صباح كل سبت، يتوجه أحمد عبد اللاه الممرض بمركز طب هيئة قناة السويس، إلي مدرسة بورتوفيق للتعليم الأساسي، ليجهز أحد فصول الصف الدراسي الأول، لكن السبت الماضي كانت المدرسة قد أنهت اعمال الصيانة والترميم التي استغرقت عاما كاملا،ورغم أن عمل عم أحمد لا يرتبط بالمدرسة، ولكنه واظب طوال 24 عاما علي تجهيز الفصل قبل أن تدخله زوجته لتعليم تلاميذها،فيقوم بإصلاح التخت، ويعلق الزينة والبالونات، ليكون لائقا باستقبال مدرسة الفصل، وكما يقول فهي قد حولت بيته إلي قصر، فكان عليه أن يجعل فصل زوجته جنة تغرد فيها مع تلاميذها من الأطفال. يقول: »هي بتعلمني، وكفاية أشوفها فرحانة وسط الأطفال، وده اقل حاجه ممكن اقدمها لروحي وصديقتي وزوجتي وأم ثلاث ملكات»، وهكذا بدأ احمد عبد اللاه حديثه عن زوجته عبير الغريب، المدرسة التي رفضت أن تغادر فصل الصف الأول بالتعليم الابتدائي، ورفضت الترقيات ونشرات النقل لمراكز قيادية والدروس الخصوصية وأصرت علي أن تؤدي رسالتها في التعليم إيمانا منها بضرورة تأسيس التلميذ بالصف الأول.. ولم ينس عم أحمد لحظة صاحب ال 52 عاما يوم 31 أكتوبر من عام 1992، عندما زارها في أول يوم عمل لزوجته التي تصغره بعشرة أعوام في المدرسة، رآها وهي تقف في الفصل بين التلاميذ الصغار، ولم يعجبه منظر الفصل بجدرانه الصامتة، فعاهد نفسه علي أن يجمل ويزين اي فصل تطؤه قدم زوجته تكريما لها، وتمر السنوات ويرزق الله الزوجين السعيدين، ثلاث ملكات.. يارا بالسنة الرابعة بالتعليم الجامعي، ورنا بالسنة الثالثة، وأصغرهن روان بالصف الثالث الإعدادي، وكانت مدرسة بورتوفيق للتعليم الاساسي، ضمن مدارس الخطورة الداهمة في السويس، فتم اخلاؤها مع بداية العام الدراسي قبل الماضي، وانتقلت المدرسة بالكامل للعمل بمدرسة صلاح الدين الابتدائية بالغريب، وكان فصل عبير في الدور الخامس، ولم يكل ولا يتعب من الصعود كل سبت لتجميل الفصل وإصلاح التخت والديسكات ودهان جدرانه، ويؤكد عم أحمد أن علي كل زوج ان يساند زوجته ليس في مهام المنزل فقط بل في عملها أيضا لأن الحياة بالحب أفضل والحب بدون مواقف وأفعال ليس سوي مشاعر منقوصة.. ولما انتقلت زوجته قبل عامين للعمل في مدرسة عبد الرحمن بن عوف الابتدائية، وخلال تولي زوجها تجهيز الفصل كعادته،اختل توازنه وسقط أرضا فكسرت قدمه، وظل حبيس الجبس 3 أسابيع، لكن ذلك لم يمنعه من استكمال ما بدأه فما لبث ان تعافي حتي عاد وزين الفصل وكأنه قصرا،ويحب عم أحمد الخير ويقدم اعمالا تطوعية كثيرة.. كما تقول مني عاشور مديرة مدرسة بورتوفيق، اما المدرسين والمدرسات فيرونه مثالا للإخلاص والتفاني في الحب،وتشير مني عاشور إلي أن إدارة المدرسة وفقا للقرار الوزاري الخاص بالمشاركة المجتمعية لدعم منظومة التعليم والمدارس بشكل عام، تسمح لعم احمد بزيارة المدرسة يوم السبت المقرر إجازة رسمية في مدارس السويس، ليقوم بعمله في التجميل والتجهيز لفصل زوجته، وأي فصول أخري قد يراها تحتاج إلي لمسة جمال.