علي مدار العديد من السنوات وخاصة في القرن الثامن عشر اخترقت مهنة احتراف البغاء العديد من شوارع القاهرة وخاصة شارعي "كلوت بك" و"الحوض المرصود" بالسيدة زينب .. وبجهود بعض العائلات آنذاك استطاعت أن تقضي علي هذه البؤر المخلة بالآداب رغم حصولها علي تراخيص بمزاولة مهنة البغاء داخل لوكندات وفنادق المدينة ففي شارع "كلوت بك" لم يبق منه سوي آثار متهالكة وبنسيونات قديمة وبواكي هدم نصفها كما لا يزال هناك الحمام الشعبي الذي يجتذب رواده من النساء والرجال حتي الآن وخلف هذا الحمام يوجد مستوقد الفول الذي كان يعمل في الماضي بطريقة الجورة وهي حرق القمامة تحت الأرض لتسوية قدر الفول ومن هذه الحرارة كان مغطس الحمام الشعبي يستمد سخونته أما الآن فقد اصبح يعمل بطريقة الصهاريج بدأت ممارسة البغاء في شارع "كلوت بك" حينما تمركزت الحملة الفرنسية وهنا بدأ يفكر المحتل في تقديم الترخيص للبغاء ،حيث أراد أن يحافظ علي جنوده من الانحراف ولهذا سمي الشارع بشارع "البغاء"، وبدأ إخراج تصريحات لممارسة البغاء وزاد بصورة كبيرة في عهد الاحتلال الإنجليزي، فكانت بيوت البغاء صغيرة ومواعيدها معروفة في الفتح والإغلاق خاصة مع وجود مستشفي خاص "للعاهرات" خوفا علي الجنود من الإصابة بأمراض الاختلاط وهي مستشفي "الحوض المرصود حاليا"، ظل وضع الشارع هكذا حتي عام 1951 وانتهي هذا الوضع مع نمو الحركة الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزي عندما تطأ قدماك مشارف الشارع تجد معالم الزمن الجميل الذي طغت عليه العشوائيات فضلاً عن شهرته بممارسة البغاء علناً التقينا " بعم احمد . م " يعمل في محل مشهور بهذا الشارع منذ 50 عاما ويبلغ عمره 70 سنه : كانت الفتيات يجلسن علي المقاهي وفي الشوارع من اجل اصطياد زبائنهن وكان اغلبهم من الأجانب المغتصبين لأرض الوطن آنذاك وهذا ماقاله لي مالك المحل التجاري الذي اعمل به عندما كان يجلس معي وقت الفراغ ويحكي عن صولاته وجولاته في هذا الشارع حيث انه من اصل تركي ومن عائلة كبيرة .. كما اكد علي ان هذا الشارع كما كان ملتقي لفتيات الليل وبائعات الهوي مع زبائنهن ايضا كان به كافتيريات وكازينونات ملتقي العشاق لكن الزمن غطي علي كل هذه المعالم وتغيرت الخريطة كما كان يقول لي في نهاية حديثة دائما وكلمته الشهيرة " قول للزمان ارجع يازمان " لم يكن يقصد بالتأكيد الدعارة وبائعات الهوي لكن العشق والهوي وصولاته وقت الشباب مع محبوباته وفي النهاية سألنا بعض الأهالي عما اذا كانوا يشعرون بالحرج نتيجة اقامتهم في مثل هذه الشوارع المشبوهه ؟! أجابوا انهم لا يشعرون بأي خجل فبفضل كبار العائلات استطاعوا أن يقضوا علي هذه المهزلة التي لوثت معالم هذا الشارع الأثري الحوض المرصود وبائعات الهوي ننتقل الي شارع الحوض المرصود الذي جاء في المركز الثاني من باب الشهرة في ممارسة البغاء حيث شهد هذا الشارع العديد من الأفعال الخارجة عن المألوف وامتهان بعض السكان مهنة ممارسة البغاء مستغلين فرصة استخراج تراخيص مزاولة مهنة البغاء نظراً لكونها تدر عائداً كبيراً في ذلك الوقت .. تتراوح اسعار قضاء اوقات المتعة من بين 5 جنيهات و25 .. وكان اغلب الممارسين لهذه المهنة القادمين من الأقاليم والبعض منهم كان من دول خارجية اثناء فترة الاحتلال الفرنسي .اشتهر شارع الحوض المرصود بممارسة البغاء نظراً لوجود العديد من الحمامات النسائية التي كانت تكتظ بالعديد من بائعي الهوي واصطياد زبائنهم .. فمنهم من كان يأخذ فريسته وينتقل بها الي محل سكنه وآخر كان يستأجر غرفة في احدي اللوكندات المهيئة لممارسة البغاء ويقول الحاج محمد من سكان هذه المنطقة : الغريب في الأمر أن هؤلاء الفتيات كانوا يحملن لقب عاهرات وهذا ما تحمله وثيقة التراخيص التي تحتفظ بها اثناء ممارستها للمهنة حتي لا تقع تحت طائلة القانون في الماضي وهذا ماسمعته من احد السكان الكبار الذي عاصر هذه الفترة واضاف قائلا : استمر هذا العمل المتدني حتي قدوم الاحتلال الانجليزي إلي ان استطاعت القوي الثورية في ذلك الوقت ان تقوم بترحيلهم من الحوض المرصود والغاء استخراج تراخيص ممارسة البغاء ومطاردة كل من تسول لها نفسها ان تسلك مثل هذا الطريق المشبوه