عندما سمعت عبر تليفوني المحمول خبر وفاة صديقة عمري الاستاذة سهير جبر الزميلة المقربة إلي قلبي وعقلي علي مدي أربعة عقود من الزمان شعرت بحسرة ومرارة وخوف من غدر الزمن.. أخذت عيناي تتفقدان ارجاء الحجرة وبداخلي اساس بتفاهة هذه الدنيا.. بدأ الألم يزحف الي اطرافي واخذت ابكي بلا صوت والدموع تحجرت في عيني للحظات ثم أخذت تنهمر بغزارة عندما بدأت استعرض شريطاً طويلا من الذكريات منذ ان التقينا في صالة تحرير الأخبار وكان ذلك في صيف عام 1975 جمعتنا صداقة وربما كانت أحد دوافع انتقالها من العمل بالارشيف للقسم الخارجي.. حيث تعلمت فن صياغة أخبار السياسة الخارجية بسرعة فائقة وتميزت وتفوقت في وقت قياسي. كنت أراقب انغماسها في العمل وصعودها وإصرارها علي التفوق بإعجاب شديد. اصبحت سهير جبر عضوا بارزا في القسم الخارجي لاهتمامها بالسياسة وساعدها علي ذلك انها كانت تجيد اللغة الانجليزية والفرنسية وسرنا معا في مشوار العمل حتي انتقلت لقسم »العالم بين يديك» وأنا انتقلت لصفحة المرأة فقد كان لكل منا اتجاهاته وقدراته واهتماماته ولكن الصداقة جمعتنا كما جمعنا الاصدقاء المشتركون، كنا نختار مكاتب متجاورة في دار أخبار اليوم ونحرص علي القدوم يوميا للعمل قبل المواعيد الرسمية لنلتقي حول وجبة الافطار نتسامر ونتناول أهم القضايا وسط جو من المحبة والاخوة والصداقة وكونا مجموعة هي: الأم وأنا الخالة واصبحنا نري أفراد هذه الاسرة المميزة يزدهرون حتي أصبح من بين أفرادها رئيس تحرير، رئيس مجلس إدارة ، رؤساء أقسام، وعدد كبير من الصحفيين المهرة وكنت أنا وسهير نتحدث بفخر عن انجازاتهم وحسن تربيتهم وتفوقهم، في كل المجالات، كنت أنا وسهير نتحدث عنهم بفخر واعتزاز في مكالمتنا التليفونية الطويلة والمتعددة. أه أعلم يا صديقتي أنك لن تتصلي بي تليفونيا بعد اليوم ولن تكلميني عنهم أو عن ذكرياتنا مع اصداقائنا الحاليين والراحلين وكم أتمني أن تعود اللحظات والضحكات بيننا. واليوم غابت شمس صداقة العمر، رفض قلمي مرارا الكتابة عن ذكرياتنا حتي أجبرته ان انعي أختي الحبيبة سهير جبر.. افتقدك كثيرا يا صديقتي ومصدر إلهامي، اللهم أغفر لها وأرحمها برحمتك الواسعة وأسكنها فسيح جناتك.