(1) "ملتقي الاعتذار عن عدم الحضور" قد يكون هذا العنوان هو الأكثر تماشيًا مع حال الملتقي الذي ما إن اقترب موعد انطلاقه إلا واستيقظت الجماعة الثقافية علي أخبار اعتذار عدد كبير من المشاركين في الملتقي، من مصر وخارجها : أدونيس، عباس بيضون، أمجد ريان، قاسم حداد، عبد المنعم رمضان، عاطف عبد العزيز، سعدي يوسف، حبيب الصايغ، جمال القصاص، عماد أبو صالح، شاكر عبد الحميد، أحمد بخيت. الدكتور محمد عبد المطلب، مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلي للثقافة ومقرر الملتقي، تحدث عن المعتذرين، فقال إنهم لا يملكون أسبابا حقيقية لاعتذارهم، ولا يزال المشاركون أغلبية طاغية "فلدينا 70 شاعرًا مصريًا و50 شاعرًا عربيًا". متابعاً: "إن كل الشعراء الذين قدموا اعتذارهم قبل يوم من بدء فعاليات ملتقي القاهرة الدولي للشعر، قد قلدوا عباس بيضون وتعمدوا إحداث أزمة، ولوكانوا جادين في أسبابهم لتقدموا بالاعتذار منذ تلقيهم البرنامج منذ أسبوع لكنهم لم يفعلوا". في أول أيام المؤتمر كانت الكاتبة الإماراتية ميسون صقر تحجز مكانًا في قائمة المعتذرين، التي انضم إليها الدكتور صلاح فضل، الذي اعتذر عن المشاركة في لجنة جائزة الملتقي، ثم اعتذر عن ترأس الجلسة البحثية الثانية للمؤتمر، بعد أن انتظره الحضور لإدارة الجلسة. يقول فضل عن قبوله المشاركة في لجنة جائزة الملتقي، ثم الاعتذار عنها: "لدي أسبابي الخاصة التي منعتني، وأرفض الإعلان عنها، وأعتبر أن هذا شأن خاص بي، ولا مشاكل مع أحد في اللجنة المنظمة للمؤتمر ولا تعليق بخصوص ما يحدث. كل ما في الأمر أن لدي شواغل كثيرة، ولهذا اعتذرت". (2) علي أي حال انطلقت صباح الأحد الماضي فعاليات ملتقي القاهرة الدولي الرابع للشعر (دورة محمود حسن إسماعيل ومحمد عفيفي مطر)، واستمرت حتي مساء الأربعاء. حضر الافتتاح عدد كبير من الشعراء والنقاد والباحثين من مصر والعالم العربي، كما شهد حضور عدد من المسئولين علي رأسهم: الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة، نيفين الكيلاني، مديرة صندوق التنمية الثقافية، هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب. احتضن المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية حفل الافتتاح الذي قال فيه الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة، إن اختيار عنوان "الشعر ضرورة"، يؤكد أنه ضرورة حياة لنا جميعا مصريين وعربا، فالشعر ديوان العرب وسيظل رغم نجاح الرواية العربية. وأضاف: تأسيس هذا الملتقي، جاء بناء علي دعوة من الأديب العالمي نجيب محفوظ، عقب نجاح ملتقي الرواية العربية، إيمانا منه بأن الشعر هو ديوان العرب. والحرائق في البلدان العربية المجاورة تخبرنا أننا بحاجة إلي الشعر والشعراء، لأن الشعراء هم نبض الناس، حيث إن حصول شاعر علي جائزة نوبل في الآداب لهذا العام، يؤكد أن الشعر ضرورة إنسانية". الدكتور هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب والقائم بأعمال أمين عام المجلس الأعلي للثقافة، تحدث عن أهمية انعقاد الملتقي الذي اعتبره واحدًا من أهم الفعاليات الثقافية التي تتمحور حول عماد العربية، وأكد الحاج علي "سيظل الشعراء هم مؤشرات البوصلة التي تتجه بالضرورة نحو المستقبل، حيث إن مصر تجتاز واحدة من أهم مراحلها التاريخية لتعود مركزا للإشعاع الحضاري والثقافي في الوطن العربي". الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي ألقي كلمة المشاركين المصريين، وتطرق في كلمته إلي موت الشعر وتساءل عن إمكانية حدوث هذا الأمر. تطرق حجازي إلي المشاحنات والاعتذارات التي سبقت الملتقي، فقال إنها تحدث في كل ملتقي سواء كان ملتقي للشعر أو لغير الشعر، مؤكدا أنه يتمني ألا تصل هذه المشاحنات إلي مرحلة الصراع أو المقاطعة، أن يوجد لهذا الملتقي أسباب تبرير لوجوده وحقه في أن يقام، وأن يحقق نجاحًا كبيرًا ليكون طوق نجاة ليعوض غياب العديد من الشعراء واعتذاراتهم غير المبررة، حيث يري حجازي أن ليس لديهم ما يدعو للاعتذار عن حضور الملتقي الذي يقام بعد غياب ثلاث سنوات. الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة ألقي كلمة المشاركين العرب في الملتقي، فقال إن القاهرة تجمع بعد غياب ليس بطويل بين الشعراء في مختلف أنحاء الوطن العربي في محبة، وإن كان النيل يخفي دمعته وسط النهر فمصر جبل من مغناطيس تجذب لها كل ما له من حداثة وقد تتردد في بعض الأوقات لكنها إذا اقتنعت لا تتواني. (3) انتقلت فعاليات المؤتمر إلي قاعات المجلس الأعلي للثقافة حيث تقام يوميًا جلسة بحثية في الثانية عشرة ظهرًا، ثم أمسيتين شعريتين في المساء. أدار الدكتور جابر عصفور الجلسة البحثية الأولي الذي قال إن الحديث عن أننا في زمن الرواية ليس معناه الانتقاص من قدر الشعر ولا عدم الإيمان بضروريته، وأهمية بقائه، وأوضح عصفور أن هناك مناظرات كثيرة حول الرواية والشعر ومن أبرزهم عباس العقاد الذي كان ينحاز للشعر علي الرواية بينما كان يري نجيب محفوظ أننا نعيش في عصر الصناعة وبالتالي نحتاج إلي شعرية خاصة وتلائمها العصر وهي الرواية، وأكد عصفور علي أن الشعر باق وهو ضرورة من ضروريات الحياة ومن لا يتذوق الشعر لا يتذوق الرواية. الدكتور عبد السلام المسدي، وزير التعليم التونسي السابق، وأحد المشاركين في الجلسة الأولي للملتقي قال: "إن الشعر العربي يجر أثقال الماضي، وأشهرها المدح، أما الرواية فتنأي بنفسها وبصاحبها عن عتبات السلطان، ولهذا تحتمت مراجعات فكرية في مجال الإبداع، وانفجرت نواة في الإبداع الشعري، وانتقلنا من مقولة الشعر إلي مقولة القصيدة، وتمت الإطاحة بقوالب القصيدة لإعلاء قيمة الشعر ذاته، والتعبير عن الموقف من قضايا الوجود". الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي الذي توقف عن مواصلة إلقاء قصيدة له، في أولي الأمسيات الشعرية للملتقي التي أدارها الشاعر أحمد سويلم، طالب بعدم دخول أحد إلي القاعة كي لا يمنع الشاعر من الاندماج مع قصيدته والتماهي معها أثناء إلقائها، وذلك بعد ما تكرر دخول عدد من الحاضرين إلي القاعة أثناء إلقاء الشعراء لقصائدهم. انطلقت بعدها الأمسية الشعرية الثانية التي أدارها الشاعر فؤاد طمآن. في جلسة بحثية أخري تطرقت رشا ناصر العلي إلي موضوع تراسل الشعر العربي المعاصر مع الفنون الأخري فقالت إن تراسل الفنون داخل النص الشعري الحديث حقيقة موجودة، بوصفه تلبية لحاجة التجريب الشعري، وهذا ولَّد دلالات جديدة، كما تحدثت عن "الخصوصية الفنية للقصيدة الشعرية المعاصرة ورصد تراسلها مع الفنون الأخري (السردية والبصرية) ومدي إفادتها من تلك الفنون في تشكيل دلالات جديدة، ومن ثم كان تراسل الشعر الحديث مع الفنون الأخري مصحوبًا بإشارات دالة يمكن إيجازها فيما يلي عبر محاور منها "تراسل الشعر المعاصر مع الفنون السردية"، و"تراسل الشعر الحديث مع الفنون البصرية". الشاعر أحمد عنتر مصطفي أدار الأمسية الشعرية الثالثة للملتقي، ثم أخذ الشاعر شعبان يوسف مكانه لإدارة الأمسية الرابعة.