دار الإفتاء المصرية واحدة من كبري دور الإفتاء في العالم الإسلامي، فالدار التي تتعامل مع آلاف الفتاوي اليومية، تقدم خدماتها عبر موقعها الإلكتروني بست لغات، لتخاطب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. "دين ودنيا" يستعرض مجموعة من فتاوي الدار التي تنتهج فيها المنهج الوسطي السمح للإسلام بعيدا عن الغلو والتشدد. التسمية بعبد النبي جائزة السؤال: هل يجوز التسمية باسم عبد النبي وعبد الرسول؟ الفتوي:جواز ذلك، لما دل عليه الكتاب والسنة، وجري عليه العمل سلفًا وخلفًا، ولا بد من الانتباه إلي أن هناك فارقًا في الوضع والاستعمال بين العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله تعالي، وبين العبودية التي لها في اللغة معانٍ متعددة، منها بمعني الطاعة، والخدمة، والرق، والولاء، وهذه تُسمَّي عُبوديّة أو عَبديّة ولا تُسمّي عبادة؛ فإذا أُضيفت كلمة "عبد" إلي الله تعالي كان معناها غاية التذلل والخضوع، كعبد الله وعبد الرحمن، وإذا أضيفت إلي غيره أمكن حملها علي معني: رقيق فلان أو خادمه أو مولاه أو مطيعِه، وذلك تبعًا للسياق. واستعمال العبودية وإضافتُها إلي المخلوق بالمعني الأخير وارد في نص الكتاب الكريم، وفي السنة النبوية المطهرة، وفي استعمال العرب والصحابة وأهل العلم مِن بعدهم. وقد دَرَج المسلمون علي استعمال اسم "عبد النبي" و"عبد الرسول" وصفا وتسمية عبر العصور؛ حبا في التشرف بالانتساب إلي خدمة الجناب الشريف؛ وقد تسمّي به أئمة أعلام يُقتدَي بهم في الدين...والقول بجواز التسمي بعبد النبي هو القول الأوجه أو المعتمد عند العديد من محققي السادة الشافعية، إما بالجواز مطلقًا، أو بالجواز مع الكراهة. الذبح بالصعق..مباح بشروط السؤال: ما مدي مشروعية الذبح بالصعق الكهربائي؟ الفتوي:إذا ثبت طبيًّا وعلميًّا أن استخدام طريقة ما للسيطرة علي الحيوان قبل ذبحه يترتب عليها خروج الحيوان من الحياةالمستقرة إلي موت أو إلي حركة مذبوح لا يتحرك بالإرادة، مما يتعارض مع شروط الذبح المقررة في الفقه الإسلامي فإن هذه الطريقة لا تجوز شرعًا، أما إذا اقتصرت آثارها علي إضعاف المقاومة أو تخفيف الألم فقط، وبحيث لو ترك دون ذبح لعاد إلي حياته الطبيعية فإنه يجوز استخدام هذه الطريقة للسيطرة علي الحيوان قبل ذبحه في هذه الحالة؛ لأنه لا يتعارض مع القواعد الشرعية في ذبح الحيوان. أما التسمية علي الحيوان فإنها سنة وليست شرطًا في صحة الذبح عند الشافعية وعند الحنابلة في رواية؛ فلا يضر عدم ذكرها أصلًا إذا كان الذابح مسلمًا أو كتابيًّا، وتشغيل آلة الذبح يقوم مقام مباشرته إذا كانت آلة الذبح تقتل بحدها لا بأي طريقة أخري؛ وعليه فيلزم أن يكون المكلَّف بتشغيل الآلة مسلمًا أو كتابيًّا، ولا يجوز أن يكون ملحدًا أو شخصًا يدين بأي دين آخر. وبناء علي ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا كانت آلة الذبح تقتل بحدها لا بأي طريقة أخري، وكان من يقوم بتشغيلها مسلمًا أو كتابيًّا، وكان المذبوح مأكول اللحم –فإن أكله حينئذٍ حلال، ولا يقدح في حله عملية الصعق الكهربائي ما دامت تقتصر علي إضعاف مقاومة الحيوان فقط مع بقائه متحركًا بالإرادة، والتسمية عليه عند ذبحه –بعد ذلك كله– سُنَّةٌ لا يضر تركها كما هو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة, والله أعلم. الحجاب..فرض السؤال: نود أن نعلم الرأي الشرعي في حجاب المرأة هل هو فرض في الشريعة الإسلامية أم لا؟ الفتوي:إن حجاب المرأة المسلمة فرض علي كل من بلغت سن التكليف، وهي السن التي تري فيها الأنثي الحيض، وهذا الحكم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فالكتاب في قوله تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) "الأحزاب: 59"، وقوله سبحانه: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَي جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ)"النور: 31"، والمراد بالخمار في الآية هو غطاء شعر الرأس، وهذا نص من القرآن صريح، ودلالته لا تقبل التأويل لمعني آخر. وأما الحديث فيقول النبي صلي الله عليه وسلم: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُري منها إلا هذا وهذا، وأشار إلي وجهه وكفيه"، رواه أبو داود، ويقول صلوات الله وسلامه عليه: "لا يقبل الله صلاة حائض -من بلغت سن المحيض- إلا بخمار". رواه الخمسة إلا النسائي. وقد أجمعت الأمة الإسلامية سلفًا وخلفًا علي وجوب الحجاب، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة، والحجاب لا يعد من قبيل العلامات التي تميز المسلمين عن غيرهم، بل هو من قبيل الفرض اللازم الذي هو جزء من الدين، ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال، والله سبحانه وتعالي أعلم. خطوط المحمول المجهولة.. حرام السؤال: ما حكم بيع خطوط المحمول مجهولة البيانات والخطوط ذات البيانات الخاطئة؟ الفتوي:لا يخفي أن التزام شركات المحمول وبائعي خطوطها باللوائح التي تحتِّمُ عليهم تسجيل بيانات الشرائح والخطوط واستيفاء كامل الإجراءات في ذلك قبل تفعيلها وتشغيلها، وعدم اعتماد بيانات خاطئة لها: هو أمرٌ في غاية الأهمية؛ وذلك لقطع الطريق أمام من يستخدمها في أغراض غير مشروعة، ولسد الأبواب أمام من يحاول التوصل من خلالها إلي ارتكاب فساد أو جريمة؛ حيث صارت تُستَعمَل في الشر كما هي في الخير أيضًا؛ فارتُكِبَت مِن خلالها المعاكسات وإفساد العلاقات الزوجية والاختطاف والجرائم والسرقات والتفجيرات القاتلة، وذلك كله دون معرفة للفاعلين الذين يستخدمونها عارية عن البيانات أو ببيانات خاطئة قصدًا لإخفاء جرائمهم... ولَمّا كان في تفعيل هذه الخطوط وتشغيلها دون تسجيل بياناتها الصحيحة تسهيلٌ لما يمكن أن يرتكب من خلالها من فساد وجرائم صارت المساهمة في ذلك علي خلاف اللوائح التي فرضتها جهة الإدارة حرامًا شرعًا، بل إنه يُعَدُّ نوعَ مشاركة في إثم هذه الجرائم والمفاسد التي تُرتَكَب بسبب تفعيلها.