عنها بشفاه يائسة "نفسى الحكومة تقدر توفر لكل واحد زيى مصاريف لحد ما يكمل تعليمه عشان يبقى إنسان ليه لذمة بدل ما يقضى عمره يبيع مناديل أو يشحت.. فى زمايلى كثير بيشحتوا، والناس بتدايق منهم لكن هما ما بيعملوش كده بمزاجهم.. لو لاقين أكل مش هيحاولوا يشحتوا". يتعدى بائع المنادى الصغير بأفكاره أبواب كلية الهندسة حين يتحدث عن خطته عقب التخرج من كليته ويقول "هبنى عمارات زى باقى المهندسين بس أكيد هساعد الغلابة اللى زيى لما أحس أن حد محتاج حاجه منى".