وسط الحقول الخضراء والهواء النقي كانت البداية الطفلان كانا يمرحان ويلهوان وسط عيون أبويهما الشقيقين الذين كانت أمنيتهما أن يشب الطفلان ويصبحا زوجين تغمرهما السعادة ولم يبخلا عليهما بالمال حتي حصلا علي الدبلوم وعمل الشاب محاسبا بإحدي الشركات الاستثمارية التي كان مديرها قريبا لزوجة خاله التي تحمل ملامح الارستقراطيين رغم أنها نشأت في الريف المصري ومضت الأيام وتأهب المحاسب للزواج وتكفل والده بتكاليف زواجه إذا وافق أن يخطب ابنة عمته التي كانت تتمتع بجمال متوسط وقامة قصيرة جلس المحاسب يراجع نفسه فهو لا يحس باقتراب نحوها ولكن مع ضغوط والده رضخ للأمر الواقع وفي ليلة من ليالي الصيف الساخنة كانت الزغاريد ترتفع أصواتها بإحدي قاعات الأفراح بالقرية وتعانق العروسان وسط أضواء الكاميرات الجميع كان يشعر بالفرحة إلا والدة العريس التي كانت لا تطيق أم العروسة رغم بعد السكن بينهما تشعر باشمئزاز وسط ضغوط زوجها الذي كان ديكتاتورا في بيته وانتصف الليل زف العروسان لشقتهما ثم مضت الحياة روتينية بين الزوجين ولم ينغصها سوي تأخر الانجاب لم ييأس الزوجان وطافا علي الأطباء كبيرهم وصغيرهم وهنا تحركت الضغائن الكامنة في قلب والدة الزوج بدأت تتمتم بكلمات غير مفهومة عند زيارتها لابنها بشقته وقد تسرب اليأس لقلب الزوجة وهي تسمع كلمات حماتها كالسم القاتل في الطعام وتحول العش السعيد الذي كانت تملؤه الضحكات والقبلات إلي شبه جحيم تام وأصبح الشجار يوميا والدموع هي الحاسمة للموقف وصار شبح المأذون يخيم علي الحياة بين الزوجين وهنا تفتق ذهن والدة الزوج عن حيلة للطلاق ملأت الدنيا صراخا بأن ابنها ربما رضع من عمته مرة أو مرات وهذا السبب هو المانع للإنجاب واشتعلت النار بين العائلتين وتدخل الجيران وكبراء العائلة وكانت الفتوي الشرعية في هذا الأمر (أن القاعدة الأصولية الفقهية تقول اليقين لايزول بالشك) وهذه الفتوي أجازت الزواج ولم تيأس الأم واستغلت مرض زوجها الأسد العجوز وضغطت علي ابنها لإساءة معاملة زوجته بالضرب المبرح ورفضه الطلاق إلا علي الإبراء وهذا ما دفع الزوجة للجوء لمحكمة الأحوال الشخصية لكي تحصل علي حقوقها الشرعية ورفعت دعوي طلاق أمام محكمة الأحوال الشخصية برئاسة المستشار عادل عبد الرحمن وعضوية القاضيين وليد زكريا ومصطفي العدوي بحضور محمد نادر وكيل النيابة وأمانة سر فتحي عبد الحسيب وآمال قناوي. وبكت الزوجة دموعا بللت ملابسها وبدا عليها الانهيار التام بينما حماتها ترقب الموقف بقلب جامد وهنا يستيقظ الأسد العجوز ليفجر مفاجأة أمام المحكمة وهي أن ابنه يطلب شطب الدعوي ويتعانق الزوجان وسط الزغاريد بقاعة المحكمة بينما الحماة تخرج كالقائد المهزوم من الباب الخلفي للمحكمة ولسان حالها يقول لا مكان عندي لليأس!!