اختاروا النشاط والعمل.. ورفضوا الكسل والبطالة.. وجدوا فرصتهم في نوع جديد من الزراعات اهتموا بها وراعوها وجنوا ثمار تعبهم.. أو في مهنة ورثوها من الآباء والأجداد.. أو تدربوا عليها فاتقنوها وتفننوا فيها. »خارج القاهرة» تجولت في المحافظات.. واستمعت لحكايات وحكايات من أهالي القري.. وكيف أصبحوا منتجين يشاركون في تنمية بلدهم.. ويوفرون دخلا يكفيهم.. في السطور التالية نقدم نماذج مشرفة من تلك القري التي لا تعرف البطالة. أصبح اسم قرية بدهل التابعة لمركز سمسطا جنوب غرب بني سويف ماركة مسجلة لها شهرتها واحترامها في الأسواق العربية والاوروبية لزراعتها أجود أنواع النباتات الطبية والعطرية التي تستخدم في انتاج الأدوية والعطور وتتنوع بين ريحان، وعطر، وكرندونا، وبربكس، ونعناع »بلدي وفلفلي، وشيح بابونج، وشبت، وبقدونس، وبردقوش، وكزبرة» وتزرع علي مساحة 11 ألف فدان. القرية التي تبعد حوالي4 كيلو مترات عن مركز سمسطا وتمتاز بتربتها الطينية السوداء الغنية بالعناصر الطبيعية ويقطنها حوالي12 ألف نسمه لا يوجد بينهم عاطل واحد من جراء عملهم في هذا المجال، والزائر للقرية ينبهر من الوهلة الأولي بجمال حقولها ورائحتها الجذابة التي تنبعث من ارجائها كافة. في البداية يقول جمال سعد »مزارع » دخلت زراعة النباتات العطرية الي قريتنا منذ ستينيات القرن الماضي عندما جاء الينا مندوبون من احدي الشركات الزراعية وقاموا بعرض تقاوي النباتات الطبية والعطرية علي الأهالي بتعليمنا كيفية زراعتها وبالفعل بدأنا في زراعة تلك النباتات ويوما بعد الاخر علم الآباء أبناءهم واحفادهم كيفية هذه الزراعة حتي انتشرت في القرية واصبحت هي المهنة الاساسية لأهالي البلدة والبلاد المجاورة. ويشير محمد إسماعيل مزارع إلي ان تلك الزراعة قضت تقريبا علي البطالة بالقرية والقري المجاورة »منشأة أبومليح وبني حلة والعساكرة» حيث ان معظم أبناء تلك القري يشتغلون بها أو في مراحها المختلفة مثل التجفيف أو في الغربلة أو كوسطاء لمكاتب التصدير والبعض قام بفتح مكاتب تصدير للبيع للدول العربية والأجنبية مضيفا ان مساحة النباتات العطرية في زمام القرية بلغت أكثر من 11 ألف فدان، منها محاصيل صيفية مثل الريحان »وشتوي مثل الشيح ويظل كلاهما في الأرض 6 شهور، أما النعناع البلدي ويعد من المحاصيل الأساسية بالقرية فيبقي في الأرض 35 يوما، والنعناع الفلفلي يحصد بعد 50 يوما وكثير من المزارعين يحملون مع النباتات العطرية نباتات اخري كالذرة والقمح». ويضيف محمد حسين أحد مزارعي تلك النوعية من النباتات، الذين لا يزالون يعملون بأنفسهم في زراعة الأرض، علي الرغم من أنه في العقد السادس من عمره، »أنا شغال مزارع في النباتات الطبية والعطرية من سنة 1972، من بداية دخولها قريتنا ومن تلك النباتات النعناع بنوعيه البلدي والفلفلي، ونباتات الريحان والبرداقوش، والبقدونس والشبت والكزبرة. ويوجد أيضاً نبات النعناع الذي يزرع في فصلي الصيف والشتاء، بعد كده نغير بزرعة تانية كالبقدونس اوالشبت اوالشيح البابونج لنقوم بحصادها وبيعها للتجار ليقوموا بتصديرها الي فرنسا وامريكا وايطاليا. ويقول فرج زيدان، مزارع: أعمل في هذه المهنة منذ ان كان عمري 7 سنوات حيث تتلخص مراحل زراعة تلك النباتات في حرث الأرض وتجهيزها وزراعتها بالنبات ومعاملتها بالسماد وفور نضج النباتات العطرية ووصول أطوالها إلي 35 سنتيمترا باستثناء »الريحان» من 50 إلي 65 سنتيمترا نقوم بحصاده وتجهيزه للبيع. أما مخلفات المنتج من »الكسر والعصي» فيتم وضعها في ماكينة الدريس، لاستخراج العلف للماشية. وقال رشاد علي تاجر نباتات طبية وعطرية ان قريتنا لا تعرف البطالة أو الهجرة سواء كانت داخلية أو خارجية نظرا لتوافر فرص العمل نتيجة تلك الزراعة والتي تدر دخلا مجزيا للجميع علي سبيل المثال يبلغ سعر طن الريحان 20 ألف جنيه أما النعناع يتراوح سعره ما بين 11 إلي 20 ألف جنيه، البقدونس 15 ألف جنيه والشيح 40 ألف جنيه، بينما تتراوح أسعار النباتات الأخري ما بين 10 إلي 15 ألف جنيه. ويضيف عصمت عبدالظاهر انه رغم اهتمامه بتعليم أولاده وحصولهم علي مؤهلات جامعية إلا انه زرع في نفوسهم حب زراعة تلك المحاصيل في أرضهم نظرا لعائدها الكبير الذي يوفر لهم كل متطلبات الحياة بعيدا عن البحث عن فرصة عمل سواء بالمحافظة أو خارجها وياليت كل شباب القري يتمسكون بالعمل في الزراعة وعدم التفريط في الأرض الزراعية. أمارمضان عبدالعظيم »تاجر نباتات عطرية» فيقول اقوم بشراء المحصول من المزارعين معبئا في أجولة ونفرغه وندخله ماكينات »سلندر» ليمر بمراحل التنقية عبر »سيور» قبل تعبئته في أجولة وتبخيره لنقله إلي القاهرة لبيعه لمكاتب كبار الموردين إلي الدول الأوروبية؛ ويقول عصام صابر، صاحب شركة تصدير للنباتات الطبية والعطرية : ازاول هذا النشاط منذ25 عاما كتاجر محلي لمكاتب التصدير في القاهرة والاسكندرية، وحاليا أقوم بزراعة خمسين فدانا واتعاقد مع المزارعين علي(300 400) فدان نقوم بتصدير منها حوالي700 طن لبعض الدول العربية وعلي رأسها السعودية لتستخدمها في العطارة فضلا عن الدول الاوروبية كإنجلترا والمانيا ودول شرق آسيا والتي تستخدمها في المجالات الطبية والعطور. من جانبه أكد المهندس شريف حبيب، محافظ بني سويف أن المحافظة تسعي لأكبر استفادة من هذا النوع من الزراعات، حيث اتخذنا خطوات مهمة نحو إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج الأدوية والعطور ومستحضرات التجميل من النباتات الطبية والعطرية علي مساحة 414 فداناً غرب مركز اهناسيا والذي سيحدث نقلة كبيرة في مجالات عديدة أهمهما زيادة الدخل القومي من العملات الصعبة وفرص العمل والتنمية الشاملة التي ستعود علي المنطقة بأكملها بتنفيذ هذا المشروع.