دخلت الى صومعتى معتزلا العالم، اشعر كأنى غريب فى هذا الكون الفسيح، الناس تخشانى ، تحدق بى ، يتحدثون عنى ، اتمنى لو اعلم ماذا يقولون ، هل فى كلامهم مؤامرة ام حسدا وحقدا. اشعر بملك الموت يقترب منى، لم يغمض جفنى ، اخشى اظلام الحجرة ، اترك لعقلى الزمام ، تنوح نفسى ، ماذا اعددت للموت ، تقول نفسى صليت وصومت وقرأت القرآن و اصلى منذ ما يقرب من عشرون عاما وانا فى العقد الخامس، هل سيدخلنى ربى الجنة ام النار ؟ .. ماذا اصنع فى الخمسة عشر عاما السابقة, لم اصل فيها ؟.. هل سيرحمنى ربى ؟. يخفق قلبى ويرتعد جسدى عند سماع حركة فى هذا السكون المخيف ، تحدق عينى التى لم تزق طعم النوم يراودنى هاجس ان رؤية ملك الموت وانا يقظ احسن من رؤيتى له وانا نائم، لعل رؤيتى تجعلنى اهرب ، وانجو بنفسى. يغلبنى النوم واخشى من الموت ، اعد كوبا من القهوة ، ارتشفها ، لعلها توقظنى ، اشعر بالصداع يقتلنى عينى تؤلمنى، يأخذنى عقلى فى جولة لم تنته كأنها متاهة فى الصحراء ، او تفاعل نووى متسلسل ، ترصد عينى الحدث، فتأخذنى الفكرة الى طرق مسدودة ، لعلى اجد لها مخرجا، ليس هناك حلول، اعاود التفكير فيها، اخشى ان احدّث احد، اهرب من الاستشارة ، والناس، اعتزل العالم، اعيش وحيدا، التشاؤم يقتلنى يغزونى ، احترس من الناس ، الزملاء فى العمل. ابكى لم اصدق احد الا نفسى لم اعتمد على غيرى ليس لى صداقات ولكن تعاملات مفروضة فى العمل ، يعتقدون اننى مغرور ، اتعامل بحرص شديد، افكر فى كل شىء منذ خروجى الى العمل و ذهابى الى البيت، تتحرك لقطات عقلى كأنها فيلم ذو مشاهد اقف على كل مشهد فى العمل فى الاسواق. اقول لنفسى هل انا غريب فى هذا الكون ان شكلى لا يعجبنى ام لا يعجب الناس انهم يحملقون فى هل انا من كوكب اخر ام ان هناك توائم لى ؟، هل شكلى قبيح بهذه الدرجة فأنا حليق اللحية ولكن كثيف الحاجب صغير الوجه . قد يكون شكلى يرعب الناس احاول تهدئتهم ان اكون بسيطا مبتسما مرحا ، ادخل صومعتى ارصد افكارى القلق يقتلنى لماذا انا منبوذ، انهم يريدون لى الهلاك ، افكر ان اعتزل العالم ان اهرب الى كون آخر الى حياة اخرى لعلى اجد من اتواصل معهم، افكر فى الاموات ، غاندى، عرابى ، مصطفى كامل ، ناصر ، كلها قامات وانا قزم صغير لا يرى بالعين المجردة، صنعوا تاريخا ومجدا حرروا الانسانية من العبودية منهم من مات فى ريعان شبابه ومنهم من نفى عن موطنه ومنهم من اسس دولة بيعت اصولها وخصخصت مرافق انتاجها. تصرخ نفسى اين انت يا محمد يا على ؟ .. صنعت دولة حديثة ولكن اعداءك تربصوا بك وقلصوا ملكك الكفرة لم يريدوا لك القيام بل الموت لم يكن احد من اابنائك واحفادك اتبعوا نهجك اين انت يا صلاح الدين ؟ .. اين انت يا عمر يا ابن عبد العزيز ؟ ، تهدا نفسى قليلا وعندما يحل الليل ابدو متيقظا منتظرا الجانب المظلم حتى الصباح واقول لنفسى متى النهار.